تخوض القوات الروسية يومها السادس من المعارك ضد أكبر توغل
أوكراني
يحرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منذ عامين على الحرب، وسط تساؤلات حول أهداف العملية الأوكرانية، ومدى قدرتها على الاستمرار.
والسبت، أعلنت روسيا تطبيق “نظام عمليات مكافحة الإرهاب” في ثلاثة مناطق حدودية، وهي بريانسك وبيلغورود وكورسك، حيث ذكرت وزارة الدفاع الروسية، أن الدبابات اتخذت مواقع لإطلاق النار ضد مجموعات مدرعة أوكرانية في كورسك الروسية.
فيما ذكرت تقارير إعلامية، أن روسيا خاضت السبت معارك ضارية ضد آلاف الجنود الأوكرانيين على عمق 20 كيلومترًا داخل منطقة كورسك.
والأحد، قالت وزارة الدفاع الروسية، إن وحداتها الجوية دمرت 14 طائرة مسيرة وأربعة صواريخ باليستية تكتيكية أطلقتها أوكرانيا فوق كورسك.
كما أضافت أن 16 طائرة مسيرة أُسقطت فوق فورونيج على بعد مئات الكيلومترات جنوبي موسكو، وثلاث طائرات مسيرة فوق منطقة بيلغورود الحدودية.
زيلينسكي يعلّق على الأكبر توغل أوكراني بروسيا
ولأول مرة، أقر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأكبر توغل أوكراني بروسيا، مشيراً إلى أن قواته تخوض قتالا في إطار هجوم مفاجئ بمدينة كورسك الروسية، بحسب وكالة رويترز.
وفي خطابه مساء السبت، عبر الاتصال المرئي، قال زيلينسكي إنه ناقش العملية مع القائد العام للقوات المسلحة ألكسندر سيرسكي، وتعهد باستعادة العدالة بعد أن شنت روسيا “عدوانا” واسع النطاق على جارتها الأصغر في فبراير/ شباط 2022.
حيث قال زيلينسكي بشأن الأكبر توغل أوكراني بروسيا: “اليوم تلقيت عدة تقارير من القائد العام سيرسكي بشأن الخطوط الأمامية وإجراءاتنا لدفع الحرب إلى أراضي المعتدي”.
وتابع “تبرهن أوكرانيا أنها قادرة بالفعل على استعادة العدالة وضمان الضغط اللازم على المعتدي”.
وتقول تقارير إعلامية إن ما يصل إلى ألف جندي أوكراني، تدعمهم الدبابات والمركبات المدرعة دخلوا منطقة كورسك صباح الثلاثاء الماضي، وتشير إلى أن الأوكرانيين استولوا منذ ذلك الحين على عدد من القرى، كما يهددون أيضا مدينة سودزا.
أكبر توغل أوكراني بروسيا
يحرج بوتين
ووصف بوتين الهجوم الأوكراني بأنه استفزاز كبير، في حين أشار محللون عسكريون إلى أن الهجوم فاجأ الكرملين، وفقا لوكالة رويترز.
في الوقت ذاته قال الجنرال فاليري جيراسيموف رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، إن الهجمات توقفت لكن روسيا لم تتمكن حتى الآن من إبعاد القوات الأوكرانية إلى ما وراء الحدود.
لكن مدونون عسكريون روس، قالوا إن الوضع استقر بعد التعزيزات الروسية لكنهم قالوا أيضاً إن أوكرانيا تحشد قواتها بسرعة.
أكبر توغل أوكراني بروسيا.. ما هدفه؟
ويشكل هجوم كورسك بمثابة خطوة جريئة من جانب الجيش الأوكراني، ويقول جورج باروس من معهد دراسات الحرب في واشنطن، لشبكة “CNN” الأمريكية، إن الأوكرانيين “حققوا مفاجآت عملياتية” رغم الصعوبات الكبيرة، مشيرً إلى أنهم يستغلون حالياً افتقار روسيا إلى الاستعداد في مناطقها الحدودية.
