قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد 18 أغسطس/آب 2024، إن بلاده تخوض مفاوضات “معقدة للغاية”، لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، مدعياً أن “الضغط يجب أن يوجه نحو حركة حماس وليس إسرائيل”.
ووفقًا ما جاء في بيان لمكتبه، استنكر نتنياهو ما وصفه برفض حماس “المتعنت”، وقال إن “حماس حتى الآن مصرة على رفضها ولم ترسل حتى ممثلاً لها إلى مفاوضات الدوحة. لذلك يجب أن يوجه الضغط على حماس و(رئيس مكتبها السياسي يحيى) السنوار وليس على الحكومة الإسرائيلية”.
وتحدث نتنياهو، في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته، عقب جلسة نقاش أجراها مع الوفد الإسرائيلي المفاوض قبيل توجهه إلى القاهرة لإجراء مفاوضات حول صفقة لوقف الحرب وتبادل الأسرى مع حركة حماس، وفق صحيفة “معاريف” العبرية.
وأضاف نتنياهو أن “إسرائيل مستعدة لمواجهة أي تهديد، سواء في الدفاع أو الهجوم”، موضحًا: “مصممون على الدفاع عن أنفسنا، ومصممون أيضًا على جعل أي عدو يجرؤ على مهاجمتنا من أي ساحة، يدفع ثمنًا باهظًا”، على حد قوله.
ومنذ نحو 20 يومًا، تتأهب إسرائيل لرد فعل من إيران و”حزب الله” على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية بطهران نهاية يوليو/ تموز الماضي، والقيادي العسكري بالحزب فؤاد شكر ببيروت في اليوم السابق.
وبينما تبنت تل أبيب اغتيال شكر، تلتزم الصمت حيال اتهام إيران وحماس لها باغتيال هنية عبر قصف مقر إقامته خلال زيارة لطهران، وإن ألمح نتنياهو لمسؤولية بلاده، التي تمتلك سجلًا طويلًا من الاغتيالات داخل وخارج فلسطين.
ومضى نتنياهو، قائلًا: “نتفاوض لإطلاق سراح المختطفين”، معتبرًا أن تل أبيب “تخوض مفاوضات (معقدة للغاية) مفاوضات أخذ وعطاء، وليس عطاء وعطاء”.
وأردف: “هناك أشياء يمكننا أن نكون مرنين بشأنها، وأشياء أخرى لا يمكننا أن نكون مرنين بشأنها ونصر عليها. ونعرف جيدًا كيف نفرق بين الاثنين”، دون إيضاحات.
وتحتجز تل أبيب في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و500 فلسطيني، وتقدر وجود 115 أسيرًا إسرائيليًا بغزة، أعلنت حماس مقتل أكثر من 70 منهم في غارات عشوائية شنتها إسرائيل.
“مبادئ” 27 مايو
نتنياهو زاد بقوله: “نتمسك بالمبادئ التي أرسيناها، وهي ضرورية لأمن إسرائيل، وهذه المبادئ تتفق مع مخطط 27 مايو (أيار) الذي حظي بدعم أمريكي”.
وطالبت حماس وفصائل فلسطينية أخرى بإلزام إسرائيل بما سبق الاتفاق عليه، استنادًا إلى مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووضع آليات لتنفيذه، بدلًا من إجراء مزيد من المفاوضات مع استمرار المجازر الإسرائيلية.
ويقصد نتنياهو بمبادئ 27 مايو؛ ما تحدث عنه في هذا التاريخ بشأن تقديمه مقترحًا للوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، يتضمن السيطرة على محور فيلادلفيا (صلاح الدين) ومعبر رفح على الحدود بين غزة ومصر.
كما تحدث آنذاك عن منع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية من جنوب قطاع غزة إلى شماله، وإمكانية استئناف الحرب، في حال تعثر تطبيق أي اتفاق مع حماس.
وتصر حماس في المقابل على إنهاء الحرب على قطاع غزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم، ضمن أي اتفاق لتبادل أسرى.
شروط جديدة
وحديث نتنياهو عما أسماه “مبادئ 27 مايو” يعني وفق مراقبين إصرارًا على شروط ترفضها حماس، بل وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ورئيس المخابرات الخارجية (الموساد) دافيد برنياع من أنها ستعرقل إبرام أي اتفاق.
ومساء الجمعة، عاد وفد التفاوض الإسرائيلي، برئاسة برنياع، إلى تل أبيب، بينما بقي في الدوحة وفد عمل بمستوى أقل، حسب إعلام عبري.
وسيغادر الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة، الأحد؛ لإجراء مزيد من المباحثات، تزامنًا مع زيارة يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل، في محاولة لتضييق الفجوات في قضايا خلافية.
زيارة بلينكن لإسرائيل
وتأتي تصريحات نتنياهو قبيل زيارة متوقعة لوزير الخارجية الأمريكي، يوم الأحد، إلى إسرائيل ضمن جهود أمريكية للدفع قُدمًا نحو إبرام صفقة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى والمحتجزين.
وسيلتقي بلينكن قادة إسرائيل، في حين لم يُعلن عن محطات أخرى في رحلته، على خلاف زياراته السابقة التي تضمنت لقاءات مع قادة في عدد من الدول العربية بالمنطقة.
وستكون زيارة بلينكن هي العاشرة إلى المنطقة منذ بدء الحرب، وتأتي بعد أيام من طرح الولايات المتحدة مقترحات لسد الفجوات تعتقد دول الوساطة أنها قد تفلح في تقريب وجهتي نظر الطرفين.
وحسب القناة “12” العبرية (خاصة)، تأمل الولايات المتحدة في عقد اجتماع آخر نهاية الأسبوع الجاري، لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل اتفاق.
وأعلن الوسطاء، مساء يوم الجمعة، أن الولايات المتحدة قدمت مقترحًا جديدًا لتقليص الفجوات بين إسرائيل وحماس، وفق بيان مصري قطري أمريكي مشترك في ختام اليوم الثاني والأخير لجولة محادثات الدوحة.
وتأمل واشنطن أن يسهم اتفاق بين حماس وإسرائيل على وقف الحرب وتبادل الأسرى في ثني إيران و”حزب الله” عن الرد على اغتيال هنية وشكر.
وفي 2 يوليو/تموز الماضي، قدم الوسطاء لحماس بنود إطار لاتفاق، استنادًا إلى مقترح إسرائيلي عرضه بايدن نهاية مايو/أيار الماضي.
وهذه البنود تتضمن وقفًا شاملاً للحرب وانسحابًا إسرائيليًا كاملاً من قطاع غزة، وكسر الحصار، وإعادة فتح المعابر، وإعمار القطاع، وتبادل الأسرى.
لكن إسرائيل ترفض إنهاء الحرب، وتواصل ارتكاب المجازر ووضع شروط جديدة، لا سيما البقاء في محور فيلادلفيا وممر نتساريم وسط قطاع غزة.
وبدعم أمريكي، أسفرت حرب إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن نحو 133 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.