الأخبار

2 مليون لغم أرضي في أوكرانيا.. كيف يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في إزالتها؟

تستخدم مؤسسة HALO Trust وهي منظمة إنسانية دولية٬ تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين اكتشاف الألغام الأرضية في أوكرانيا، حيث تحولت البلاد بسبب الحرب إلى أكبر حقل ألغام في العالم. وبدعم من منحة قدرها 4 ملايين دولار من شركة Amazon Web Services، تستخدم شركة “هالو” الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الملتقطة بواسطة الطائرات بدون طيار، مما يقلل بشكل كبير من وقت اكتشاف أماكن الألغام من أسابيع وأشهر إلى ساعات.


كيف يمكن اكتشاف أكبر حقل ألغام في العالم؟

يقول تقرير لموقع sandboxx العسكري الأمريكي٬ إن منظمة “هالو تراست”، التي تعمل على إزالة الألغام من مناطق الصراع منذ أكثر من ثلاثة عقود، بتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي على الصور الملتقطة بواسطة طائرات بدون طيار وغيرها لتطوير وتحليل ملفات تعريف موثوقة للألغام الأرضية الخفية داخل التضاريس.

وتجعل الألغام المزروعة على السطح على نطاق واسع في أوكرانيا اكتشافها بواسطة الطائرات بدون طيار أمراً فعالاً، مما يساعد مهمة منظمة “هالو” في إزالة الألغام بشكل أسرع وأكثر أماناً.

مع إجراء 542 رحلة لطائرات بدون طيار وتخزين 11 تيرابايت من البيانات التي تم جمعها بالفعل، تهدف منظمة HALO إلى نشر أداة الذكاء الاصطناعي هذه بحلول نهاية العام، مما يوفر نموذجاً لجهود إزالة الألغام العالمية، بما في ذلك في التضاريس الصعبة في دولة عديدة٬ مثل كولومبيا على سبيل المثال.


كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز جهود الكشف عن الألغام في أوكرانيا؟

في العام الثالث من الحرب مع روسيا٬ اكتسبت أوكرانيا سمعة سيئة باعتبارها أكبر مختبر لابتكار وتجريب الأسلحة في ساحة المعركة، وبدءاً من الطريقة التي تستخدم بها الطائرات بدون طيار والتدابير المضادة للطائرات المسيرة٬ إلى استخدام الأسلحة للمدفعية والألغام الأرضية.

وعلى مقربة من القتال في شرق أوكرانيا، تستخدم منظمة منظمة “هالو” الذكاء الاصطناعي في برنامج تجريبي قد يكون له آثار منقذة للحياة في العالم أجمع وليس في أوكرانيا فحسب٬ بحسب تقرير لمجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية.


واعتباراً من هذا العام، تُعتبر أوكرانيا أكبر حقل ألغام في العالم ، حيث يوجد ما يصل إلى مليوني لغم منتشرة في جميع أنحاء مناطق القتال هناك٬ وربما يتطلب إزالة الألغام من ثلث مساحة البلاد٬ من أجل السكن الآمن.

وبحسب موقع “فوكس” الأمريكي، فإن الألغام الأرضية القاتلة المحتملة في الصراع تؤدي إلى طريقتين: أولاً، يمكن للمدفعية، التي كانت سلاحًا بريًا مفضلًا على جانبي القتال، أن تخلف وراءها قذائف نشطة، تُعرف باسم الذخائر غير المنفجرة، أو UXO.

وثانيًا، يتم وضع الألغام المضادة للدبابات والأفراد عمدًا لقتل المقاتلين سيرًا على الأقدام أو في المركبات المدرعة٬ وهذه القنابل التي يتم تشغيلها بالضغط تشكل تهديدًا للسكان المدنيين كما هو الحال بالنسبة للجيش.

ويقول ماثيو أبيركرومبي، مسؤول البحث والتطوير في مؤسسة هالو تراست، لموقع Sandboxx News: “بشكل عام، مع تحول أوكرانيا بسرعة إلى واحدة من أكثر الدول تلوثًا في العالم بالألغام، فهي المكان الذي يمكن أن تحدث فيه هذه التكنولوجيا أكبر تأثير”. وأضاف: “حتى لو كانت لدينا جميع الموارد في العالم، فسيظل الأمر يتطلب قدرًا هائلاً من الوقت والجهد لإزالة ما يتم الإبلاغ عنه كمستوى انتشار ألغام. لذا فإن أي شيء يمكننا القيام به لتضييق نطاق ذلك العمل سيكون له تأثير كبير على قدرتنا على إنجاز المهمة في إزالة مئات آلاف الألغام”.

