بعد إعلان حركة المقاومة الإسلامية حماس تعيين القيادي يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي خلفاً للشهيد إسماعيل هنية٬ أصيب الإعلام الإسرائيلي بحالة من الصدمة٬ قالت هيئة البث الإسرائيلية إن تعيين السنوار كان مفاجئاً لإسرائيل٬ ورسالة بأنه حي وأن قيادة حماس بغزة قوية وقائمة وستبقى. فيما دعا وزراء في حكومة نتنياهو لاغتيال السنوار أسوة بهنية.
وأطلق سراح السنوار عام 2011، وكان واحدا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ضمن ما سميت صفقة “وفاء الأحرار”. وقبل اختياره لرئاسة المكتب السياسي لحماس، انتُخب السنوار رئيسا للحركة في غزة عام 2017، وأُعيد انتخابه في 2021. فيما تتهمه إسرائيل بأنه العقل المدبر وصاحب قرار الهجوم على المستوطنات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي.
إعلام الاحتلال:
“حماس اختارت أخطر شخص لقيادتها”
- يقول روعي كايس محرر الشؤون العربية بقناة “كان”، التابعة لهيئة البث، في برنامج “أخبار المساء”: “في الحقيقة إن اختيار السنوار يمثل مفاجأة بعد أسبوع من اغتيال هنية”. وتابع أن “السنوار، زعيم حماس في غزة، هو أحد مهندسي هجوم (طوفان الأقصى) 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)”.
- ورأى كايس أن تعيين السنوار يحمل “رسالة من حماس مفادها أنه حي رغم المطاردة الإسرائيلية له، وأن قيادة حماس بغزة لا تزال موجودة وقوية وتعتزم البقاء في السلطة”.
- محلل شؤون الشرق الأوسط بالقناة “12” إيهود يعاري قال إن “لتعيين السنوار معنى رمزي لتأكيد موقعه في الحركة٬ لكن ليس له أي معنى عملي في هذه المرحلة، إذ يواجه السنوار صعوبة في التواصل مع بقية أعضاء القيادة”، على حد تقديره.
- صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” قالت إن حركة حماس اختارت “أخطر شخص لقيادتها”، لا سيما أن إسرائيل تعتبر السنوار مهندس عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم.
- فيما قالت صحيفة “معاريف” إن اختيار السنوار يُمثل ما وصفتها بـ”مناورة من جانب حماس”. أما قناة “كان” الرسمية الإسرائيلية فقالت إن اختيار السنوار “يُظهر أن حماس في غزة لا تزال قوية”.
- وصف المحلل الإسرائيلي يوني بن مناحم اختيار السنوار بأنه يُعد انتصارا لإيران على حد تعبيره. وفي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قال الناطق باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري إن مكان السنوار بجانب القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، في إشارة إلى مزاعم إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال الضيف في خان يونس قبل أكثر من أسبوعين.
- فيما قال وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس إن تعيين السنوار زعيماً لحماس “سبب آخر للقضاء عليه ومحو ذاكرة هذه المنظمة من على وجه الأرض”٬ على حد تعبيره.
ما الرسائل التي أرادت حماس إيصالها من انتخاب السنوار؟
- يقول القيادي في حماس أسامة حمدان، في تصريح إعلامي٬ إن اختيار السنوار جاء بالإجماع من جانب مجلس شورى الحركة وأجهزتها القيادية المختلفة. وقال حمدان أن اختيار السنوار لرئاسة المكتب السياسي، وهو الهيئة التنفيذية للحركة، “جاء ليؤكد على وحدة الحركة وإدراكها للمخاطر التي تواجهها”. وشدد حمدان على أن هذه الخطوة تؤكد أن “سياسة الاغتيالات الإسرائيلية لن تنجح في كسر شوكة المقاومة”.
-
ويرى
محللون
أن انتخاب السنوار في هذه المرحلة هو رسالة قوية للرد على إسرائيل بعد اغتيالها هنية٬ حيث تقول وسائل إعلام الاحتلال إن قرار التفاوض وتوسيع الحرب أو إعادة تشكيلها أصبح بيده٬ والسنوار معروف بحدته وصلابته وتحديه منذ أن كان في سجون الاحتلال.
- ويأتي القرار كرسالة تحد لإسرائيل، “فإذا كنتم اغتلتم الرجل الذي أسماه بعض ساستكم بالمعتدل فقد جئناكم بالرجل الأصعب في حماس والأكثر عنادا والأقسى مراسا والأكثر راديكالية”.
- وهي رسالة لنتنياهو أيضاً الذي عرقل اتفاق الهدنة مرات عديدة وأخطأ باغتيال هنية٬ حيث ستتعقد الملفات المتعلقة بالتفاوض وستظهر حماس لا مبالية باستجداء وقف إطلاق النار بل هي قادرة على مواصلة المعركة التي بدأت قبل 10 أشهر٬
- الأمر الآخر أن اختيار حماس لرئيس لها وهو داخل غزة وفي وسط المعركة يوصل رسالة هامة بأن حماس متمسكة في ومجمعة على خيار “طوفان الأقصى” ومواجهة الاحتلال ولم تتراجع عنه٬ كما أن عملية الاتصال مع السنوار وهو داخل غزة قد لا تكون أمراً يسيراً وسريعاً٬ بالتالي على إسرائيل وأمريكا والوسطاء الانتظار جيداً قبل أن يصلهم الرد منه.
- الرسالة الأخرى الهامة التي أرادت حماس إيصالها للداخل والخارج هي أنها متماسكة وخصيصاً في هذه المرحلة من الحرب٬ حيث أكدت حماس في بيانها على إجماعها في اختيار السنوار خلفاً لهنية٬ على عكس ما حاول إعلام الاحتلال ومحلليه الترويج له قبل وبعد اغتيال هنية.
- وجاء قرار حماس ليدلل على أن التسلسل القيادي والقدرة التنظيمية تم استعادتها وبسرعة لافتة رغم الضرر التي سببه اغتيال هنية، ويأتي كرسالة صريحة بأن الحركة متماسكة وأنها قادرة على اختيار رئيس لمكتبها السياسي. فحماس وفق نظامها الداخلي حركة شورية لديها 3 أقاليم، في الخارج يرأسه خالد مشعل وفي الضفة الغربية ويرأسه الشيخ الشهيد صالح العاروري وحل مكانه نائبه زاهر جبارين، وفي قطاع غزة ويرأسه السنوار.
- أخيراً فإن اختيار السنوار -الذي عجزت إسرائيل عن النيل منه حتى الآن- رسالة أن سياسة الضغط على القيادة باستهدافها أو اغتيال عائلاتها كما حدث مع عائلة الشهيد إسماعيل هنية٬ أو الضغط على الحركة من الخارج لن يضعف الحركة أو يجعلها تتراجع تحت ضغوطات نتنياهو في الحرب أو التفاوض.