امتداداً لأزمة المشاركة المصرية الخجولة في أولمبياد باريس 2024، استيقظ الشارع المصري يوم الجمعة 10 أغسطس/آب 2024 على وقع “فضيحة” جديدة بطلها المصارع محمد السيد “كيشو”.
لكن سرعان ما انفرجت أسارير المصريين بعد تبرئة اللاعب من تهمة التحرش الجنسي، وهي جوهر الشكوى التي تقدمت بها امرأة فرنسية وأوقف على إثرها “كيشو” من قبل الشرطة الفرنسية.
في السطور التالية نستعرض تفاصيل القصة التي استمرت أكثر من 24 ساعة، كانت الأقسى بكل تأكيد في مسيرة “كيشو” الذي تنفس الصعداء بتبرئته ونجاته هو ومسيرته الرياضية التي كانت مهددة بالشطب.
بداية أزمة كيشو
في فجر ذلك اليوم، ألقت الشرطة الفرنسية القبض على المصارع السيد بادعاء التحرش والاعتداء الجنسي على امرأة في أحد شوارع العاصمة باريس.
وجاء اعتقال السيد بعد ساعات من إقصائه من منافسات المصارعة لوزن 67 كيلوغراماً، أمام الأذربيجاني حسرات جعفروف، فيما أكدت الشرطة احتجازه في أحد المراكز التابعة لها.
وحسب زعم الشرطة، فإن الضحية “امرأة لم يُذكر أية تفاصيل إضافية عنها” تقدمت بشكوى ضد السيد، وأن الواقعة المزعومة حدثت بعد مغادرة اللاعب أحد مقاهي باريس الواقع في منطقة كاي داوسترليتز، وهو في حالة سُكر.
وقالت: “عند الساعة 4:30، ألقت الشرطة القبض على رياضي وهو في حالة سكر تام على الطريق السريع العام، يجري الحديث عن أنه وضع يده على جسد امرأة في الشارع أثناء مغادرته بعد أن قضى أغلب الليل هناك”. وفي الوقت نفسه، فتح مكتب المدعي العام في العاصمة الفرنسية تحقيقاً بشأن الواقعة.
ردود الفعل الرسمية في مصر
في ردود الفعل المصرية على الصعيد الرسمي، اجتمع وزير الرياضة أشرف صبحي برئيس اللجنة الأولمبية المصرية ياسر إدريس، من أجل دراسة اتخاذ إجراءات فورية بحق “كيشو”. كان أولها ترحيل اللاعب بمجرد الإفراج عنه، وتم توجيه تهمة للاعب بالإساءة إلى سمعة البلاد والمنظومة الرياضية المصرية.
وطالب بلاغ تقدّم به أحد المحامين المصريين بإدراج اسم “كيشو” على قائمة ترقب الواصلين إلى مطار القاهرة الدولي، ثم القبض عليه بمجرد الوصول إلى مصر. يأتي ذلك بعد أن قالت اللجنة الأولمبية المصرية في بيان رسمي بأنها أحالت “كيشو” إلى لجنة الهيئات والقيم للتحقيق معه.
وفي أهم ما جاء في البيان، بأنه تقرّر “إحالة اللاعب إلى لجنة الهيئات والأندية والقيم برئاسة اللواء شريف القماطي للتحقيق فيما نسب إليه من تصرفات غير مسؤولة، وذلك بعد انتهاء مشاركته في منافسات دورة الألعاب الأولمبية في باريس”.
وأوضح البيان: “أفاد رئيس اتحاد المصارعة ورئيس وفد المصارعة بأن اللاعب غادر البعثة بإذن من رئيس وفد المصارعة لمشاهدة المباراة النهائية للمصارعة في وزنه، ولم يعد لمقر البعثة وأغلق هاتفه”.
كما دعا البيان إلى “التطبيق الصارم للوائح في حق اللاعب وأي مسؤول آخر في وفد المصارعة تثبت مسؤوليته عن تلك التصرفات”، وأتم: “في حالة ثبوت مخالفة اللاعب فإن العقوبة قد تصل إلى الشطب النهائي واستبعاده من ممارسة اللعبة محلياً ودولياً”.
براءة كيشو من تهمة التحرش
وفي ساعات بعد الظهر بتوقيت القاهرة من يوم السبت 10 أغسطس/ آب 2024، أعلنت اللجنة الأولمبية المصرية براءة “كيشو” من التُهم الموجهة إليه، على أن يعود إلى البلاد في نفس اليوم مساءً.
وقالت اللجنة في بيان رسمي: “أفرجت الشرطة الفرنسية عن المصارع محمد إبراهيم “كيشو” لعدم ثبوت تهمة التحرش بفتاة فرنسية كما ادعت، وقد تم حفظ التحقيقات بشكل نهائي ضد اللاعب لعدم وجود أي أدلة تدينه”.
وأوضحت اللجنة: “تم تفريغ الكاميرات في مكان الواقعة ولم تجد جهات التحقيق الفرنسية أي فعل مشين من اللاعب المصري تجاه الفتاة، وبعد الإفراج عنه توجه كيشو إلى مطار شارل ديغول تمهيداً لعودته إلى القاهرة مساء اليوم السبت”.
وحسب البيان فإن مسار التحقيق مع اللاعب تحوّل الآن من الاتهام الباطل بالتحرش بفتاة فرنسية إلى تهمة الخروج من القرية الأولمبية وعدم العودة بعد نهاية المباراة.
العقوبات التي نجا منها “كيشو” في فرنسا
وفي حال تم إدانة السيد فإنه كان سيواجه عقوبة مغلظة وفق ما ينص القانون الفرنسي الذي لا يتساهل بتاتاً في موضوع التحرش والاعتداء على النساء.
وأقرت فرنسا عام 2018 قانوناً أُطلق عليه اسم “شيابا” تيمناً بمارلين شيابا وزيرة المساواة بين الجنسين السابقة، والذي يقضي بإنزال عقوبة السجن 4 سنوات على المتحرش أو المعتدي، أو فرض غرامة مالية تتراوح بين 750 إلى 1500 يورو، وتم رفعها إلى 3750 يورو في عام 2023.
العقوبات التي نجا منها “كيشو” في مصر
أكدت وسائل إعلام مصرية أنه يحق للقضاء محاكمة “كيشو” بمجرد وصوله إلى البلاد، على اعتبار أن ما فعله يُعد جريمة منصوص عليها في القانونين الفرنسي والمصري.
وجاء في نص المادة الثالثة من قانون العقوبات المصري: “كل مصري ارتكب وهو خارج البلاد فعلاً يعتبر جناية أو جنحة، يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى البلاد، وكان الفعل يُعاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبه فيه”.
ويعاقب القانون المصري المتحرش بالحبس مدة تتراوح بين سنتين وأربع سنوات، وبغرامة مالية لا تقل عن مئة ألف جنيه ولا تزيد على مئتي ألف جنيه، وفق المادة (306 مكرر أ).