يعتبر لون العيون الزرقاء أحد أبرز السمات الجمالية التي تميز الأفراد، وهو ليس مجرد تفصيل جمالي، بل قد يحمل في طياته تأثيرات تتجاوز الشكل لتصل إلى القدرات الإدراكية، مثل القدرة على القراءة.
وقد كشفت أبحاث حديثة أن لون العين قد يلعب دورًا في التأثير على كيفية معالجة المعلومات البصرية وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالقدرة على القراءة.
كل هذا يفتح الباب أمام تساؤلات حول العلاقة بين لون العين والقدرة على القراءة، وهذا ما تشرحه هذه المقالة، للكشف عن هذا الجانب غير المعتاد من لون العين، وتلقي الضوء على الأسباب الجينية والفسيولوجية التي تؤدي إلى اختلافات لون العين بين الأشخاص.
العيون الزرقاء تمتاز بقدرة أكبر على القراءة من غيرها
يتمتع واحد من كل عشرة أشخاص حول العالم تقريباً بلون عين يمكن أن يكون مشابه للآخر، فيما يمكن أن ترتفع هذه النسبة بالنسبة لون العيون الزرقاء بما يعادل ثلاث أضعاف، أي من كل أربعة أفراد، في بعض المجتمعات الأوروبية.
ولطالما كان سبب استمرار هذا اللون الفيروزي والأزرق بدرجاته المختلفة، في المنافسة مع درجات اللون الترابية لقزحية العين ذات الصبغة الداكنة سببًا للعديد من التكهنات والبحث والدراسات.
والآن، يقترح علماء الأنثروبولوجيا في المملكة المتحدة أن العيون الزرقاء قد يكون لها ميزة طفيفة في ظل ظروف الإضاءة الخافتة، أو المظلمة في بعض الحالات، عند محاولة القراءة.
وحسب ما جاءت به تجربتهم الأولية، تم اكتشاف هذا الاحتمال من خلال دراسة شارك فيها 39 متطوعًا بالغًا خضعوا لاختبار بسيط للعين لمدة 30 ثانية تحت شدة ضوء متناقصة.
وقد تم الكشف عن ألوان العيون ذاتيًا، وذلك من خلال التحقق منها هل من الفئات الزرقاء أو البنية باستخدام دليل تصنيف تم تطويره مؤخرًا.
وهذا ما وفر للباحثين الذين عملوا على هذه الدراسة 25 شخصًا بدرجات مختلفة من العيون الزرقاء و14 شخصًا بعيون بنية فاتحة أو داكنة، وهي الدرجات الموجودة بكثرة عند الحديث عن عيون بلون بني.
وبمجرد تحليل الأرقام التي تم التوصل إليها، تمكن أولئك الذين لديهم عيون زرقاء فاتحة من قراءة الرموز الموضحة على الحائط تحت ضوء أقل بكثير، بحد أدنى 0.7 لوكس في المتوسط، وذلك مقارنة ببقية المشاركين ذوي العيون البنية، الذين بلغ متوسط قراءتهم للكلمات نفسها 0.82 لوكس على الأقل.
هذا ما جاء به تحليل الدراسة
مع الأخذ في الاعتبار أن الدراسة أولية، والتي تم التعامل فيها مع عينة صغيرة من المشاركين، لم تتم مراجعتها من قبل، تدعم نتائج التجربة النظرية القائلة بأن فقدان التصبغ في القزحية كان سمة مختارة في بعض السكان لتعظيم الرؤية في البيئات ذات الإضاءة المنخفضة.
إذ سواء كانت قزحية العين بنية اللون مع بقع طحلبية، أو رمادية مع حواف من اللون الفولاذي، أو خضراء مع أشكال تشبه أشعة كهرمانية، تتكون جميع القزحيات من زوج من “اللوحات” المرشوشة بكميات متفاوتة من البروتينات بشكل الميلانين.
إذ إن الجرعات الكبيرة من البروتينات الموجودة في القماش المغطى للقزحية تجعل العينين داكنتين، وهي التي تعني أن هناك ميلانين زائدًا أو كافيًا، وهو الذي يمنع الرؤية بوضوح في البيئات منخفضة الإضاءة.
لكن مع استنزاف التصبغ، فإن تشتت الضوء عبر الطبقات الشفافة للعين يعطي القزحية لوناً أزرق، ويصبح فاتحًا كلما خف التصبغ فيه، ولا يمكن مقارنته بالضوء المتناثر عبر الغلاف الجوي الذي يأخذ درجات لون السماء المألوفة.
يمكن أن نفترض أن التطور قد منحنا قزحية مصطبغة لسبب وجيه، وذلك نظرًا لأن الأشخاص ذوي العيون الداكنة لديهم حالات أقل من أمراض خطيرة مثل السرطان والتنكس البقعي، فمن المرجح أن القزحية المليئة بالميلانين تمنح درجة معينة من الحماية من مخاطر هذه الأمراض.
أسباب تحكي عن تغير لون العيون
كما أن هناك سبب آخر لنقص الميلانين في العينين عند البشر، وهو المرتبط بالطبيعة، وذلك عندما حدثت طفرة في نسخة فرد واحد من جين مرتبط بالمهق، مما أعطى الجسم القدرة على تخفيف مستوى الميلانين في مكان محدد للغاية في جسم الإنسان وهو العينين، التي يتحول لونها بهذا الشكل إلى الأزرق.
وإذا حدث هذا التغيير الجيني أيضًا لدى آخرين في أوقات أخرى من الزمن، فقد ضاع منذ فترة طويلة في طريق مسدود للتطور. ولكن هذا الحدث انتقل إلى سلالات مختلفة عبر العصور، ليتم اكتشافه اليوم في مئات الملايين من الأشخاص حول العالم.
ومثل العديد من التكيفات، من المرجح أن يكون تفسير استمرار هذه الطفرة أو سبب استمرارها معقدًا، ويرتبط بعوامل بيئية أو جينية أخرى لم يتم الكشف عنها بعد.