تتسع الشقوق في الخلاف العلني بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت في أحدث خلاف يظهر استياء متزايداً من تعامل نتنياهو مع الحرب في وقت حساس حيث تستعد إيران لشن هجوم على تل أبيب٬ كما يقول تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
وتستعد إسرائيل لرد إيراني محتمل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية٬ بالإضافة إلى اغتيال فؤاد شكر القيادي الكبير في حزب الله٬ حيث توعدت الجماعة اللبنانية إسرائيل برد قاس قد يتزامن مع الرد الإيراني٬ ومن المقرر أن تبدأ جولة جديدة من مفاوضات لوقف إطلاق يقودها الوسطاء يوم الخميس 15 أغسطس/آب.
وتقول حركة حماس إنها تطالب الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه بتاريخ 2 تموز/يونيو 2024 استنادا لرؤية بايدن وقرار مجلس الأمن، وإلزام الاحتلال بذلك، بدلاً من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال، وتمنحه مزيداً من الوقت لإدامة حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
غالانت: “النصر المطلق مجرد هراء”.. ونتنياهو يرد
وفي يوم الاثنين 12 أغسطس/ آب 2024، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن وزير الدفاع يوآف غالانت أدان وصف (النصر الكامل)، وهي العبارة التي كررها نتنياهو بشكل متكرر خلال الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر في غزة٬ ووصفه ذلك بـ”الهراء” وهو ما أزعج نتنياهو وقال إن “غالانت يتبنى خطاباً يضر بإسرائيل”.
وتحدث غالانت لأول مرة عن أن إسرائيل هي من تعرقل الوصول إلى صفقة لتبادل الأسرى، وفق هيئة البث الإسرائيلية الرسمية. ومتحدثا عن نتنياهو، قال غالانت: “أسمع طبولا وثرثرة عن النصر المطلق. من المؤسف أنهم في الغرف (المغلقة) لم يظهروا نفس الشجاعة”.
وأوضحت القناة أن “غالانت كان يشير إلى رغبته في تنفيذ ضربة استباقية ضد “حزب الله” في بداية المواجهات الراهنة، وهو ما عارضه نتنياهو، حسب وسائل إعلام”. وقال غالانت: “في 11 أكتوبر أردت الهجوم على لبنان لكن مجلس الوزراء الإسرائيلي لم يوافق ولا أوصي بذلك الآن لأنها مغامرة”. وأضاف: “نحن في أيام اليقظة والاستعداد والتهديدات من طهران وبيروت قد تتحقق”.
وأدت الحرب، التي بدأت يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول عن مقتل 1400 إسرائيلي في اللحظات الأولى للهجوم ومئات الجنود الآخرين خلال الحرب البرية وجرح نحو 10.000 جندي وأسر نحو 250 آخرين في غزة.
واستشهد نحو 40 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 100 ألف آخرين٬ ولقد تعرض نتنياهو لانتقادات متكررة خارجياً وداخلياً بما في ذلك من جانب أعضاء حكومته، بسبب افتقاره إلى أهداف استراتيجية واضحة، أو خطة لما بعد الحرب في غزة، أو حتى تعريف محدد لكيفية تحقيق “النصر الكامل” الذي يظل يردده نتنياهو.
ويبدو أن تصريحات غالانت عن “هراء” هذا “النصر الكامل” على حماس٬ جاءت خلال جلسة استماع مغلقة أمام لجنة برلمانية إسرائيلية، وتم تسريبها إلى وسائل الإعلام. ورد نتنياهو قائلاً إن “غالانت كان ينبغي أن ينتقد زعيم حماس يحيى السنوار بدلاً من ذلك” على حد تعبيره.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان: “عندما يتبنى غالانت الرواية المعادية لإسرائيل، فإنه يضر بفرص التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن”. وحاول غالانت تخفيف حدة التوترات من خلال الرد بأن “أولويته هي حماية مواطني إسرائيل وإيذاء أعدائنا”.
هل يقيل نتنياهو غالانت قريباً؟
كان غالانت، وهو عضو في حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو، قد أثار غضب رئيس الوزراء العام الماضي بمعارضته العلنية لمساعيه المثيرة للجدل لإدخال تغييرات على القضاء الإسرائيلي. وعندما حاول نتنياهو إقالة غالانت، اندلعت احتجاجات حاشدة، حيث خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع في منتصف الليل.
وقال مسؤول إسرائيلي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لوكالة AP الأمريكية إن نتنياهو لا يفكر في إقالة غالانت في الوقت الحالي. ويعد غالانت أحد الأصوات القليلة التي تعارض نتنياهو في الحكومة بعد رحيل بيني غانتس، الذي غادر ائتلاف الوحدة في وقت سابق من هذا العام بسبب الخلافات مع نتنياهو على عقد صفقة لتبادل الأسرى مع حماس.
والعداوة بين رئيس الوزراء ووزير دفاعه ظلت قائمة خلال شهور الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي الأسبوع الأول من شهر أغسطس/آب الحالي، أشارت مصادر صحفية إلى أن نتنياهو يدرس إقالة غالانت وتعيين رئيس حزب الأمل الجديد، جدعون ساعر، في منصبه.
ووفقاً لصحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلاً عن مصادر في حزب الليكود فإن “نتنياهو يرغب في إقالة غالانت، لكنه لم يصل إلى هذه المرحلة بعد. ولن يخاطر الآن، بسبب ردود الفعل التي من المرجح أن تخلقها مثل هذه الخطوة”.
فيما أفادت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية أنّ نتنياهو لا ينوي إقالة وزير الحرب يوآف غالانت، وذلك بسبب خشيته من انعكاس ذلك سلبياً على العلاقات مع الولايات المتحدة.
وقالت مصادر داخل حزب الليكود لهآرتس: “على النقيض من رئيس الوزراء، يتمتع وزير الدفاع بثقة الإدارة الأمريكية ويعتبر صوتاً ضد نتنياهو، الذي ينظر إليه على أنه شخص يتخذ قرارات من المفترض أن تدعم بقاءه الشخصي”. وبالاضافة إلى ما سبق، أوضح مصدر داخل الليكود في حديث مع هآرتس إلى أن خشية نتنياهو من ساعر وإمكانية انقلابه عليه لاحقاً تجعله قلقاً من تعيينه بدلاً لغالانت.