الأخبار

“العدل الدولية” تدعو إسرائيل إلى إخلاء المستوطنات وإنهاء وجودها في الضفة الغربية بـ “أقرب وقت ممكن”

شددت محكمة العدل الدولية، الجمعة، 19 يوليو/ تموز 2024 على أن سياسات إسرائيل الاستيطانية واستغلالها للموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية يعد انتهاكًا للقانون الدولي، وأنه يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية فورًا ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير.

جاء ذلك على لسان رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام خلال جلسة بمدينة لاهاي الهولندية، لإبداء رأي المحكمة الاستشاري بشأن تداعيات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وذلك ردًا على طلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل نحو عام ونصف.

وفي مطلع الجلسة، قال القاضي سلام إن “”المحكمة تبحث التداعيات القضائية للممارسات السياسية الإسرائيلية وانعكاسها على الأراضي المحتلة”.

وقضت المحكمة بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل “”وحدة إقليمية واحدة” سيتم حمايتها واحترامها، وتابعت: “يجب على إسرائيل أن توقف فورًا جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة”.

وأشارت إلى أن “سياسة الاستيطان الإسرائيلية وممارساتها تتعارض مع حظر النقل القسري للسكان المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة”.

وتخضع واجبات إسرائيل في الأراضي المحتلة لمعاهدة 1959 بشأن معاملة المدنيين في زمن الحرب، حسب المصدر نفسه.

وأوضحت أن سياسات إسرائيل “غير القانونية” وممارساتها تنتهك التزامها باحترام حق الفلسطينيين في تقرير المصير، كما قالت: ” على إسرائيل الالتزام بمعاهدة سدرا عندما تمارس سلطاتها خارج أراضيها”.

وخلصت المحكمة إلى أن “استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية لفترة زمنية طويلة لا يغير وضعها القانوني”، معتبرة أن “الاحتلال حالة مؤقتة للاستجابة لضرورة عسكرية، ولا يمكن نقل ملكية السيادة إلى قوة الاحتلال”.

وبما يخص قطاع غزة، قال رئيس المحكمة إن “إسرائيل احتفظت بممارسة سلطتها على القطاع، خاصة مراقبة حدوده الجوية والبحرية والبرية”.

وأكدت أن لوائح لاهاي أصبحت جزءًا من القانون الدولي العرفي، وبالتالي فهي ملزمة لإسرائيل، مشددة على أن “الحماية التي توفرها اتفاقية حقوق الإنسان لا تتوقف في حالة النزاع المسلح أو الاحتلال”.

وقالت المحكمة إن “استغلال إسرائيل للموارد الطبيعية” في الأراضي الفلسطينية المحتلة “يتعارض مع التزامها باحترام حق الفلسطينيين في السيادة”.

كما سلطت الضوء على أن ترحيل سكان الأراضي المحتلة من أراضيهم كان “قسرًا”، وهو ما يخالف التزامات إسرائيل، وتابعت بالقول: “نلاحظ بقلق بالغ أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية آخذة في التوسع”.

وأوضحت أن “تطبيق إسرائيل لقانونها المحلي في الضفة الغربية أدى إلى ترسيخ وتعزيز سيطرتها على الأراضي المحتلة”.

وأضافت أن نظام القيود الممنهج الذي فرضته إسرائيل على الفلسطينيين يعتبر “تمييزًا بناءً على العرق”.

ويقول رأي العدل الدولية الاستشاري إن السياسات والممارسات الإسرائيلية ترقى إلى ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقول المحكمة إنها “غير مقتنعة” بأن توسيع القانون الإسرائيلي ليشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية له ما يسوغه.

واعتبرت المحكمة أن إسرائيل “ملزمة” بإنهاء وجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة “بأقرب وقت ممكن”.

وأكدت أن إسرائيل ملزمة بإلغاء جميع التدابير التشريعية التي تحدث أو تحافظ على الوضع غير القانوني، بما فيها تلك التمييزية ضد الفلسطينيين.

وشددت على أن “جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بالوضع القانوني الناشئ عن الوجود غير الشرعي لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وفي ختام رأيها الاستشاري، اعتبرت محكمة العدل الدولية أن حق الفلسطينيين في الحصول على دولة مستقلة ذات سيادة تعيش جنبًا إلى جنب في سلام مع إسرائيل من شأنه أن “يسهم في الاستقرار الإقليمي”.

بلدة ترمسعيا مستوطنون المستوطنين الإسرائيليين في الضفة

وفي 30 ديسمبر/ كانون الأول 2022، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري حول التبعات القانونية الناشئة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، وكيف تؤثر ممارسات إسرائيل على الوضع القانوني للاحتلال، وما هي التبعات القانونية لهذا الوضع على كافة الدول والأمم المتحدة.

وفي جلسات الاستماع التي عقدت يومي 19 و26 فبراير/ شباط 2024، شاركت 49 دولة، من بينها تركيا، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي، وعرضت شفهيًا وجهات نظرها بشأن احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية وضمها إلى مجلس المحكمة.

وقالت غالبية الدول المشاركة في جلسات الاستماع إن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وممارساتها تجاه الفلسطينيين “غير قانونية”.

بينما دافعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن الأطروحات الإسرائيلية، وطلبتا من المحكمة عدم إصدار أي رأي استشاري.

وتشمل واجبات المحكمة، وهي الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، أولاً، حل المنازعات القانونية التي تنشأ بين الدول وفقًا للقانون الدولي، وثانيًا، إبداء الرأي الاستشاري في المسائل القانونية المحالة إليها.

ويجوز للهيئات المعتمدة لدى الأمم المتحدة أن تطلب رأيًا استشاريًا من محكمة العدل الدولية بشأن مسألة تتعلق بالقانون الدولي، بشرط أن تكون ذات صلة بأجهزة الأمم المتحدة ومجالات نشاطها، ولا يجوز للدول أن تطلب رأيًا استشاريًا من المحكمة.

ورغم أن الرأي الاستشاري غير ملزم، إلا أنه مهم جدًا لأنه يعكس رأي محكمة العدل الدولية بشأن تلك القضية.

وفي يوليو/ تموز الماضي، زعمت الحكومة الإسرائيلية أن لها “الحق في فرض سيادتها على الضفة الغربية”، قائلة إن “للشعب اليهودي الحق الحصري في تقرير المصير على هذه الأراضي”.

وكانت إسرائيل قد احتلت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة في العام 1967.

ويحظر القانون الدولي على إسرائيل ضم أي أجزاء من الضفة الغربية، بحسب بيانات عديدة للأمم المتحدة في السنوات الماضية.

واستبقت إسرائيل إعلان الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بقرار مررته عبر الكنيست بالأغلبية يرفض أيَّ تأسيس لدولة فلسطينية ويعتبر الأراضي غرب نهر الأردن أراضي إسرائيلية خالصة.

والخميس، صوّت الكنيست بالأغلبية لصالح قرار يرفض قيام دولة فلسطينية، ويّدعي أن “إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل ستشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل ومواطنيها، وستؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة”.

ويأتي إعلان “العدل الدولية” رأيها الاستشاري في وقت تواصل فيه إسرائيل حربًا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خلفت أكثر من 128 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.

وبالتزامن مع حربه على غزة، صعَّد الجيش الإسرائيلي ومستوطِنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 576 فلسطينيًا، وإصابة نحو 5 آلاف و350، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة، أعلنت أرمينيا وسلوفينيا وإسبانيا والنرويج وأيرلندا اعترافها رسميًا بفلسطين، ما رفع عدد الدول المعترفة بها إلى 149 من أصل 193 دولة بالجمعية الأممية.