الأخبار

إسرائيل تحاول إفزاع اللبنانيين به.. كيف يحدث اختراق جدار الصوت الذي يشبه انفجار الصواريخ؟

أظهرت مقاطع فيديو متداولة في لبنان لحظات مرعبة عاشها المواطنون نتيجة اختراق الطائرات الحربية الإسرائيلية لجدار الصوت، مع ردود فعل تتراوح بين الفزع والاعتياد.

اختراق الطائرات الحربية الإسرائيلية لجدار الصوت فوق بيروت ومناطق جنوب لبنان أصبح أمراً متكرراً على مسامع اللبنانيين، مع استمرار المواجهات بين الجيش الإسرائيلي وفصائل لبنانية وفلسطينية، أبرزها “حزب الله”.

أحد هذه الحوادث وقع فوق العاصمة اللبنانية، تزامناً مع بدء احتفال تأبيني لـ”حزب الله” في ضاحية بيروت الجنوبية في 6 أغسطس/آب 2024، حيث سُمعت الأصوات الصاخبة مرتين على التوالي خلال دقائق.

ورغم تكرار سماع هذا الصوت من قبل أهالي الضاحية والعاصمة، إلا أنه لا يزال مثيراً للفزع والخوف، وكأنه صوت صاروخٍ يسقط من السماء أو انفجارٍ كبير أو ربما رعد قوي، لكنه ليس أياً من ذلك.

ما هو اختراق جدار الصوت؟

ببساطة؛ عندما تحرك الطائرة العسكرية بسرعة أعلى من سرعة الصوت، ينتج ذلك موجات صوتية (موجات ضغط) حول الطائرة، تنفجر هذه الموجات مع السرعة مصدرةً الصوت المرعب الذي يسمعه أهالي لبنان، الذي يشبه الانفجار أو الرعد.

تخيل مثلاً قارباً يسير في الماء، حيث يدفع القارب الماء وتخرج موجة من مقدمة القارب وتنتشر عبر البحر أو النهر، هذه الموجة المخروطية المرئية على سطح الماء، والتي تسمى بـ “الجبهة الموجية”، تشبه الانفجار الصوتي للطائرة.

فعندما تطير الطائرة بسرعات تفوق سرعة الصوت، يشكل ضغط الصوت مخروطاً تكون قمته عند أنف الطائرة، وهنا يعني أن الطائرة في هذه اللحظة يتكدس حولها الهواء (أو موجات الصوت أو موجات الضغط) على طول خط مخروطي، تماماً مثل الموجة الأمامية للقارب.

وعندما تتكدس هذه الموجات، يحدث فرقاً كبيراً في الضغط عبر الجبهة الموجية (موجات الماء المخروطية حول القارب)، والذي يسمى بالموجة الصدمية، وعندما تمر هذه الجبهة الموجية على شخص، فإن الفرق المفاجئ في الضغط أو التغيير في الضغط يخلق “الانفجار الصوتي” الذي نسمعه.

كيف يحدث اختراق جدار الصوت؟

باللغة الأكثر علميةً، فإن حاجز الصوت هو الارتفاع الحاد في السحب الديناميكي الهوائي الذي يحدث عندما تقترب الطائرة من سرعة الصوت.

فإذا كانت الطائرة تطير بسرعة أقل من سرعة الصوت، فإن موجات الضغط (موجات الصوت) التي تنتجها تسبق مصدرها وتنتشر أمامها، أي تتكدس أمام الطائرة بواسطة حركة الطائرة.

لكن بمجرد أن تصل الطائرة إلى سرعة الصوت، تصبح الموجات غير قادرة على الابتعاد عن طريقها، وتتراكم الموجات فوق بعضها ضاغطةً الهواء.

ولأن الهواء أمام الطائرة يمارس قوة ضاغطة على الطائرة تعيق حركتها، ثم يحدث انفجار لهذه الموجات، وينتشر هذا الصوت في جميع الاتجاهات، كما شرحت الموسوعة العلمية البريطانية Encyclopædia Britannica.

وتعرف السرعة التي ينتقل بها الصوت بحاجز الصوت، لذلك عندما تتجاوز السرعة سرعة الصوت (التي تختلف بالفعل مع درجة الحرارة وكثافة الهواء)، فإنها بذلك تتجاوز جدار أو حاجز الصوت.

