منذ اغتيال القيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر٬ واصلت إسرائيل وحزب الله تبادل الضربات بشكل تصاعدي على طول الحدود اللبنانية٬ ولكن الجانبين ما زالا ينتظران المرحلة التالية٬ الهجوم الكبير الذي يخطط له الحزب على شمال ووسط إسرائيل رداً على عملية الاغتيال في بيروت٬ كما تقول صحيفة هآرتس العبرية٬ التي ترى أنه بحسب التصريحات والتقارير الإعلامية في كل من لبنان وإيران، فمن الواضح أن “حزب الله سوف يقود المحور في الرد على إسرائيل”.
وتقول هآرتس إنه بالنسبة لحزب الله، فـ”الانتظار المؤلم في إسرائيل هو جزء من انتقام الحزب”، لكنه لا يزال يريد تجنب الحرب الشاملة٬ مضيفة أنه لم تقم إسرائيل حتى الآن، وفقاً لسياستها السابقة، بشن ضربة استباقية على إيران أو حزب الله، بل تستعد عوضاً عن ذلك لـ”إحباط الهجوم بمساعدة من أميركا ودول أخرى في المنطقة”. كما تستعد لـ”رد قاسٍ” إذا تسبب الهجوم في خسائر بشرية كبيرة داخل إسرائيل.
“بالنسبة لحزب الله، الانتظار المؤلم هو جزء من الانتقام”
بعد ظهر يوم الثلاثاء، قتل الجيش الإسرائيلي خمسة من عناصر حزب الله في غارة جوية على جنوب لبنان. وبعد ذلك بوقت قصير، وفقًا لبيان حزب الله نفسه، أطلق الحزب سرباً من الصواريخ والطائرات بدون طيار على قاعدة شراغا التابعة للواء جولاني جنوب نهاريا٬ حيث أسفر الهجوم عن إصابة 19 إسرائيلياً، أحدهم في حالة حرجة جداً. وقد وسع حزب الله بالفعل نطاق ضرباته جنوباً من حيث يهاجم عادةً ويحاول أيضاً إظهار قدرته على شن هجمات أكثر فتكاً.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطاب ألقاه في بيروت يوم الثلاثاء إن هجمات الطائرات بدون طيار التي يشنها الحزب تكشف عن ضعف إسرائيل. وقال إنه في الماضي، كان الجيش الإسرائيلي يعترض الطائرات بدون طيار في المجال الجوي اللبناني. والآن، “نحن نقترب من عكا، على الرغم من زيادة مستوى التأهب في إسرائيل”. وطلبت سلطات الاحتلال السكان في الجليل ومرتفعات الجولان المحتلة من السكان البقاء بالقرب من ملاجئهم٬ بحسب هآرتس.
وتركز الاستعدادات التي اتخذتها إسرائيل للرد من جانب المحور الذي تقوده إيران٬ على جهود حزب الله لتوجيه ضربات قوية لقواعد القوات الإسرائيلية وغيرها من المرافق الدفاعية في الشمال، وأيضا في منطقة تل أبيب الكبرى.
وكتب المحلل المقرب من حزب الله، إبراهيم الأمين، رئيس تحرير صحيفة “الأخبار”، عن هذا الأمر يوم الثلاثاء٬ وأشار إلى إن رد حزب الله من المرجح أن يشمل ضربات على تل أبيب و”إلحاق الضرر بالمستوطنين على هامش الهدف الرئيسي”. كما وعد بأن حزب الله سيضرب “مركزا بارزا في المكان الذي قرر الاغتيال وشارك في تنفيذه”. ويبدو أن هذا يشير إلى مقر الجيش الإسرائيلي في تل أبيب.
