الأخبار

الاحتلال يعيد اقتحام طولكرم.. عاد إلى المخيم بعد 16 ساعة من التدمير والقتل والتنكيل 

أعاد الجيش الإسرائيلي في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، 23 يوليو/ تموز 2024، اقتحام مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية، للمرة الثانية خلال يومين، حيث حاصر أحد المنازل هناك.

وقال تلفزيون فلسطين (حكومي)، إن الجيش الإسرائيلي “اقتحم طولكرم من محورها الجنوبي الغربي، وحاصر منزلًا”.

وأشار إلى “إطلاق نار في محيط المنزل المحاصر في عزبة الجراد بطولكرم”، لافتا إلى أن الجيش استهدف المنزلَ المحاصرَ بطائرة انتحارية (مسيرة).

وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام فلسطينية استخدام الاحتلال لشاب درعاً بشرياً من خلال ربطه على مقدمة إحدى الجيبات العسكرية.

16 ساعة من الدمار

ويأتي الاقتحامُ الإسرائيلي لمدينة طولكرم بعد ساعات من انسحابه منها مخلفًا 5 قتلى في صفوف الفلسطينيين.

حيث روى سكان مخيم طولكرم، شمال الضفة الغربية، كيف حولت القوات الإسرائيلية مخيمهم إلى “كومة دمار ومكانا للتنكيل بالجثامين” في غضون 16 ساعة فقط، شهدت الكثير من القصف والتدمير المتعمد.

وأسفرت تلك العملية عن مقتل 5 فلسطينيين، بينهم سيدتان، و3 من القادة البارزين في المخيم، بحسب مصادر فلسطينية رسمية.

بدورها، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن السلطات الإسرائيلية احتجزت جثامين 4 فلسطينيين، بينهم فتاة.

وأشارت إلى أن الجثامين المحتجزة تعود لكل من “أشرف عيد زاهر نافع، ومحمد إبراهيم محمد عوض، ومحمد بديع محمد رضوان، وبيان محمد جمعة سلامة عيد”.

وتشمل هذه القائمة 3 من القيادات البارزة في المخيم، والذين نعتهم حركة حماس في بيان قائلة إن “عملية اغتيال جبانة نفّذها جيش الاحتلال الإرهابي، طالت القائد المجاهد أشرف عيد نافع، قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام في مخيم طولكرم، ورفاق دربه القادة في كتائب شهداء الأقصى (محسوبة على حركة فتح) محمد عوض ومحمد بديع”.

فيما أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان مشترك مع جهاز الأمن العام الشاباك أنه خلال حملة واسعة في طولكرم، قضى بمشاركة الشاباك على أشرف نافع، و”مسلحين ينتمون إلى منظمات بالمنطقة، بينهم محمد عوض”.

وبذلك يرتفع عدد قتلى الضفة إلى 585 منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، بالإضافة إلى نحو 5 آلاف و400 مصاب، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.

وما أن أعلن الجيش الإسرائيلي، ظهر الثلاثاء، انتهاء العملية التي بدأها في العاشرة من مساء الاثنين، خرج سكان المخيم ليعيشوا صدمة جديدة من حجم الدمار الذي لحق بالمخيم، والأضرار التي نتجت عن القصف بالمسيرات الإسرائيلية.

وبينما يلملم أحد السكان بعضًا من بضاعته التي دمرت جراء تدمير واجهات المحل في شارع السوق بالمخيم، يحاول آخر مواساته قائلاً: “الله يعوض، الحمد لله على السلامة”.

ودُمرت عشرات المحالِّ التجارية في المخيم، كما هُدِمت الكثير من الجدران الخارجية للمنازل بفعل الجرافات الإسرائيلية التي ألحقت الأضرار أيضًا بالبنية التحتية للمخيم.

وقال شهود عيان إن تلك العملية العسكرية تسببت في “انقطاع المياه وشبكات الكهرباء والاتصالات وخدمات الصرف الصحي”.

بدورها، تحدثت أسماء الزبيدي (64 عامًا) للأناضول، بينما كانت تتفقد وطفلتها التي لم تتعدَّ 10 سنوات، آثار الدمار الذي حل بمنزلها في حي الحمام بالمخيم.

وتساءلت قائلةً: “بات المنزل آيلاً للسقوط، ما الذنب الذي اقترفته حتى تأتي الجرافات وتفعل ما فعلته؟”.

وأشارت الزبيدي إلى أنها غادرت المخيم أمس وعادت بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه، “عندما عدت لم أعرف أين مدخل المنزل، الواجهات الخارجية مدمرة، كيف يمكن العيش لأطفال وأيتام في هكذا منزل؟”.

وبينما لا تزال السيدة تبحث عما يمكن إصلاحه من منزلها، قالت لطفلتها: “أين يمكن أن نبيت ليلتنا؟ لا مكان لنا الآن”، حسبما نقل مراسل الأناضول.

أما بسام قطاوي (76 عامًا) فحاول سرد تفاصيل ساعات التخريب في المخيم وهو يقف أمام منزله، وقال “عند فجر الثلاثاء بدأت جرافات إسرائيلية بتدمير حي الحمام، دخلت جرافة نوع دي 9، وشرعت بتدمير الشوارع وأعمدة الكهرباء وكل شيء، ثم بدأت بجرف المنازل بشكل متعمد من أجل التدمير فقط”.

وأضاف للأناضول: “لم ننم ليلتنا وكاد البيت يسقط فوق رؤوسنا، الرصاص يُسمع بين الحين والآخر، وهناك طائرات مسيرة قصفت منزلًا مجاورًا”.

وتابع: “هذه ليست المرة الأولى التي يتضرر فيها منزلي ولكن هذه المرة الوضع مختلف، دمار كبير وغير متصور”.

من جهته، وصف سائد فحماوي (46 عامًا) ما حدث خلال تلك الساعات الـ16 بالمخيم بأنها كانت “ساعات مرعبة”.

وروى قائلًا: “القوات الإسرائيلية دخلت من أجل التدمير والتخريب، حولت المخيم لكومة من الدمار والركام. في كل زقاق وشارع دخلته القوات، تعمدوا ضرب كل شيء”.

وأضاف فحماوي وهو من سكان حي الحمام “مشهد الشهداء محزن للغاية، قُتلوا بقصف إسرائيلي ثم دخلت الجرافات ونكلت بجثامينهم، هذا المشهد لم يمر علينا هنا في الضفة”.

ورأى فحماوي أن ما حدث أظهر الجيش الإسرائيلي وكأنه “تعمد نقل ما يجري في قطاع غزة من مجازر وتدمير إلى الضفة ومخيمات الضفة تحديدًا ولو بصورة أقل”.

ونفذت إسرائيل تلك العملية العسكرية في مخيم طولكرم بينما تشن بدعم أمريكي حربًا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلَّفت أكثر من 129 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.