الأخبار

سوق افتراضي لا يخضع لأي ضريبة.. التجارة الإلكترونية في المغرب ملاذ الهاربين من كابوس البطالة 

في العالم الافتراضي لا يمكن أن تمر دقيقتان دون أن تصادف عيناك إعلانات تجارية لعدة منتجات، يسارع أصحابها لكسب الزبائن، كمن يصرخ وسط سوق واقعي، إنها التجارة الإلكترونية التي باتت تنتشر كالنار في الهشيم في المغرب.

بدءًا من الشركات الصغيرة وصولًا إلى أضخمها، الجميع يستفيد من صناعة التجارة الإلكترونية في المغرب، ولا مجال للتراجع عنها، فمن المتوقع أن تصل قيمة سوق التجارة الإلكترونية إلى 200 مليار دولار بحلول سنة 2026، رقم كبير لتجارة تزداد انتشارًا يومًا بعد يوم.

التجارة الإلكترونية “بحر”

عندما نتحدث عن التجارة الإلكترونية في المغرب، فإن ما يتبادر إلى ذهن المتلقي أساسًا، المعاملات التجارية بين البائع والزبون، غير أن مفهوم التجارة الإلكترونية، أكبر من ذلك.

قال بدر المكمل، تاجر إلكتروني، في حديثه لـ”عربي بوست”، إن “التجارة الإلكترونية بحر كبير، هناك تجارة بين الشركات، وتجارة بين الشركات والمستهلك، والمستهلكين فيما بينهم، وهذه الأخيرة هي ما نراه اليوم في تزايد.”

كما تشمل التجارة الإلكترونية المعاملات المختلفة التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية، بما في ذلك بيع البضائع وتقديم الخدمات من خلال القنوات عبر الإنترنت مثل مواقع الويب ومنصات التواصل الاجتماعي.

بدر صاحب متجر إلكتروني، بالإضافة إلى صفحة يصل متابعيها إلى 300 ألف شخص، يقدم من خلالها إعلانات لدورات تدريبية لتعليم التجارة الإلكترونية للمبتدئين، ولا يتوانى عن تقديم النصائح لمتابعيه من أجل تجارة مربحة.

أكد المكمل على أهمية الاستثمار من خلال التجارة الإلكترونية، إذ بإمكان كل تاجر شراء المنتجات أو بيعها من خلال الإنترنت برأسمال محدود. كما بإمكانه البيع خارج الحدود التي تحيط به وهذا يساعد على زيادة رأس المال.

في المقابل يوفر التاجر الوقت والجهد على المستهلك، الذي يشتري بضاعته بطريقة سهلة ومباشرة.

وإذا كانت فوائد التجارة الإلكترونية عديدة، فإن للسوق الافتراضي عدة نواقص، مثل “مشاكل البرامج الضارة والقرصنة لسرقة معلومات تجارية عن المنتج المعروض أو بيانات العملاء”.

بالإضافة إلى “إمكانية نشوب نزاعات مع عملاء قد تتفاقم حتى تدفع بالتاجر للإفلاس خاصة في ظل وجود تقييمات سلبية للموقع على كثير من المواقع” يؤكد المكمل.


سوق “غير آمن”

في المغرب، منذ 2011 سارعت الحكومات المتعاقبة إلى تشجيع المغاربة على التجارة الإلكترونية، غير أن المستهلك ظل متخوفًا حتى جاءت “كورونا”، وأصبحت التجارة الإلكترونية اختيارًا فرض نفسه.

أوضح رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، بوعزة الخراطي، في حديثه لـ”عربي بوست”، أن الأمور “تغيرت كثيرًا بعد مجيء كوفيد، وتضاعف عدد مريدي هذه الأسواق الافتراضية، ليجد المستهلك المغربي أمام فضاء كبير للتبضع”.

غير أن زيادة هذه الأعداد خلقت عدة مشاكل، فبعدما كانت منصات التجارة مرخصة ومحصورة عند بعض الشركات المعروفة، وتشتغل تحت أنظار وزارة الصناعة والتجارة المغربية، أصبح السوق الإلكتروني اليوم “غير منظم”.

