نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، السبت 17 أغسطس/آب 2024، عن مسؤولين ودبلوماسيين أن أوكرانيا وروسيا كانتا على وشك إرسال وفديهما إلى الدوحة هذا الشهر للتفاوض على اتفاق تاريخي لوقف إطلاق نار جزئي.
المسؤولون والدبلوماسيون أوضحوا أن المحادثات غير المباشرة بوساطة قطرية خرجت عن مسارها بسبب التوغل المفاجئ لأوكرانيا في منطقة كورسك في روسيا الأسبوع الماضي، مشيرين إلى أن بعض المشاركين في المفاوضات كانوا يأملون أن تؤدي المفاوضات إلى التوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً لإنهاء الحرب.
كما قال دبلوماسي مطلع على المحادثات للصحيفة الأمريكية إن المسؤولين الروس أرجأوا اجتماعهم مع المسؤولين القطريين بعد توغل أوكرانيا في غرب روسيا، مشيراً إلى أن وفد موسكو وصف التوغل الأوكراني في روسيا بأنه “تصعيد”.
وأضاف أن كييف لم تُبلغ الدوحة بهجومها على الأراضي الروسية. وأوضح الدبلوماسي أن روسيا لم تُلغِ المحادثات، بل طلبت منحها مزيداً من الوقت. وحسب الدبلوماسي، فإن أوكرانيا أرادت إرسال وفدها إلى الدوحة، إلا أن قطر رفضت ذلك لأنها لم تر أن الاجتماع من جانب واحد سيكون مفيداً.
في السياق، قال دبلوماسي مطلع على المحادثات إن الدوحة كانت تناقش الترتيبات الخاصة بوقف استهداف البنية التحتية للطاقة والكهرباء على الجانبين. فيما قال مسؤول آخر مطلع على المحادثات: “بعد الهجوم على كورسك، تراجع الروس”.
من جهته، أشار أكاديمي روسي تربطه علاقات وثيقة بدبلوماسيين روس كبار إلى أن بوتين لن يتجاوب مع إبرام صفقة بعد هجوم كورسك. وأضاف: “كما تعلمون، فإن قيادتنا الروسية لا تقدم عادة أي تنازلات تحت الضغط”.
ولم يتم الإبلاغ عن تفاصيل الاتفاق المحتمل والقمة المخطط لها مسبقًا.
ولأكثر من عام، قصفت روسيا شبكة الكهرباء الأوكرانية بوابل من الصواريخ والمسيرات، مما تسبب في أضرار ضخمة لمحطات الطاقة، وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد.
في المقابل، ضربت أوكرانيا منشآت النفط الروسية بمسيرات بعيدة المدى أشعلت النيران في مصافي النفط ومستودعاته وخزاناته، مما أدى إلى انخفاض تكرير النفط في موسكو بنسبة تقدر بـ 15 بالمئة وارتفاع أسعار الغاز حول العالم.
ويشدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن كييف ستنظر في وقف شامل لإطلاق النار فقط إذا سحبت روسيا أولاً جميع قواتها من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، التي غزتها روسيا وضمتها في عام 2014.
وعلى الجهة الأخرى، يطالب نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بأن تتنازل أوكرانيا أولاً عن أربع مناطق أوكرانية، بما في ذلك بعض الأراضي التي لا تحتلها القوات الروسية والتي أعلنها الكرملين جزءاً من روسيا.
ولم يلتق المسؤولون الأوكرانيون والروس وجهاً لوجه لإجراء محادثات منذ الأشهر الأولى من الحرب، عندما اجتمع وفدا الجانبين لإجراء محادثات سرية في إسطنبول، قبل أن تنهار تلك المفاوضات.
ولاحقًا، اتفق الجانبان على صفقة حبوب أدت إلى رفع روسيا مؤقتًا الحصار البحري، مما سمح لأوكرانيا بنقل الحبوب عبر البحر الأسود.
وانهارت تلك الصفقة أيضًا بعد أشهر إثر انسحاب روسيا منها، كما فشلت محاولات أخرى لإنشاء ممرات إنسانية إلى حد كبير.
قمة الدوحة
وردا على أسئلة من صحيفة واشنطن بوست، قال المكتب الرئاسي الأوكراني في بيان إن قمة الدوحة أُجِّلت “بسبب الوضع في الشرق الأوسط”، لكنها ستعقد في شكل مؤتمر فيديو في 22 أغسطس/آب، وبعد ذلك ستتشاور كييف مع شركائها حول تنفيذ ما تمت مناقشته.
ولم يرد الكرملين على طلبات التعليق. رفض البيت الأبيض الذي لطالما شدد على أن توقيت وشروط اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار مع روسيا هي من اختصاص أوكرانيا وحدها، (رفض) التعليق على الموضوع.
وقال الدبلوماسي المطلع على المحادثات إن كييف وموسكو أشارتا إلى استعدادهما لقبول الترتيبات في الفترة التي سبقت القمة. لكن كبار المسؤولين في كييف كانت لديهم توقعات متباينة بشأن ما إذا كانت المفاوضات يمكن أن تنجح، حيث قدر البعض الاحتمالات بنسبة 20 بالمئة وتوقع آخرون احتمالات أسوأ حتى، وفقا لشخصين مطلعين على المحادثات، حتى لو لم يحدث هجوم كورسك.
وأفاد المصدر ذاته، بأن قطر كانت تناقش الترتيبات الخاصة بوقف الهجمات على قطاع الطاقة مع كييف وموسكو على مدى الشهرين الماضيين، مضيفا أن الجانبين اتفقا على عقد قمة في الدوحة مع بقاء بعض التفاصيل البسيطة التي يتعين الاتفاق عليها.