أخبار الرياضة

بين منع فرنسا الحجاب، وتخلي مصريات عن البكيني.. تاريخ من التحيز ضد ملابس النساء “غير الكاشفة” في المسابقات الرياضية

سبب منع فرنسا الحجاب في أولمبياد باريس 2024 حالة من الانتقادات لباريس التي رفضت أن ترتدي اللاعبات اللاتي يمثلنها بالأولمبياد الحجاب والملابس غير الكاشفة، رغم أن اللجنة الأولمبية الدولية سمحت للرياضيات الدوليات بارتداءه.

صحيح أن اللجنة الأولمبية سمحت بارتداء الحجاب خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية (المقامة بين 26 يوليو/تموز، و11 أغسطس/آب 2024)، إلا أن السيدات عانين في سنوات سابقة للحصول على حقهن في ارتداء الأزياء التي يفضلنها، في حين اشتكت رياضيات من الإصرار على إجبارهن على ارتداء ملابس وصفوها “بالمثيرة جنسياً”، بدلاً من ملابس أخرى لا تركز على إظهار أجسادهن.

هذه المسألة تدفع للنقاش حول الأسباب التي تبرر بها فرنسا أو الدول والجهات التي تحظر ارتداء ملابس معينة، وإلى أي درجة تؤثر الأكواد المتعلقة بالملابس على إمكانية مشاركة اللاعبات من عدمه، وأيضاً أبرز المحطات التي ناضلت فيها الرياضيات ليُسمح لهن بتغطية أو كشف ما يرغبن من أجسادهن، دون فرض من اللجان المنظمة.

ما مبررات فرنسا لحظر ارتداء الحجاب في الأولمبياد؟

بررت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا-كاستيرا، في سبتمبر/أيلول 2023، حظر الحجاب بقولها إن الحكومة تعارض عرض الرموز الدينية خلال أكبر حدث رياضي في العالم، رغم أن اللجنة الأولمبية الدولية قررت أن الرياضيين أحرار في ارتداء الحجاب.

وعلى إثر القرار اُتهمت السلطات الفرنسية بممارسة التمييز ضد النساء والفتيات المسلمات من المجتمع الفرنسي. ويمثل المسلمون حوالي 10% من السكان في فرنسا، ورغم ذلك تشتهر فرنسا بسياسات تحظر ارتداء الحجاب والعباءة الفضفاضة في بعض الأماكن العامة، آخرها في المدارس في العامين 2004 و2023 على التوالي.

لكن مشكلة الحجاب أو اللباس الرياضي للسيدات والفتيات كان محل جدل على مدار السنوات في مسابقات رياضية كثيرة وليس الأولمبياد وحده، ويكشف هذا التاريخ عن نضال خاضته الرياضيات حتى تسمح بعض المسابقات الدولية بارتداء ملابس أقل انكشافاً أو ارتداء الحجاب.

رياضيات يتحدين قوانين الأولمبياد

في هذا العام مثلاً؛ قررت بعض لاعبات الكرة الطائرة الشاطئية عدم ارتداء الجزء السفلي من البكيني واستبداله بالسراويل الضيقة، وهو ما سبب جدلاً حول حق اللاعبات في تغطية أجسادهن.

وكان بين هؤلاء اللاعبات منتخب مصر للسيدات، حتى إن الرياضيات المصريات اخترن ارتداء الأكمام الكاملة والسراويل الطويلة إلى جانب الحجاب، وليس فقط التخلي عن البكيني.

إذ كانت في الألعاب الأولمبية السابقة، تجبر لاعبات الكرة الطائرة الشاطئية على ارتداء الجزء السفلي من البكيني.

وعندما سمحت اللجنة الأولمبية الدولية بعدم ارتداء الجزء السفلي من البكيني، اشترطت على اللاعبات أن يرتدين سراويل ضيقة للغاية، حيث تنص القواعد الرسمية على أنه لا يمكن أن يزيد عرضه عن 7 سم على الجانبين.

ويبدو أن ذلك القرار بالسماح بالبنطال الضيق بدلاً من البكيني سبب نقاشاً بين مؤيدٍ ومعارض، كما أشارت صحيفة Daily Mail البريطانية، ورغم ذلك، اختارت بعض اللاعبات لباساً أقل انكشافاً وضيقاً.

