توالت الإدانات من دول عربية، الأربعاء، 31 يوليو/ تموز 2024، لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، مع تحذيرات من مغبة التصعيد في الشرق الأوسط.
في حين أصدر الأزهر الشريف بيانًا أدان فيه بأشد العبارات الجريمة البشعة التي أقدم عليها “الكيان المحتل الغادر باغتيال القيادي الفلسطيني إسماعيل هنية”، الذي اغتالته الأيدي السوداء المجرمة فجر اليوم، ضمن سلسلة الاعتداءات المنكرة التي يمارسها الكيان المحتل.”
ويؤكِّد الأزهر أن “الشهيد المناضل قضى حياته في الذود والدفاع عن أرضه وعن قضية العرب والمسلمين قضية فلسطين الحرة الصامدة، كما يؤكِّد الأزهر أن مثل هذه الاغتيالات لن تنال من عزيمة الشعب الفلسطيني المناضل الذي قدم -ولا يزال يقدم- تضحيات عظيمة لاستعادة حقوقه في إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.”
كما قال البيان: “يتقدَّم الأزهر الشريف بخالص العزاء والمواساة للشعب الفلسطيني، وإلى أسرة الشهيد المناضل، سائلًا المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يُلهم أهله وأسرته المزيد من الصبر والسلوان، “إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”.
إدانات عربية لاغتيال هنية
في سياق موازٍ، أدانت قطر في بيان للخارجية “بأشد العبارات اغتيال هنية في طهران”، واعتبرته “جريمة شنيعة وتصعيدًا خطيرًا وانتهاكًا سافرًا للقانون الدولي والإنساني”.
وأكدت على أن “عملية الاغتيال هذه والسلوك الإسرائيلي المستهتر باستهداف المدنيين المستمر في غزة من شأنهما أن يؤديا إلى انزلاق المنطقة إلى دائرة الفوضى وتقويض فرص السلام”.
وجددت الخارجية “موقف قطر الثابت الرافض للعنف والإرهاب والأعمال الإجرامية، بما في ذلك الاغتيالات السياسية، مهما كانت الدوافع والأسباب”، معبرة عن “تعازي قطر قيادة وشعبًا لذوي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ومرافقه الشخصي وفلسطين وشعبها”.
من جانبه، أكد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في منشور على إكس، أن “نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد المقصود ضد المدنيين في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض، يدفع إلى التساؤل كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته؟”.
وأضاف أن “السلام الإقليمي والدولي بحاجة لشركاء جادين وموقف دولي ضد التصعيد والاستهتار بأرواح شعوب المنطقة”.
وعلى مدى أشهر تحاول جهود وساطة تقودها الولايات المتحدة وقطر ومصر التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة “حماس” يضمن تبادل الأسرى من الجانبين ووقفًا لإطلاق النار، يفضي إلى ضمان دخول المساعدات الإنسانية للقطاع الفلسطيني.
وأكدت الإمارات في بيان للخارجية أنها “تتابع عن كثب التطورات الإقليمية المتسارعة، وتعرب عن قلقها العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة.”
وشددت على “أهمية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والحكمة لتجنب المخاطر وتوسيع رقعة الصراع، وضرورة حل الخلافات عبر الوسائل الدبلوماسية، بعيدًا عن لغة المواجهة والتصعيد”.
البحرين تحذر من تصاعد الأحداث
كما حذرت البحرين في بيان للخارجية من “خطورة عمليات التصعيد في المنطقة وتداعياتها على الأوضاع الأمنية، وزيادة حدة التوتر والعنف وتأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط”.
ودعت مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى مساندة جهود دول المنطقة، للحيلولة دون مزيد من التصعيد والتوتر وانعكاساته الخطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي، مطالبة بالوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق حل الدولتين.
بدورها، أعربت سلطنة عمان عن إدانتها واستنكارها الشديدين لاغتيال هنية، معتبرة ذلك “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني، وتقويضًا واضحًا لمساعي تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العمانية.
كما أعربت الخارجية الكويتية في بيان، عن “إدانة الكويت للهجوم الذي تعرضت له إيران وأدى لاغتيال هنية”، معربة عن “قلقها البالغ إزاء ما أقدم عليه الكيان الإسرائيلي من عمل إجرامي وغير مسؤول”.
وأكدت أن “ذلك السلوك العدواني يعتبر تطورًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي وأهمها احترام سيادة الدول المستقلة”.
ودعت “الأمم المتحدة وسائر المجتمع الدولي إلى الوقوف وبشكل حازم وفوري لتفادي أي تصعيد عسكري قد يدخل المنطقة والعالم في متاهات الفوضى ودوامة العنف، ويقوض فرص السلام”.
مصر تدين التصعيد الإسرائيلي
بدورها، أدانت مصر في بيان للخارجية، سياسة التصعيد الإسرائيلية، ووصفتها بأنها “خطيرة”، محذرة من “مغبة سياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة الدول الأخرى وتأجيج الصراع في المنطقة”.
واعتبرت أن “تزامن هذا التصعيد الإقليمي، مع عدم تحقيق تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، يزيد من تعقيد الموقف ويؤشر إلى غياب الإرادة السياسية الإسرائيلية للتهدئة، ويقوض الجهودَ المضنية التي تبذلها مصر وشركاؤها من أجل وقف حرب غزة”.