وعلى الرغم من خسارتها المستمرة للأرض في شرق دونيتسك، اختارت روسيا إرسال عناصر من الألوية ذات الخبرة إلى الأراضي الروسية، بهدف يتمثل في إحراج الكرملين وإجبار وزارة الدفاع الروسية على إعادة نشر الموارد وتزويد الجبهة الداخلية بدفعة معنوية كانت في أمس الحاجة إليها.
وقد سمحت الاستخبارات الجيدة للوحدات المتقدمة بالتقدم إلى الأمام في ساحة معركة فوضوية إلى حد ما، متجاوزة في كثير من الأحيان الدفاعات الروسية، وبحلول الجمعة الماضية، فقدت السلطات الروسية السيطرة على ما لا يقل عن 250 كيلومترًا مربعًا من الأراضي، وفقًا لعدة تحليلات وخرائط CNN.
ومن بين الأماكن التي خضعت للسيطرة الأوكرانية مركز لنقل الغاز الطبيعي بالقرب من الحدود، والذي تزود روسيا أوروبا من خلاله بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي.
والجمعة، أعلنت قناة تليجرام العسكرية الأوكرانية أن المنشأة “تحت سيطرة الكتيبة الآلية 99 التابعة للواء الآلي 61″، إحدى الوحدات ذات الخبرة التي شاركت في الهجوم.
بحسب شبكة “CNN” فإن القوات الأوكرانية حتى لو تم تعزيزها، فلا يمكنها السيطرة أكثر على عدة مئات من الكيلومترات المربعة من الأراضي الروسية، وهي في الواقع قوة استكشافية وإن كانت متمرسة بالمعارك، فقد استغلت غياب المقاومة المنظمة لكسب الميدان بسرعة.
ويشير التقرير إلى أن السيطرة على جزء كبير من الأراضي الروسية أمر يتجاوز القدرات الأوكرانية، وربما يتجاوز هدفهم، وسوف
تترك
التعزيزات الروسية بصماتها في نهاية المطاف، حتى لو استغرق الأمر أكثر من ثلاثة أيام لبدء الدفاع الفعال.
والسبت، قالت وزارة الدفاع الروسية إن الوحدات “أحبطت محاولات مجموعات العدو المتنقلة للوصول إلى عمق” الأراضي الروسية بالقرب من بعض المناطق في كورسك.
ونقلت “CNN” عن الخبير العسكري الفنلندي، إميل كاستيهلمي، إن الوقت يمضي ضد الأوكرانيين، فلا يظل الروس غير منظمين إلى الأبد.
وحتى لو اضطر الأوكرانيون إلى الانسحاب من مواقع أكثر تقدمًا، فإن مثل هذه العملية تخدم عدة أغراض. ويقول باروس إنها “تكشف عن نقاط الضعف الحرجة للروس”.
فيما يعتقد ماثيو شميدت، أستاذ التخطيط الاستراتيجي في كلية الدراسات العسكرية التابعة للجيش الأمريكي، إن “الاستخدام الإبداعي للقوة من جانب الأوكرانيين كان يهدف للضغط على صناع القرار في موسكو”.
من جهته قال المدون العسكري الروسي فلاديسلاف شوريجين في منشور على تلغرام يوم الجمعة إن “العدو قد اختار استراتيجيات مختلفة بمهارة ودقة، مستغلاً الجمود البيروقراطي وتباطؤ نظام الإدارة الروسي، لإنهاك روسيا بضربات غير متوقعة على البنية التحتية الحساسة والسكان المدنيين، مما أثار الاستياء وخيبة الأمل”.
وتظهر عملية كورسك أيضاً لحلفاء أوكرانيا أنها لا تزال تملك القدرة لمفاجأة عدوها وإحراج الكرملين في وقت كانت فيه الكثير من الأخبار الواردة من الخطوط الأمامية قاتمة بالنسبة لكييف.
