الأخبار

مهمة صعبة تنتظر الوسطاء بشأن غزة.. حماس تريد اتفاقاً ينهي الحرب والاحتلال يريد ضمانات أمريكية لاستئنافها

يسود الترقب بشأن موافقة حركة حماس والاحتلال على المقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، بشأن وقف إطلاق النار وقال عنه إنه “إسرائيلي”، فيما وضع مجلس الحرب الإسرائيلي شرطاً قد يعرقل إمكانية التوصل إلى اتفاق، مما يشير إلى مهمة صعبة تنتظر الوسطاء لتذليل العقبات.

وتستضيف الدوحة، الأربعاء 5 يونيو/حزيران 2024، اجتماعاً مصرياً قطرياً أمريكياً، لبحث آليات استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

بحسب ما نقلته قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصدر مصري، فإن قيادات أمنية مصرية تجتمع مع نظرائهم القطريين والأمريكيين بالدوحة الأربعاء، لبحث آليات إعادة (استئناف) مفاوضات وقف إطلاق النار.

فيما كشف موقع “أكسيوس” الأمريكي أن مدير وكالة المخابرات الأمريكية بيل بيرنز، سيبحث بالدوحة، صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وتل أبيب.

والثلاثاء قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إن الدوحة تلقت المقترح الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه يتضمن الآن مواقف للجانبين أقرب من السابق، وأن هناك جهوداً لوضع اللمسات الأخيرة للوصول إلى اتفاق.

مجلس الحرب الإسرائيلي يشترط

فيما كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن مجلس الحرب الإسرائيلي قرر بالإجماع طلب ضمانات من الولايات المتحدة باستئناف الحرب، إذا لم تلتزم حماس بإتمام مراحل صفقة تبادل الأسرى.

في سياق متصل، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن قرار مجلس الحرب بشأن حصول ضمانات تتعلق باستئناف الحرب سيكون جزءاً من شروط إسرائيل لإبرام الصفقة الجديدة.

حيث أشارت إلى أن القرار جاء بسبب خشية إسرائيل من تمديد حماس للمفاوضات أثناء وقف القتال لمنع استكمال الصفقة من جهة ومنع استئناف الحرب من جهة أخرى.

كما تبدي المحافل الإسرائيلية خوفاً من إمكانية عدم دعم الولايات المتحدة استمرار الحرب، ما دفعها لطلب ضمانات، لكن مصدر بالحكومة الإسرائيلية قال إن قرار مجلس الحرب قد يبعد احتمال التوصل إلى صفقة.

ما موقف نتنياهو من الصفقة؟

ولم يتحدث نتنياهو علانية دعمه للصفقة، لكنه عقد اجتماعات مكثفة مع وزراء حزبه، ووزراء في الائتلاف الحكومي بشأنها، زاعماً أنها لا تشمل وقفاً دائماً لإطلاق النار.

وعلى عكس ما جاء في خطاب بايدن، قال مكتب نتنياهو إن الأخير “يصر على عدم إنهاء الحرب على قطاع غزة إلا بعد تحقيق جميع أهدافها”.

وفي الوقت الذي أعلنت أحزاب منضوية بالائتلاف الحكومي دعم التوصل إلى صفقة يتم من خلالها استعادة الأسرى الإسرائيليين، إلا أن الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش يصران على موقفها الرافض لها، ما ينذر بتفكك الائتلاف، أو انفراط إمكانية التوصل للصفقة.

ما موقف حماس من المقترح؟

بحسب مصادر لـ”عربي بوست”، فإن حركة حماس تؤكد على الحصول على ضمانة أمريكية كتابية بشأن إنهاء العدوان والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.

كما كشفت المصادر أن وفوداً من الفصائل الفلسطينية ستصل إلى القاهرة لبحث الصفقة، نافية في الوقت ذاته وصول أي وفد من الحركة إلى القاهرة.

المصادر أشارت إلى أن نتنياهو يراوغ بشأن المقترح الذي عرضه بايدن، موضحة أنه يسعى فقط لإنجاز المرحلة الأولى، والتي تتضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين المدنيين.

حماس أبدت مرونتها بالتعاطي مع أي مقترح حتى إذا كان من مرحلة واحدة، بشرط أن يتضمن نصاً واضحاً بشأن إنهاء العدوان، أو التوافق على “هدنة مستدامة”، بحسب المصادر ذاتها.

في الإطار، اللافت أن مقترح بايدن لا يتضمن مدى زمنية بشأن المرحلتين الثانية والثالثة، وتحدث عن مرحلة أولى من 42 يوماً، يتم بموجبه تبادل للأسرى.

بايدن في تصريحاته قال إنه “طالما وفت حماس بالتزاماتها، فإن وقف إطلاق النار المؤقت سيصبح (وقفاً دائماً للأعمال العدائية)، وعليه فإن المقترح لا يتضمن ضمانة أمريكية حقيقية بشأن الوقف الدائم لإطلاق النار.

والثلاثاء، قالت حماس إنها أبلغت الوسطاء بأنها لن تعقد أي اتفاق مع إسرائيل ما لم يكن هناك موقف واضح من تل أبيب بالاستعداد لوقف دائم للحرب والانسحاب من قطاع غزة.