أيضاً؛ خلال أولمبياد طوكيو 2020، اعترضت بعض الرياضيات بشأن الملابس بارتداء فريق الجمباز النسائي الألماني بدلات كاملة تصل إلى الكاحل بدلاً من البدل القصيرة بفتحة البيكيني، وقال الفريق إنه أراد بذلك التأكيد على حق كل سيدة في أن تظهر أو تخفي ما تريد من جسدها.

رياضيات في مسابقات دولية يثرن لملابس أقل انكشافاً

لكن حاولت رياضيات أخريات الثورة على معايير الملابس في مسابقات رياضية دولية أخرى، في بعض الأحيان استجابت لهن اللجان المنظمة، لكن في أحيان أخرى جرى تغريمهن وعقابهن، كما أشار تقرير للنسخة الإنجليزية لموقع “الجزيرة“.

على سبيل المثال؛ كان الزي الرسمي لفريق الكريكيت النسائي في إنجلترا عبارة عن بلوزات بيضاء وتنورات مقسمة بيضاء، وذلك منذ العام 1934 إلى 1997. وبعد مطالبات من اللاعبات في العام 1997، تم السماح لهن بارتداء السراويل بدلاً من التنورات إن رغبن في ذلك.

أيضاً؛ في العام 2018، قامت بطلة التنس الأمريكية سيرينا ويليامز بارتداء بدلة كاملة للجسم باللونين الأحمر والأسود خلال بطولة فرنسا المفتوحة.

البدلة كانت تهدف بالأساس لمنع الجلطات الدموية، ورغم ذلك أثارت نقاشاً طويلاً، رغم أن رابطة التنس العالمية (WTA) لم تكن تملك قاعدة صريحة تمنع ارتداء بدلة كاملة في البطولات.

وبعد الجدل الذي أثاره ارتداء لاعبة التنس الشهيرة اللباس غير الكاف، قام رئيس الاتحاد الفرنسي للتنس بفرض قواعد لباس جديدة تمنع ارتداء مثل هذه البدلة في البطولات المستقبلية.

لكن القرار أثار غضباً جعل الرابطة تتراجع قليلاً بإعلانها في موسم 2019 أنها ستسمح بارتداء اللباس الضاغط أو السراويل الضاغطة من دون تنورات.

فريق كرة اليد الشاطئية النسائي النرويجي قرر في صيف 2021 ارتداء السراويل القصيرة بدلاً من السراويل البيكيني كجزء من تأكيدهن على اختيار الملابس، في وقت كان يحق للرجال ارتداء السراويل طالما كانت فوق الركبة.

لكن كان رد فعل اللجنة المنظمة سلبياً، إذ غرم كل لاعبة 150 يورو (177 دولاراً).

هل تمنع قواعد الملابس النساء من ممارسة الرياضة الاحترافية؟

أجرى أعضاء هيئة التدريس من جامعة “ماسي” بنيوزيلندا دراسة استقصائية بحثية لتقييم تأثير تصميم الزي الرياضي على ثقة الرياضيات بأنفسهن، بعد إجراء مقابلات مع نساء من رياضات مختلفة في المنظمات الرياضية الوطنية بنيوزيلندا.

أشارت الدراسة الاستقصائية، التي نشرت في مارس/آذار 2024، إلى أن تصميم الملابس الرياضية “يمكن أن يساهم في زيادة قلق الرياضيات، وخاصة فيما يتعلق بصورة الجسم، ورؤية دم الحيض ورؤية الملابس الداخلية أثناء ارتداء الزي الرياضي”.

كذلك أجرت جامعة “فيكتوريا” في أستراليا استطلاعاً لآراء 727 فتاة لتقييم معتقداتهن حول الملابس الرياضية، وتبين أن 65% لم يرغبن في ارتداء التنانير أثناء ممارسة الرياضة المدرسية.

كما بحثت لاعبة الهوكي الإنجليزية تيس هوارد في هذا الأمر كطالبة في جامعة “دورهام”، بعد بحث شمل أكثر من 400 امرأة.

وخلصت إلى أن الملابس الرياضية التي تعتمد على الجنس مثل التنانير غالباً ما تتسبب في ترك الفتيات المراهقات للرياضة.

إذ قالت 70% من النساء اللاتي شملهن الاستطلاع إنهن رأين فتيات يتركن الرياضة بسبب الملابس الرياضية التي تسبب مخاوف بشأن صورة الجسم.