في الإطار، يقول شوريجين. “إن هدف هذه الاستراتيجية الجديدة هو وضع روسيا أمام احتمالات حرب باهظة التكاليف (ماليًا، وسمعةً، وتنظيميًا) وإجبارها على التفاوض على السلام بحلول نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول”.
وتجبر مغامرة كورسك التي شنتها أوكرانيا، وزارة الدفاع الروسية على اتخاذ بعض الخيارات الصعبة. حيث أظهرت أن الجماعات القائمة في كورسك مثل الحرس الوطني وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي والعناصر غير النظامية غير قادرة على محاربة الأوكرانيين، بحسب “CNN”.
من جهته، رأى دانييل فريد، الدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية، إن الغارة الأوكرانية الأخيرة أظهرت فشل الاستخبارات الروسية وضعفها على طول الحدود، مما دحض مزاعم الكرملين بأن المقاومة الأوكرانية عديمة الجدوى وأن دعم أوكرانيا غير فعال.
ويعتقد باروس، أن القيادة العسكرية الروسية قد تعيد نشر عناصر من فرقة الشمال التي أُنشئت حديثًا، ولكن ذلك سيؤدي على الأرجح إلى خلق نقاط ضعف في الدفاعات الروسية في أماكن أخرى من الحدود.
كما قد تلجأ روسيا
إلى
قواتها الاحتياطية الكبيرة في عملية واسعة النطاق، ولكن هذه القوات مازالت تنشط في العمليات الهجومية الروسية داخل أوكرانيا، أو
إلى
الطيران لمهاجمة المدرعات الأوكرانية داخل
كورسك
، مانعة القوات الأوكرانية من تعزيز مواقعها.
إلى ذلك، نقلت صحيفة “واشنطن بوست“، عن محللين أن هذا التحرك الأوكراني يمنح القوات دفعة معنوية بعد أن كانت روسيا قد استولت على زمام المبادرة في ساحة المعركة منذ أكثر من عامين، كما أنه يستخدم كرافعة في مفاوضات محتملة مع موسكو لإنهاء القتال.
الهجوم يحول مسار الرواية بالنسبة لكييف
من جهته، شكك وزير الدفاع الأوكراني السابق، أندريه زاجورودنيوك، في أن يكون لدى القيادة الأوكرانية خطط لاحتلال الأراضي الروسية أو الاحتفاظ بها للأبد.
وأيا كانت النتيجة النهائية لتوغل أوكرانيا في روسيا، فقد نجح هذا التوغل في تحويل مسار الرواية بالنسبة لكييف، فبدلا من التباكي على التقدم الروسي على الجبهة الشرقية كل يوم، يراقب الأوكرانيون بشغف ــ ويسخرون ــ من الأخبار التي تتحدث عن توغل قواتهم بشكل أعمق في منطقة كورسك الروسية، التي تحد منطقة سومي الأوكرانية، بحسب “واشنطن بوست”.
فيما قال مسؤول غربي للصحيفة الأمريكية، إن أوكرانيا أظهرت أنها قادرة على الرد، وتأتي العملية في توقيت مثالي قبل الانتخابات الأمريكية، لإعادة هذا الصراع إلى الواجهة.
ويعتقد المحللون أن الجيش الأوكراني ربما يناور لتحويل القوات الروسية عن أجزاء أخرى من خط المواجهة في شرق أوكرانيا. ومع ذلك، قد تخاطر أوكرانيا بنقل عدد أكبر من جنودها من الدفاع هناك، ما قد يؤثر على قدرتها على الصمود في وجه الهجمات الروسية المستمرة.
كما أنه إذا كانت أوكرانيا تنوي احتلال هذه الأراضي الروسية لفترة طويلة، فسوف يتطلب ذلك أيضًا عددًا كبيرًا من القوات للبقاء في مكانها.