ومع “هذه العشوائية، غابت القوانين التي يمكنها حماية المستهلك الذي يشتري من مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وإن تقدم بشكوى، خاصة مع وجود معطيات لتجار في الغالب وهمية أو يمكن تغييرها” يضيف الخراطي.

وأكد رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، أن 90% من المعاملات التجارية بين المستهلك وأشخاص مجهولين، يتعرض فيها المستهلك للنصب والاحتيال، وبالتالي يمكن اعتبار هذا السوق، سوقًا غير آمن”.


أرقام كبيرة..

بلغ حجم  التجارة الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة في النصف الأول من سنة 2023 نحو 2.2 تريليون دولار، وفقا لمنصة “ستاتيستا” المختصة في الإحصاء والتحليل المالي.

وشكل هذا الرقم 60% من إجمالي مبيعات التجارة الإلكترونية في العالم، وتوقعت المنصة التي تقوم بدراسات وإحصاءات بشكل مستمر، أن تتجاوز المبيعات 3.4 تريليونات دولار العام 2027.

ولعل هذه الزيادة الهائلة في المبيعات لم تكن مفاجئة، إذ أن ارتفاع استخدام الهواتف المحمولة للتسوق يعود إلى عدة عوامل، من بينها سهولة الدخول إلى الإنترنت، وتوفر تطبيقات التسوق من خلال الهواتف المحمولة.

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي ومدير مرصد العمل الحكومي، محمد جدري في حديثه لـ”عربي بوست” أن هذا الارتفاع مرده قدرة التجارة الإلكترونية على خلق مجموعة من فرص الشغل للعاطلين، وتحسين الدخل للبعض الآخر.

كما أن التجارة الإلكترونية “أثبتت أهميتها بعرض وترويج كل أنواع السلع وبالتالي خلق رواج اقتصادي وطني، ما من شأنه خلق الثروة، والمساعدة على تقوية المنافسة بين التجار، الأمر الذي يصب في صالح المستهلك” يقول جدري.

ولعل الدور الذي تلعبه وسائل التواصل والتسويق عبر الرسائل القصيرة والبريد الإلكتروني، ساهم بدوره في زيادة وعي المستهلكين بالعروض الآنية، والخصومات المقترحة.



تجارة “لا تخضع لقيود ضريبية”

غير أن هذه التجارة “لا تستفيد منها الدولة كما يجب” يقول جدري، مضيفا أن “أغلب التجار في العالم الافتراضي لا يدفعون سنتيما للضرائب، وبالتالي يضيعون هوامش ضريبية مهمة على خزينة المملكة”.

وأضاف المحلل الاقتصادي أن تضييع هذه الأموال على خزينة الدولة والتي قد تكون على شكل ضريبة على الدخل أو ضريبة على الشركات، أو القيمة المضافة، مرده “صعوبة وصول مراقبو الجبايات لهؤلاء التجار، الذين يتزايدون يوما بعد يوم”.

ويشار إلى أن الإجراء المعتمد اليوم في المغرب هو التصريح الاختياري عبر المنصة الرقمية، والذي تلتزم به بعض المقاولات فقط، وحققت المنصة موارد ضريبية بلغت 29 مليون درهم خلال سنة 2023.

ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم 10 مرات نهاية 2024؛ ما يعني أن خزينة الدولة ستحصل 290 مليون درهم من الضريبة على القيمة المضافة للتجارة الإلكترونية.

وشدد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية على أنه، بعد اعتماد البوابة الرقمية في التصريح الخاص بالتجارة الرقمية، ستنتقل الدولة في المستقبل إلى اقتطاع قيمة الضريبة على القيمة المضافة من المنبع مقابل كل العمليات التي تتم.

غير أنه بالرغم من ضياع جزء مهم من الضرائب على الخزينة المغربية، إلا أن جدري يؤكد على أن إيجابيات التجارة الإلكترونية تعتبر أكبر من سلبياتها، باعتبارها “محركا داخليا للتجارة الوطنية”.

