الأخبار

أرجعوه لغزة وحاولوا إجباره على دخول نفق! أسير محرر يروي أياماً من تعذيبه في “سدي تيمان” 

كشف إبراهيم عاطف سالم، الأسير الفلسطيني المفرج عنه حديثاً، جزءاً مما تعرض له في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها معتقل “سدي تيمان” سيء الذكر، قائلاً إنه قضى أيامه ” تحت وطأة التعذيب والانتهاكات، من الضرب المبرح إلى الصعق بالكهرباء، والبصق المتعمد، كما ترك عارياً في غرف تغمرها الصقيع”.

وعلى مدار 52 يومًا في معتقل “سدي تيمان” جنوب إسرائيل، عاش سالم أقسى فصول التعذيب، بحسب قوله.

ثمانية أشهر قضاها الأسير في سجون إسرائيل، لكنه يصف تلك الأيام الـ52 بأنها كانت الأسوأ والأكثر إيلاماً، حيث تجاوز التعذيب الجسدي كل الحدود، مما ترك أثراً لا ينسى في نفسه.

ولم تكن تلك الأيام مجرد مرحلة عابرة في حياة الفلسطيني فقد كانت تجربة مليئة بالتعذيب الشديد، حيث تعرض للشبح والضرب المستمر، مما كان ينهك جسده يومًا بعد يوم.

ولم تقتصر المعاناة على الأذى الجسدي فقط، بل كانت الإهانة والخوف جزءًا لا يتجزأ من حياته اليومية في المعتقل، ليجعل كل لحظة تمر وكأنها أبدية من الألم والمعاناة.

واعتقل الجيش الإسرائيلي سالم في ديسمبر/ كانون الأول 2023، من مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، خلال عملياته البرية في الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وكان سالم يرافق أطفاله المصابين جراء قصف إسرائيلي استهدف منزله في بلدة جباليا شمالي قطاع غزة.

والفلسطيني إبراهيم هو صاحب الصورة الشهيرة التي انتشرت عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من داخل معتقل “سدي تيمان”.

وفي تلك الصورة، ظهر واقفاً مغمض العينين، مكبّل اليدين، خلف قفص مليء بالأسلاك الشائكة، في مشهد يعكس حجم القسوة التي تعرض لها، والتي كانت عقاباً له من السجان، بحسب قوله.

هذه الصورة، التي انتشرت بشكل واسع، كانت أكثر من مجرد لقطة عابرة، فقد مكنت ذويه من التأكد أنه لا يزال على قيد الحياة في سجون إسرائيل، لتصبح بمثابة نافذة أمل لأهله الذين يعيشون وسط آلام الحرب وفقدان عدد من أفراد الأسرة جراء الحرب.

52 يومًا في “سدي تيمان”

وقال سالم، الذي أفرج عنه مؤخرًا إلى جنوب قطاع غزة: “في أحد البركسات في معتقلات الاحتلال، توفي أحد الأطباء من غزة (لم يُذكر اسمه)، مما دفعني للصراخ اعتراضًا على ذلك”.

وأضاف: “تسببت صرخاتي عند سماع خبر وفاته في تعرضي للشبح والضرب لمدة ثلاثة أيام، كعقوبة على اعتراضي”.

وتابع: “لم يكن بإمكان أحدنا التحرك أو شرب الماء في المعتقلات، وكانت الإهانة مستمرة، كانوا يبصقون علينا إذا طلبنا شرب الماء أو الذهاب إلى الحمام”.

ولفت إلى أنه “خلال فترة اعتقالي التي استمرت نحو 8 أشهر، قضيت منها 52 يوماً في سجن سدي تيمان، حيث كنا نشعر بالخوف الشديد هناك”.

وتابع: “تعرضت خلال تلك الـ 52 يوماً لتحقيق 12 مرة، مصحوبة بالضرب والإهانة والشبح”.

وذكر أنه تم نقله إلى عدة سجون، منها النقب وعوفر ومجدو في إسرائيل، حيث تعرض لدرجات حرارة منخفضة داخل غرف مغلقة وهو عارٍ من الملابس.