لعبة حافة الهاوية
من جهته٬ يقول شمعون شابيرا، الخبير في شؤون حزب الله الذي شاهد خطاب نصر الله، لصحيفة هآرتس٬ إن “نصر الله بدا منزعجاً للغاية من مقتل فؤاد شكر، الذي عمل معه عن كثب لعقود من الزمن. وسبق خطابه خطاب من نجل شكر محمد، الذي كان يرتدي الزي العسكري. وقال نصر الله إنه فخور بظهور جيل جديد من قادة حزب الله ومجاهديه”.
وقال شابيرا “إن اغتيال شكر ليس مثل اغتيال قادة وحدات حزب الله، الذين هم أصغر سناً ورتبة٬ وفيما يتعلق باغتيال شكر في الضاحية الجنوبة ببيروت، فالحزب مستعد لتصعيد رده وحتى المخاطرة بالحرب. لقد كسرت إيران بالفعل السقف في أبريل/نيسان الماضي، حيث الهجوم الضخم على إسرائيل بعد اغتيال جنرال إيراني في دمشق٬ وهذه المرة، يبدو أنهم سيكونون أكثر جرأة وسيذهبون إلى حافة الهاوية”.
ومع ذلك، تقول هارتس٬ لم يهدد خطاب نصر الله صراحة بحرب إقليمية٬ وهو الأمر الذي يبدو أن الحرب وإيران لا يزالان يسعيان إلى تجنبه. وأشار نصر الله إلى أن حزب الله اتخذ بالفعل قرار الرد. والسؤال في إسرائيل هو ما إذا كان ذلك سيحدث في وقت واحد مع هجمات من قبل أعضاء آخرين في محور المقاومة. وقال نصر الله إن حجم القوة النارية المستخدمة سوف يعتمد على حسابات الشركاء. ولكن معاً، وأضاف، أنهم “قادرون على ضرب كل نقطة في إسرائيل من عدة اتجاهات”.
استنزاف إسرائيل المرهقة
تقول هآرتس٬ إن فترة الانتظار الطويلة المؤلمة هي جزء من لعبة الانتقام لدى إيران وحزب الله٬ وهذا قد يرهق أعصاب إسرائيل ويستنزف مواردها بينما تنتظر الرد. وقال نصر الله إن “حزب الله يعمل ببطء.. لدينا صبر”.
على الجانب الإسرائيلي، هناك صبر أقل. ولكن حتى لو هدأ التوتر في نهاية المطاف بعد تبادل الضربات، فلا يوجد حل هنا للمشكلة الاستراتيجية في الشمال. لقد تعرضت الجليل بالفعل للهجوم لمدة 10 أشهر متتالية وتم إجلاء نحو 90 ألفاً من سكانها، ومع ذلك فإن الدولة غير قادرة على حمايتهم.
إن الرسائل الصادرة من إيران أقل حدة من تلك الصادرة من لبنان، على الرغم من التهديدات التقليدية التي وجهتها طهران لإسرائيل. والانطباع السائد لدى إسرائيل هو أن حزب الله سيقود الهجوم وأن إيران ستدعمه، لكنه لن يضع نفسه بالضرورة في الخطوط الأمامية.
وخلال زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الروسي سيرجي شويغو إلى طهران يوم الاثنين، طلب الإيرانيون شراء أنظمة دفاع جوي متقدمة وطائرات هجومية من الروس، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز. لكن مثل هذه الأشياء تستغرق وقتاً.
وأفادت وكالة رويترز أن شويغو نقل رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مفادها أن مضيفيه يجب أن يحاولوا عدم إيذاء المدنيين الإسرائيليين في هجومهم. وبناءًا على ذلك، يمكن للمرء أن يستنتج أن بوتين يوافق على أن المحور له الحق في مهاجمة الأهداف العسكرية الإسرائيلية.
وكان دعم روسيا لإيران، وبشكل غير مباشر لحزب الله وحماس، واضحاً طوال الحرب. وتقول هآرتس٬ قبل بضع سنوات فقط، تفاخر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن علاقته ببوتين تضعه “في درجة مختلفة”. ولكن على ما يبدو، تم تخفيض إسرائيل الآن إلى “درجة أدنى”.