ولكن هناك سبب آخر أيضًا يجعل من أوكرانيا مكانًا مناسبًا لاختبار إزالة الألغام باستخدام الذكاء الاصطناعي، وفقًا لأبركرومبي. ففي الصراع الحالي، يتم زرع كمية كبيرة من الألغام المزروعة على سطح الأرض، بدلاً من حفرها في الأرض. وهذا يسمح لكاميرات RGB الموجودة على الطائرات بدون طيار التي تحلق بها منظمة HALO Trust بالتقاط شكلها وخصائصها.

وفي حين تأمل المنظمة في بناء التصوير متعدد الطبقات والأطياف في نهاية المطاف، مما سيساعدها على التقاط الأدلة غير المرئية للعين المجردة، فإن أوكرانيا تقدم تحديًا مباشرًا في اكتشاف الألغام.


تحديد المناطق الآمنة بسرعة كبيرة

وبحلول أواخر يونيو/حزيران 2024، أكملت المنظمة 542 رحلة بطائرات بدون طيار بلغ مجموعها 11 تيرابايت من البيانات، وفقًا لإعلان منشور على موقعها. وقال أبيركرومبي لـ Sandboxx إن الرحلات الجوية تجري بالفعل منذ أكثر من عام، وتمثل المعلومات التي تم الحصول عليها عبئًا هائلاً على المحللين البشريين. والمعلومات التي تجمعها المنظمة آمنة ولا يتم مشاركتها مع كيانات عسكرية أو مدنية أخرى؛ وتتم إزالة الألغام التي تتبع تحديد الهوية إلى حد كبير من قبل موظفي HALO البالغ عددهم 1200 موظف في أوكرانيا.

وأضاف أنه “بات واضحًا جدًا أن المشكلة تكمن في عدم القدرة على تحليل الصور في الوقت الكافي لجعلها مفيدة”. وهناك عنصر زمني واضح للغاية: فوفقًا لجنيفر هيمان، رئيسة الاتصالات في منظمة هالو، فإن أكبر عدد من الضحايا المدنيين بسبب الألغام الأرضية يحدث عادةً أثناء محاولة السكان النازحين العودة إلى ديارهم. وأضافت أن التكنولوجيا التي تأمل المنظمة في تطويرها من شأنها أيضًا أن تعمل على تسريع القدرة على رصد النشاط البشري وعلامات الضرر بشكل كبير، مما يوفر رؤى حول المناطق الأكثر أمانًا لحركة البشر وعودتهم.

إن تدريب الذكاء الاصطناعي على تحديد الألغام بالإضافة إلى المحلل البشري سوف يستغرق وقتا طويلا وكميات هائلة من الصور٬ هناك آلاف الصور لنوع واحد من الألغام المضادة للدبابات أو المضادة للأفراد، على سبيل المثال. ومما يزيد الأمور تعقيداً أن مراقبي حقوق الإنسان  قالوا إن روسيا وأوكرانيا تستخدمان ما لا يقل عن 13 نوعا مختلفا من كل نوع من الألغام!

ومع ذلك، وعلى الرغم من حجم مهمة جمع المعلومات، تخطط منظمة هالو لتجهيز النسخة الأولى من أداة الكشف عن الألغام بالذكاء الاصطناعي لتوزيعها على موظفيها في أوكرانيا بحلول نهاية العام. كما يتطلعون بالفعل إلى استخدام هذه التكنولوجيا في حقول ألغام أخرى حول العالم٬ حيث تجعل التضاريس الجبلية صور الطائرات بدون طيار في أمكان أخرى خياراً أكثر سهولة من التعرف البشري.

ومن المثير للقلق أن نشاط روسيا في أوكرانيا قد يخلق مساحات أكبر للمنظمات مثل “هالو ترست” للعمل فيها٬ فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن بعض الدول الأوروبية المجاورة، التي تسعى إلى تعزيز دفاعاتها، تفكر في العودة إلى استخدام الألغام الرخيصة والقاتلة في المناطق الحدودية.