وقال القيادي بالحركة أسامة حمدان إن ما قدمته إسرائيل “يتكلم عن فتح باب المفاوضات في كل شيء، وبلا نهاية، وهذا لا يتفق مع الموقف الذي تحدث عنه الرئيس بايدن في خطابه بخصوص وقف إطلاق نار دائم وانسحاب شامل من غزة، والذي عبرنا عنه بالإيجابي”.

مهمة صعبة تنتظر الوسطاء في مفاوضات وقف إطلاق النار

بحسب تقرير على القناة 12 الإسرائيلية، فإن التقديرات في تل أبيب بأن حركة حماس ستعطي رداً إيجابياً على المقترح، ولكن مع تحفظات، وستطالب بضمانات لإنهاء الحرب.

المحلل السياسي الإسرائيلي  عاموس هرئيل في مقال على صحيفة “هآرتس“، قال إن نتنياهو يواصل إرسال الرسائل المتضاربة، لكنه يعد نفسه من حيث المبدأ بدعم الاتفاق من أحزاب حريدية ووزراء الليكود، وإذا طرح المقترح على الحكومة فإنه سيحظى بموافقة الأغلبية، لكن ذلك قد يكلفه رحيل أحزاب اليمين المتطرف، وانهيار الائتلاف.

إلى ذلك نقل عن كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية، أنهم يجدون صعوبة في التنبؤ بتحركات نتنياهو، لكنهم يصبون أملهم بالضغوط الأمريكية، التي تمارس أيضاً على حركة حماس.

بالنسبة لإسرائيل، فإن الإدارة الأمريكية تطلق تلميحات حول إمكانية ترجمة قرارات محكمة العدل والجنائية الدولية، إلى تصويت في مجلس الأمن الدولي. 

أما بالنسبة لحماس، فإن المؤسسة الأمنية تعتقد أن الحركة ستقدم رداً إيجابياً مبدئياً على المقترح مع مطالب إضافية، تتعلق بالالتزام بوقف كامل لإطلاق النار.

فيما تذكر صحيفة “فايننشال تايمز”، أنه رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها أسر الأسرى الإسرائيليين، فإن الاحتجاجات التي تطالب نتنياهو بالموافقة على الصفقة لم تصل بعد إلى نطاق واسع بما يكفي لإجبار رئيس الوزراء على ذلك.

وقالت خبيرة الاستطلاعات، داليا شيندلين، إن استطلاعات الرأي أظهرت باستمرار أن أغلبية أو على الأقل أكثرية من الإسرائيليين يفضلون التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن، لكن ترجمة ذلك إلى تعبئة عامة تكفي لإجبار صناع القرار في إسرائيل على الموافقة، كانت معقدة بسبب عوامل مختلفة.

بحسب الصحيفة، فإن خطاب بايدن لا يبدو أنه قد أدى إلى تحقيق انفراجة، مشيرة إلى الانقسام السياسي داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بشأن الصفقة.

لكن الولايات المتحدة، أطلقت حملة مكثفة لإقناع حماس وإسرائيل بقبول المقترح الجديد، بحسب “أسوشيتد برس” الأمريكية.

ومنذ الجمعة، تحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكن، مع وزراء خارجية تركيا ومصر وقطر والسعودية والأردن والإمارات والمغرب والجزائر، كما تحدث مع الوزيرين الإسرائيليين يوآف غالانت وبيني غانتس.

وسرعان ما أعقب ذلك بيان مشترك من زعماء مجموعة الدول السبع، والذي دعا “حماس إلى قبول هذه الصفقة، التي تبدي إسرائيل استعداداً للمضيّ بها، ونحض الدول المتمتعة بنفوذ لدى حماس على المساعدة في ضمان قيامها بذلك”. 

الوكالة الأمريكية أشارت إلى أن المسؤولين الأمريكيين شعروا بالغضب من التلميحات بأن نتنياهو ليس موافقاً بشكل كامل على الاقتراح، وقد أكدوا مراراً وتكراراً أن الإسرائيليين وافقوا على إرسال المقترح نفسه إلى حماس الأسبوع الماضي.

الشبكة التلفزيونية (إي بي سي) ذكرت أن المسؤولين الأمريكيين وبايدن نفسه يقرون بأن الصفقة المقترحة تحتوي على مناطق رمادية كبيرة، وخاصة في المرحلتين الثانية والثالثة من المقترح، الذي يدعو إلى “وقف دائم للأعمال العدائية”، و”إعادة الإعمار بغزة” دون توضيح جداول زمنية لذلك.

ونقلت عن محللين أن الغموض مقصود، وأن الإطار مصمم للسماح للجانبين (إسرائيل وحماس) بتفسير الشروط على أنها مواتية بما يكفي لتنفيذ الاتفاق، وتخفيف التوتر ترديجياً، ولكن شروط الجانبين، تشكل مهمة صعبة تنتظر الوسطاء بشأنها.

يقول بريان كاتوليس، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، إن هذا الفصل الأخير من مفاوضات وقف إطلاق النار يعكس تغييراً في النهج وليس الجوهر.

حيث أشار إلى أن نجاح الاستراتيجية في النهاية سيعتمد على قدرة إدارة بايدن على ممارسة ضغط كبير ومتسق على إسرائيل وحركة حماس.

وختم قائلاً: “لكي تنجح خط بايدن، سيتطلب من الإدارة الأمريكية مضاعفة الجهود الدبلوماسية والسياسية في الشرق الأوسط، أكثر من أي وقت مضى، فلا يكفي الإدلاء ببيانات عامة وتوقع النتائج”.