وأوضح أنه خلال فترة الاعتقال تعرض للصعق بالكهرباء في أماكن مختلفة من جسده، بالإضافة إلى البصق عليه.

وأشار إلى أنه تم اصطحابه إلى أحد الأنفاق التابعة للفصائل الفلسطينية على حدود مخيم البريج وسط القطاع، وأجبره على الدخول مع معدات المراقبة والروبوتات.

داخل النفق

وأوضح سالم أنه رفض الدخول إلى النفق ورفض التعاون مع إسرائيل، مما أدى إلى تعرضه للضرب الشديد والإهانة، وتكبد ضربًا مبرحًا في جسده.

وأردف: “كان الضرب موجهًا إلى مناطق الصدر، مما أدى إلى كسره، بالإضافة إلى تكسير بعض الأسنان وضرب في منطقة الكلى، مما استدعى نقلي إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية”.

وقال: “عندما تم الإفراج عنا، تعرضت للضرب في منطقة العين طوال الطريق، وعند إطلاق سراحنا، مشينا مسافة طويلة وأُطلق علينا النار”.

وأضاف: “الأسرى داخل السجون يتعرضون لتعذيب مستمر، ويعانون من أمراض جلدية مختلفة، وشح في الطعام والماء ووسائل النظافة”.

كل تلك الفصول التي رواها الأسير المفرج عنه لا تزال عالقة في ذهنه ولم تمحَها الأيام ولا عبر مر السنين، حيث عاش أوضاعًا مأساوية لم تكن في خاطره بحسب قوله.

ولا يزال الأسير المفرج عنه يعاني من آلام الضرب والكسور في عظامه، بالإضافة إلى آلام في كليته التي خضعت لعملية جراحية في إسرائيل وتحتاج إلى رعاية طبية مستمرة.

وعقب الإفراج عنه من حدود وسط قطاع غزة، توجه إلى منطقة مواصي خان يونس جنوبي القطاع، حيث يعيش في خيمة بدائية تفتقر لأدنى مقومات الحياة، عند أقاربه.

وخلال الحرب الإسرائيلية نزح الفلسطينيون قسراً من منازلهم التي دمرتها إسرائيل، ما دفعهم لإنشاء خيام مؤقتة في مناطق مختلفة تفتقر لأدنى مقومات الحياة.

وحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع بسبب الحرب الحالية نحو مليوني شخص من إجمالي 2.3 مليون نسمة.

وشهادة سالم تأتي فيما ذكرت القناة “12” الخاصة، الأربعاء، أن إعلاماً عبرياً تداول فيديو مسربًا يوثق واقعة اعتداء جنود إسرائيليين جنسياً على أسير فلسطيني من غزة في سدي تيمان.

والأربعاء، استأنفت المحكمة العليا في إسرائيل النظر في التماس تطالب فيه 5 مؤسسات حقوقية إسرائيلية منذ مايو/ أيار الماضي بإغلاق “سدي تيمان” بسبب أعمال تعذيب واعتداء جنسي بحق معتقلين فلسطينيين من غزة؛ ما أودى بحياة العديد منهم.

وفي 29 يوليو/ تموز، أثيرت ضجة كبيرة في إسرائيل بعد وصول عناصر من النيابة العسكرية إلى المعتقل للتحقيق مع 9 جنود اعتدوا جنسياً على أسير فلسطيني، وتم لاحقا إطلاق سراح 5 منهم.

وما زالت النيابة العسكرية الإسرائيلية تحقق مع الجنود المشتبه فيهم، ولكن دون توجيه لائحة اتهام ضد أي منهم.

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، تحدثت منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية ودولية عن تردي الأوضاع في السجون الإسرائيلية، ولا سيما في “سدي تيمان”.

واعتقل الجيش الإسرائيلي، منذ أن بدأ عمليته البرية بغزة في 27 أكتوبر/ تشرين الأول، آلاف المدنيين الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني.

وخلال الشهور الماضية، أطلق الجيش سراح عشرات المعتقلين الفلسطينيين من غزة على دفعات متباعدة، ومعظمهم عانوا من تدهور في أوضاعهم الصحية، وحملت أجسادهم آثار تعذيب وإهمال طبي.