وأوضح  مدير مرصد العمل الحكومي أن عوائد هذه التجارة يتم ضخها مرة أخرى في الاقتصاد الوطني من أجل الاستفادة من مجموعة من الخدمات أو شراء السلع، وكذلك عن طريق الاستثمار أو الادخار في الأبناك.

أرقام كبيرة..

بلغ حجم التجارة الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة في النصف الأول من سنة 2023 نحو 2.2 تريليون دولار، وفقا لمنصة “ستاتيستا” المختصة في الإحصاء والتحليل المالي.

وشكل هذا الرقم 60% من إجمالي مبيعات التجارة الإلكترونية في العالم، وتوقعت المنصة التي تقوم بدراسات وإحصاءات بشكل مستمر، أن تتجاوز المبيعات 3.4 تريليونات دولار في العام 2027.

ولعل هذه الزيادة الهائلة في المبيعات لم تكن مفاجئة، إذ أن ارتفاع استخدام الهواتف المحمولة للتسوق يعود إلى عدة عوامل، من بينها سهولة الدخول إلى الإنترنت، وتوفر تطبيقات التسوق من خلال الهواتف المحمولة.

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي ومدير مرصد العمل الحكومي، محمد جدري في حديثه لـ”عربي بوست” أن هذا الارتفاع مرده قدرة التجارة الإلكترونية على خلق مجموعة من فرص الشغل للعاطلين، وتحسين الدخل للبعض الآخر.

كما أن التجارة الإلكترونية “أثبتت أهميتها بعرض وترويج كل أنواع السلع وبالتالي خلق رواج اقتصادي وطني، ما من شأنه خلق الثروة، والمساعدة على تقوية المنافسة بين التجار، الأمر الذي يصب في صالح المستهلك” يقول جدري.

ولعل الدور الذي تلعبه وسائل التواصل والتسويق عبر الرسائل القصيرة والبريد الإلكتروني، ساهم بدوره في زيادة وعي المستهلكين بالعروض الآنية، والخصومات المقترحة.

تجارة “لا تخضع لقيود ضريبية”

غير أن هذه التجارة “لا تستفيد منها الدولة كما يجب” يقول جدري، مضيفًا أن “أغلب التجار في العالم الافتراضي لا يدفعون سنتيما للضرائب، وبالتالي يضيعون هوامش ضريبية مهمة على خزينة المملكة”.

وأضاف المحلل الاقتصادي أن تضييع هذه الأموال على خزينة الدولة والتي قد تكون على شكل ضريبة على الدخل أو ضريبة على الشركات، أو القيمة المضافة، مرده “صعوبة وصول مراقبي الجبايات لهؤلاء التجار، الذين يتزايدون يومًا بعد يوم”.

ويُشار إلى أن الإجراء المعتمد اليوم في المغرب هو التصريح الاختياري عبر المنصة الرقمية، والذي تلتزم به بعض المقاولات فقط، وحققت المنصة موارد ضريبية بلغت 29 مليون درهم خلال سنة 2023.

ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم 10 مرات في نهاية 2024؛ ما يعني أن خزينة الدولة ستحصل على 290 مليون درهم من الضريبة على القيمة المضافة للتجارة الإلكترونية.

وشدد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية على أنه، بعد اعتماد البوابة الرقمية في التصريح الخاص بالتجارة الرقمية، ستنتقل الدولة في المستقبل إلى اقتطاع قيمة الضريبة على القيمة المضافة من المنبع مقابل كل العمليات التي تتم.

غير أنه بالرغم من ضياع جزء مهم من الضرائب على الخزينة المغربية، إلا أن جدري يؤكد على أن إيجابيات التجارة الإلكترونية تعتبر أكبر من سلبياتها، باعتبارها “محركًا داخليًا للتجارة الوطنية”.

وأوضح مدير مرصد العمل الحكومي أن عوائد هذه التجارة يتم ضخها مرة أخرى في الاقتصاد الوطني من أجل الاستفادة من مجموعة من الخدمات أو شراء السلع، وكذلك عن طريق الاستثمار أو الادخار في الأبناك.