تجمع آلاف المشاركين في مدينة سريبرينتسا، لإحياء ذكرى المجزرة التي شهدتها خلال الحرب الأهلية في البوسنة عام 1995، حيث تم استهداف مسلمي البوسنة في حادثة وصفتها المحاكم الدولية بالإبادة الجماعية، حيث جاء هذا التجمع الكبير بعد شهرين من إعلان الأمم المتحدة تخصيص يوم سنوي لتذكر هذه الفاجعة.
يعود تاريخ هذه الأحداث المأساوية إلى 11 يوليو/ تموز 1995، عندما تمكنت قوات صرب البوسنة تحت قيادة راتكو ملاديتش من السيطرة على سريبرينتسا، قبل أشهر من نهاية الحرب الأهلية التي دامت 3 سنوات. وفي الأيام التي تلت ذلك، قامت هذه القوات بقتل نحو 8 آلاف رجل ومراهق مسلم في ما وصفته المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ومحكمة العدل الدولية بأنها إبادة جماعية.
تتزامن هذه الذكرى مع جهود دولية مستمرة لتسليط الضوء على الجرائم ضد الإنسانية وتعزيز العدالة والمصالحة في المنطقة، مما يؤكد على أهمية التذكير بالتاريخ لمنع تكرار مثل هذه المأساة.
جثث لا تزال ضائعة
وجاءت مولودة حسنوفيتش عند قبر ابن عمها الذي كان عمره 18 عاماً عندما قُتل.
وقالت “الأمر صعب عندما يأتي تموز/ يوليو. انتهى بهم الأمر على هذا النحو فقط لأنهم يحملون اسماً (مسلماً) مختلفاً”.
وفقدت حسنوفيتش أكثر من 10 من أقاربها الذكور في المذبحة، بينهم والدها وزوجها الذي يقع قبره بجوار قبر ابن عمها.
ودفن رفاته مرتين إذ عثر عليه في مقبرتين جماعيتين مختلفتين.
وأكدت السيدة البالغة 54 عاماً لوكالة فرانس برس، إنها لا تزال تبحث عن بقايا شقيقها، “على الأقل عظمة واحدة” لدفنه.
في أواخر أيار/ مايو أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة تخصيص يوم عالمي لذكرى الإبادة في سريبرينتسا، على الرغم من المعارضة الشديدة لصرب البوسنة ولصربيا.
نفى ميلوراد دوديك، رئيس الكيان الصربي في البوسنة، مراراً وتكراراً أن تكون حصلت إبادة جماعية، وقال إن إدارته لن تعترف بالقرار.
وأصدرت محكمة تابعة للأمم المتحدة حكماً بالسجن مدى الحياة على الزعيم السياسي لصرب البوسنة رادوفان كارادجيتش وقائد جيشه راتكو ملاديتش بتهمة ارتكاب جرائم حرب بما في ذلك الإبادة الجماعية في سريبرينتسا.
رفات غير مكتمل
الخميس، سيدفن رفات 14 آخرين من الضحايا، بينهم فتى كان في السابعة عشرة، في مقبرة تذكارية في بوتوكاري، خارج سريبرينتسا مباشرة.
وسيدفن بيريز موييتش الذي عثر على رفاته في منطقة سريبرينتسا العام الماضي، بجوار شقيقه حازم.
وحتى الآن، تم دفن رفات 6988 من ضحايا سريبرينتسا، ومنها الكثير غير مكتمل، وغالبيتها تحت شواهد القبور البيضاء في بوتوكاري.
وعثر على الرفات في 87 مقبرة جماعية، وقالت متحدثة باسم معهد المفقودين في البوسنة لوكالة فرانس برس إنهم ما زالوا يبحثون عن نحو ألف شخص.
وللتغطية على الجريمة، قامت قوات صرب البوسنة بنقل جثث الضحايا إلى مقابر جماعية ثانوية.
الخميس، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في رسالة مصورة الخميس بمناسبة الذكرى السنوية الـ29 “للإبادة الجماعية” في سربرنيتسا البوسنية، إن المسؤولين عن “الوحشية” في قطاع غزة، سوف يحاسبون عاجلاً أم آجلاً أمام القانون الدولي تماماً كما حدث في سربرنيتسا بالبوسنة.
وأكد على أن الشعب الفلسطيني “يتعرض اليوم في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة لوحشية مماثلة لتلك التي شهدتها سربرنيتسا قبل 29 عاماً”.
وأضاف أن المؤسسات والمنظمات الدولية “تكتفي بمشاهدة مقتل حوالي 40 ألف إنسان بريء بينهم 16 ألف طفل (في غزة) تماماً كما فعلت قبل 29 عاماً في سربرنيتسا”.
من جانبه وصف الاتحاد الأوروبي الذي تطمح البوسنة للانضمام إليه هذه الفظائع بأنها “واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ أوروبا الحديث”.
وقال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل والمفوض الأوروبي لشؤون التوسيع أوليفر فارهيلي في بيان مشترك “لا مكان بيننا لأولئك الذين ينكرون الإبادة الجماعية ويحاولون إعادة كتابة التاريخ وتمجيد مجرمي الحرب”.
الإثنين، انطلق آلاف الأشخاص في مسيرة إلى سريبرينتسا في شرق البوسنة لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية.
والمسيرة التي تمتد على 100 كيلومتر تنظّم سنوياً انطلاقاً سريبرينتسا وصولاً إلى قرية نيزوك التي وصلها أوائل الناجين حينها.
ودارت الحرب في البوسنة بين 1992-1995 بين الكروات والمسلمين والصرب، وأودت بحياة ما يقرب من 100 ألف شخص.