كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلّة JAMA Network Open أنّ ملايين الأشخاص الذين يتناولون المكملات النباتية الشهيرة على غرار الكركم والشاي الأخضر بهدف تحسين صحّتهم العامّة فإنهم في الواقع يُعرّضون أنفسهم للخطر، وذلك عن طريق احتمال تضرّر كبدهم بسبب ما تحتويه هذه النباتات من سموم.
ويلجأُ العديد من الأشخاص إلى تناول الكركم والشاي الأخضر كوسائل طبيعية لتخفيف التوتر وإنقاص الوزن. حيثُ يُعرفُ عن الكركم، بفضل خصائصه المضادة للالتهابات، أنه خيار شائع لدعم الصحة العامة والحد من التوتر، في حين يُستخدم الشاي الأخضر عادةً كأداة لتعزيز عملية الأيض ودعم فقدان الوزن، بفضل احتوائه على مضادات الأكسدة التي قد تعزز حرق الدهون وتزيد من مستويات الطاقة.
ولكن على الرغم من هذه الفوائد المحتملة، قدة حذّرت الدراسة الحديثة من أضرار تناول هذه المكملات النباتية.
دراسة تُحذّر من المخاطر المرتبطة بالمكملات النباتية
قام الباحثون بإجراء دراسة تحليلية شملت بيانات من عام 2017 إلى عام 2021، والتي تضمنت 9685 شخصاً. واكتشفوا أن حوالي 4.7% من البالغين في الولايات المتحدة قد استخدموا أحد المكملات الغذائية الستة السامة المحتملة خلال الشهر الذي سبق استطلاع الرأي، تصدّرت القائمة المكملات مثل الكركم، والشاي الأخضر.
وأظهرت الدراسة أن مستخدمي هذه المكملات النباتية غالباً ما يتناولون الأعشاب والنباتات بمبادرة شخصية، دون استشارة طبية، لمعالجة مشاكل صحية متنوعة. على سبيل المثال، يتم استخدام الكركم لدعم صحة المفاصل والتخفيف من التهابها، ومستخلص الشاي الأخضر لزيادة مستويات الطاقة، وأرز الخميرة الحمراء لتحسين صحة القلب.
أما بالنسبة للشاي الأخضر، فقد ركزت الدراسة على مستخلصه وليس على المشروب نفسه، الذي لم يرتبط بحالات تسمم الكبد، مع توصية بالاكتفاء بحد أقصى قدره ثمانية أكواب يومياً.
في حين أن الأخبار المتعلقة بحالات تسمم الكبد بسبب المكملات النباتية ليست حديثة، حيث تم الإبلاغ عن زيادتها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، لذلك يشعر الأطباء والباحثون بالقلق إزاء عدم وعي البعض بالمخاطر الجسيمة للجرعات الزائدة. هذه الجرعات قد تؤدي إلى دخول الأشخاص إلى أقسام الطوارئ بالمستشفيات، حيث ارتفعت هذه الحالات من 7% إلى 20% بين عامي 2004 2014.
استخدام المكمّلات النباتية يرتبط بالتسمّم الكبدي
أفاد الباحثون بقيادة أليسا ليخيتسوب، الأستاذة المساعدة في أمراض الجهاز الهضمي، أن “استخدام المكملات العشبية والغذائية يشكل نسبة متزايدة من حالات التسمم الكبدي الناجم عن الأدوية”.
يُعرف هذا التسمم بإصابة حادة أو مزمنة في الكبد، ويُشار إليه أيضًا بمرض الكبد السام. تشمل أعراضه وفقاً لما ذكره موقع WEB MD اصفرار الجلد، التعب، الغثيان، الطفح الجلدي، الحكة، وألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن. بينما يمكن علاجه عن طريق إزالة العامل السام، قد تتفاقم الحالة إلى درجة تتطلب زراعة كبد أو حتى تؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم التدخل الطبي في الوقت المناسب.
ضرورة الوعي بخطورة المكمّلات النباتية
ولا يدعو الباحثون إلى الامتناع التام عن استخدام المكملات النباتية، بل يشددون على ضرورة اليقظة والوعي بمكونات تلك المكملات والجرعات المناسبة.
ويؤكدون بشكل خاص على أهمية الحذر عند تناول مزيج من المكملات أو عند الجمع بينها وبين أدوية أخرى تُستخدم لعلاج حالات مزمنة. قد يؤدي هذا التداخل إلى مزيج سام يمكن أن يكون قاتلاً في بعض الأحيان، لذا من الضروري أن يكون المستخدمون على دراية بالمخاطر المحتملة وأن يتعاملوا بحذر مع مثل هذه التوليفات.
أوضح الباحثون في دراستهم أنه “نظراً لغياب الرقابة التنظيمية الكافية على تصنيع واختبار المنتجات العشبية، ينبغي على الأطباء أن يحصلوا على تاريخ طبي كامل يشمل استخدام المكملات العشبية والغذائية عند تقييم المرضى الذين تظهر لديهم أعراض غير مفهومة أو نتائج غير طبيعية في اختبارات الكبد”.
كما ذكروا أن التجارب السريرية التي أجريت على هذه المكملات لم توفر أدلة قوية تثبت فوائدها مقارنة بالمخاطر المرتبطة بتناول جرعات مرتفعة. وتعتمد الجرعات الآمنة لكل مكمل على عوامل مثل الأدوية الأخرى التي قد يتناولها الشخص، إلى جانب صحة الكبد والحالات الطبية المصاحبة. وبالتالي، يجب تخصيص توصيات الجرعات الآمنة لكل حالة على حدة.