أعلن مصرف ليبيا المركزي، في بيان رسمي، يوم الأحد 18 اغسطس/ آب 2024، اختطاف مدير إدارة تقنية المعلومات، المهندس مصعب مسلم، مؤكدا إيقاف جميع أعمال المصرف إلى حين إطلاقه.
وأوضح المصرف، في بيان، أن مسلم اختطف “من قِبل جهة مجهولة من أمام بيته صباح اليوم الأحد عند الساعة 9 صباحًا، بينما جرى تهديد بعض المسؤولين الآخرين بالخطف”.
وأكد رفضه “هذه الأساليب الغوغائية التي تمارسها بعض الأطراف خارج إطار القانون، والتي تهدد سلامة موظفيه، واستمرار عمل القطاع المصرفي”، مشيرا إلى “إيقاف جميع أعماله وإداراته ومنظوماته، وعدم استئنافها حتى الإفراج عنه، وعودته للعمل، وإيقاف مثل هذه الممارسات”.
في سياق موازٍ فقد أصدر مجلس النواب الليبي الموجود في طبرق، بيانا يوم السبت أكد فيه رفضه “محاولات عدد من الأشخاص السيطرة على مصرف ليبيا المركزي خلال اليومين الماضيين”، داعيا النائب العام إلى التدخل.
وأضاف البيان أن تلك المحاولات بدأت بالتحريض على اقتحام مقر المصرف ثم محاولة إيجاد مبرر لعزل محافظه الصديق الكبير بالقوة والتهديد، بحجة أن مجلس النواب سبق له اتخاذ قرار بتكليف محافظ جديد.
وأوضح المجلس أنه “عندما يتخذ قرارات بشأن التكليف أو الإقالة من مختلف المناصب السيادية فإن الغرض من هذه القرارات الإصلاح ومحاربة التقصير ومكافحة الفساد أو انتهاء المدة القانونية”.
وتابع البيان أن تنفيذ القرارات “يكون بالسبل القانونية والإدارية السليمة بما يتفق والتشريعات النافذة، وليس بغرض التسلل لخزائن المصرف ونهبها من خلال طرد محافظ وتمكين محافظ آخر تحت التهديد وبالقوة المسلحة الخارجة عن القانون وسلطة الدولة بعد أن عجزوا عن تحطيم أبوابه ودخوله عنوة”.
وشدد المجلس على رفضه هذه التصرفات، مطالبا النائب العام بالتصدي لها واتخاذ الإجراءات القانونية لحماية مصرف ليبيا المركزي “مصرف كل الليبيين ومستودع ثرواتهم من العبث، وهي مسؤولية وطنية وأخلاقية قبل أن تكون قانونية واجبة”.
كما طالب المجلس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بـ”اتخاذ موقف واضح وجاد ضد هذه المحاولات العبثية وإحاطة مجلس الأمن بالمخاطر التي تهدد مصرف ليبيا المركزي”.
في سياق موازٍ فقد بحث محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير مع كل من القائمة بأعمال المبعوث الأممي ستيفاني خوري، ومبعوث الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند (في لقاءين منفصلين) ما سماه “التهديدات المحيطة بالمصرف”، فيما أكد نورلاند رفضه استبدال إدارة أو قيادة المصرف بالقوة.
وقال محافظ البنك المركزي الليبي الصديق الكبير إن البنك يتعرض لتهديدات متزايدة تطال أمنه وسلامة موظفيه وأنظمته، في حين حذرت واشنطن من استبدال المحافظ بالقوة.
جاء ذلك خلال لقاء جمع الصديق الكبير والمبعوث الأميركي لليبيا ريتشارد نورلاند بمقر سفارة واشنطن في العاصمة التونسية.
وقال مصرف ليبيا المركزي في بيان إن محافظه والمبعوث الأميركي ناقشا خلال اجتماع في تونس التطورات الأخيرة بشأن المصرف والتهديدات المتزايدة التي تطال أمنه وسلامة موظفيه وأنظمته.
وأكد المبعوث الخاص -وفق بيان البنك- دعم بلاده الكامل لمصرف ليبيا المركزي تجاه تلك التهديدات والمحافظة على استقرار المصرف المركزي من أجل القيام بالدور المناط به على أكمل وجه.
وعن اللقاء ذاته، قال السفير نورلاند: “التقيت يوم الاثنين بمحافظ مصرف ليبيا المركزي لمناقشة التحركات المقلقة للجماعات المسلحة حول مقر المصرف”.
وأضاف أن ظهور موجة جديدة من المواجهات بين الجماعات المسلحة في الأيام الأخيرة يبرز المخاطر المستمرة الناتجة عن الجمود السياسي في ليبيا، في إشارة إلى معارك بين كتائب مسلحة، جرت يوم الجمعة الماضي، بمنطقة تاجوراء شرقي العاصمة طرابلس، وأسفرت عن مقتل 9 أشخاص.
وأوضح نورلاند أن التهديدات لأمن موظفي المصرف المركزي وعملياته غير مقبولة، مؤكدا وجوب حماية نزاهة مصرف ليبيا المركزي كما باقي المؤسسات السيادية الأخرى في ليبيا.
وحذر المبعوث الأميركي من أن محاولة استبدال قيادة المصرف بالقوة قد تؤدي إلى فقدان ليبيا الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.
وأكد أن النزاعات حول توزيع ثروات ليبيا يجب أن تحل من خلال مفاوضات شفافة وشاملة نحو تحقيق ميزانية موحدة تعتمد على التوافق.
وتداول نشطاء ليبيون خلال اليومين الماضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا تفيد بعزم رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إقالة المحافظ بالاستعانة بقوى عسكرية غربي البلاد، بعد ضغوطات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة. ولم يصدر تعليق فوري من المنفي أو الدبيبة على تلك الأخبار.
ومؤخراً، تدهورت العلاقات بين الدبيبة ومحافظ البنك المركزي الذي ظهر قبل نحو شهر في لقاء جمعه لأول مرة مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، رغم أن الأخير كان يصرح مراراً بأن محافظ البنك مُقال من منصبه ووجوده على رأس البنك أمر غير شرعي.
وحاليا توجد في ليبيا سلطتان متنازعتان: حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً برئاسة الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس وتدير غرب البلاد، والثانية حكومة أسامة حماد ومقرها بنغازي وتدير كامل شرق البلاد ومدن بالجنوب.
وقد خلق تنازع السلطة أزمة سياسية يأمل الليبيون حلها عبر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وسط جدل حول قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.