تشكل موجات صدمية قوية محلية على الأجنحة والجسم؛ ويصبح تدفق الهواء حول الطائرة غير مستقر، ما قد يؤدي إلى اهتزازات قوية، وصعوبات شديدة في الثبات، وفقدان التحكم في خصائص الطيران، خصوصاً للطائرات غير المصصمة للطيران الأسرع من الصوت.

لكن بالنسبة للطائرات المصممة بشكل مخصص للطيران الأسرع من الصوت، وغالباً ما تكون طائرات عسكرية أو مصممة لأغراض علمية، فإن الصعوبة في اجتياز حاجز الصوت يكون أقل.

تأثير كسر جدار الصوت

يمكن أن يكون هذا التغيير في الضغط الناتج عن الانفجار الصوتي مدمراً جداً.

ففي حالة الطائرات، من المعروف أن الموجات الصوتية بعد كسر حاجز الصوت تكسر النوافذ في المباني، وتعرف هذه الموجات باسم “الموجات الصدمية”.

هل الطائرات فقط من يكسر حاجز الصوت؟

يمكن لأي جسم يتجاوز سرعة الصوت أن يخلق “انفجاراً صوتياً” سواء كان ذلك الطائرة أو الرصاصة أو حتى طرف السوط عند ضربه بسرعه، كما أشار موقع جامعة Union University الأمريكية.

وغالباً ما تُستخدم السرعات التي تفوق سرعة الصوت بمصطلحات رقم ماخ، ورقم ماخ هو سرعة الجسم مقسومة على سرعة الصوت. لذلك، “ماخ 3” يعني ثلاث مرات سرعة الصوت.

مع الفارق.. التقنية نفسها تستخدم لتفتيت الحصوات

بمناسبة “الموجات الصدمية”، فإن هذه التقنية تستخدم أيضاً لتفتيت حصوات الكلى والمرارة، لكن بالطبع بفارق ضغط مختلف عما تحدثه الطائرات التي تكسر حاجز الصوت.

في حالة تفتيت الحصوات، فإننا لا نسمع هذه الموجات، لكنها تظل موجودة، حيث يتم إنتاجها خارج الجسم وتركيزها بواسطة عاكس بحيث تتجمع على الحصوات لتكسيرها إلى قطع صغيرة (يسهل التخلص منها) بفعل الضغط الذي تنتجه هذه الموجات.

عن أول طائرة كسرت حاجز الصوت


خلال الحرب العالمية الثانية، واجه العديد من طياري الحلفاء والمحور مشاكل عندما كانوا يقفزون بطائرات مقاتلة عالية الأداء إلى أقصى سرعة خلال القتال الجوي، وذلك بعدما تجمدت أدوات التحكم أو مزقت طائراتهم.

وصف بعضهم الآمر كان كما لو أنهم صدموا بـ “جدار من الطوب في السماء”، ولم يعرفوا وقتها أن هذا بالضبط هو ما يحدث عندما يكسروا حاجز الصوت.

وقد قتلت هذه التجربة طياراً من قبل، ففي حادثة شهيرة تعود لسبتمبر/أيلول 1946، قُتل الطيار التجريبي البريطاني، جيوفري دي هافيلاند جونيور، أثناء اختبار طائرة تجريبية ذات محرك نفاث تُدعى Swallow استعداداً لمحاولة اجتياز الحاجز الصوتي.

إذ تحطمت الطائرة خلال المحاولة، فيما عُثر على جثة دي هافيلاند في مصب نهر التايمز البريطانية بعد 10 أيام من الحادث.

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن موت الطيار قضى على أبحاث الطيران الأسرع من الصوت في بريطانيا، لكنه لم يفعل ذلك في الولايات المتحدة.

وبالفعل؛ كان أول يوم يتم فيه إطلاق ناجح لطائرة بسرعة تتجاوز حاجز الصوت، في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1947، وذلك عندما أطلق الكابتن في القوات الجوية الأمريكية تشاك ييغر طائرة صغيرة تشبه الصاروخ تدعى Bell X-1 من طائرة كبيرة B-29.

إذ قامت طائرة الصواريخ Bell XS-1 بأول رحلة لها تحت طاقتها في قاعدة إدواردز الجوية (شمال شرق لوس أنجلوس). لاحقاً، تم حذف حرف “S” (لـ “sonic”) من اسم الطراز، وأصبح يُعرف ببساطة بـ X-1، حيث كان “X” تعني التجريبي.

وبذلك كانت X-1 أول طائرة تنجح في كسر “حاجز الصوت” لكن دون معركة.