وطالبت مصر “مجلس الأمن والقوى المؤثرة دوليًا، بالاضطلاع بمسؤوليتها في وقف هذا التصعيد الخطير بالشرق الأوسط، والحيلولة دون خروج الأوضاع الأمنية في المنطقة عن السيطرة، ووضع حد لسياسة حافة الهاوية”.
كذلك، أدان الأردن في بيان للخارجية “بأشد العبارات اغتيال إسماعيل هنية”، متهما إسرائيل بتلك العملية، وأكد أن ذلك يمثل “خرقًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وجريمة تصعيدية ستدفع باتجاه المزيد من التوتر والفوضى في المنطقة”.
وشدد الأردن على “ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته واتخاذ إجراءات فورية تفرض وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وخروقات إسرائيل للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”، معبرًا عن “التعازي لفلسطين وشعبها، ولذوي هنية ومرافقه”.
من جانبه، أدان وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، في منشور على إكس، “بأشد العبارات اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية رحمه الله”، معتبرًا ذلك “جريمة نكراء وخرقًا فاضحًا للقانون الدولي”
بدوره، أدان العراق في بيان للخارجية، اغتيال هنية، واعتبره “عملية عدوانية تُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وتهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة”.
ودعا العراق “المجتمع الدولي إلى “تحمل مسؤولياته واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الاعتداءات المتكررة وانتهاك سيادة الدول”.
وفي لبنان، أدان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، اغتيال هنية، وذلك في بداية جلسة طارئة لمجلس الوزراء للتباحث بشأن الغارة الإسرائيلية التي طالت بيروت مساء الثلاثاء، وأدت لمقتل 5 أشخاص وإصابة أكثر من 80 آخرين.
وقال ميقاتي: “ندين بقوة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ونرى في هذا العمل خطرًا جديًا بتوسّع دائرة القلق العالمي والخطر في المنطقة”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
كما أدانت الجزائر بشدة، اغتيال هنية، بحسب تصريحات وزير الخارجية أحمد عطاف في مؤتمر صحفي بالعاصمة.
وقال عطاف: “ندين بشدة هذه العملية الإرهابية الغادرة والشنيعة التي أقدمت عليها قوات الاحتلال الصهيوني (إسرائيل)”، محذرًا من محاولات إسرائيلية لإدخال المنطقة في “دوامة الحروب”.
وعلى مستوى المنظمات، أدان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، في بيان للمجلس، اغتيال هنية، وطالب “كافة الأطراف بضرورة التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والتخلي عن سياسات العنف واستخدام القوة”.
وأكد “موقف مجلس التعاون في ضرورة وقف الحرب في غزة ووقف فوري ودائم لوقف إطلاق النار”.
وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في بيان من “مغبة التصعيد الاسرائيلي الخطير في المنطقة”، معتبرًا أن “حدوث الاغتيالات يكشف عن استهانة بالغة بالأعراف الدولية واجتراء على القواعد التي تُنظم العلاقات بين الدول”.
وطالب أبو الغيط المجتمع الدولي بممارسة الضغوط اللازمة على إسرائيل، من أجل الحيلولة دون انفجار إقليمي شامل ستؤدي إليه السياسات المتهورة التي تُباشرها قياداتها.
وعلى مستوى الحركات، نعى حزب الله في بيان، هنية، ووصفه بأنه من قادة المقاومة الكبار في عصرنا الحاضر، الذين وقفوا بكل شجاعة أمام مشروع الهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني.
وأكد الحزب اللبناني أن شهادة القائد هنية ستزيد المقاومين في كل ساحات المقاومة إصرارًا وعنادًا على مواصلة طريق الجهاد.
كما أدانت جماعة الحوثي اليمنية، في بيان، اغتيال هنية، معتبرة ذلك جريمة إرهابية وتصعيدا خطيرا، وحمّلت إسرائيل المسؤولية عنها.
وفي المغرب، أدان حزبان العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية المعارضان اغتيال هنية، ووصفا العملية في بيانين منفصلين بالإرهابية.
وفجر الأربعاء، أعلنت حماس اغتيال هنية إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران، غداة مشاركته الثلاثاء، في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
كما أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بمقتل هنية في طهران، موضحًا أن التحقيق جار في عملية الاغتيال وأنه سيتم إعلان النتائج قريبا.
الاحتلال يمتنع
فيما امتنع الجيش الإسرائيلي عن التصريح بشأن اغتيال هنية، قائلا لمراسل الأناضول: لا نعلق على هذه التقارير.
ولاحقا، أعلنت حماس أن مراسم تشييع رسمية وشعبية ستقام لـهنية في طهران الخميس، قبل نقل جثمانه إلى الدوحة لإقامة صلاة الجنازة ودفنه فيها الجمعة.
ومنذ تأسيس حماس عام 1987، اغتالت إسرائيل عددًا من أبرز قادتها، منهم: الشيخ أحمد ياسين (المؤسس) وعبد العزيز الرنتيسي وصالح العاروري وأحمد الجعبري وصلاح شحادة.
وجاء اغتيال هنية في وقت تشن فيه إسرائيل، بدعم أمريكي، حربا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023؛ أسفرت عن أكثر من 130 ألف قتيل جريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود.