كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني، الثلاثاء 9 يوليو/تموز 2024، عن أن الجامعات الهندية عززت علاقاتها البحثية مع الكليات وشركات الأسلحة الإسرائيلية منذ بدء الحرب على غزة، رغم أن العديد من المؤسسات الأمريكية والبريطانية أعادت النظر في علاقاتها مع الشركات الإسرائيلية مع تزايد أعداد الضحايا في القطاع.
وفي الأشهر الأخيرة، زادت الجامعات الهندية من شراكاتها في مجالات الدفاع والروبوتات والذكاء الاصطناعي، حيث يُزعم أن الجامعات الإسرائيلية متواطئة في الصراع المستمر منذ شهور.
والآن تعمل العديد منها إما بشكل مباشر مع شركات الأسلحة الإسرائيلية أو مع شركات هندية يُقال إنها أرسلت أسلحة إلى إسرائيل.
وقد غذت هذه الشراكات، التي تم الإعلان عن بعضها علناً، التكهنات بأن إسرائيل تعمل على هندسة علاقات أوثق مع الجامعات الهندية ــ وخاصة في مجال العلوم ــ ليس فقط لبناء مراكز جديدة للأبحاث الدفاعية والتكنولوجية لجيش الاحتلال، ولكن أيضاً كوسيلة لممارسة النفوذ على الأوساط الأكاديمية الهندية.
تعاون أكاديمي
وبحسب إحصاء موقع ميدل إيست آي، فقد تم عقد أكثر من 12 اجتماعاً وورشة عمل واتفاقية بين الجامعات الهندية والجامعات وشركات الأسلحة الإسرائيلية، منذ أن أصدرت محكمة العدل الدولية تقريراً عن ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي إبادة جماعية في غزة.
وقال خبراء ومحللون لموقع ميدل إيست آي إن الاتفاقيات قد تكون محاولة من جانب إسرائيل للاستفادة من النظام الجامعي الهندي لإشباع شهيتها المتزايدة للمعدات العسكرية والتطوير التكنولوجي، فضلاً عن تنويع شراكاتها في وقت يتم فيه حث العديد من الجامعات على مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها.
ونقل موقع ميدل إيست آي عن مايا ويند، مؤلفة كتاب “أبراج العاج والفولاذ: كيف تنكر الجامعات الإسرائيلية حرية الفلسطينيين”، قولها إن العديد من المؤسسات الإسرائيلية كانت في حالة “ذعر” إزاء احتمالية المقاطعة الأكاديمية في الولايات المتحدة وأوروبا، في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها الجامعات.
وقالت ويند إن “الأكاديميين الإسرائيليين يثيرون مخاوف بشأن حرمانهم من المشاركة العلمية، وفقدان المنح والشرعية”.
وأضافت أن “هناك حالة من الذعر المطلق إزاء تزايد شعبية المقاطعة الأكاديمية وقطع العلاقات المؤسسية. وقد أرسلت الجامعات العبرية مواد إلى هيئة التدريس فيها تتضمن نقاط نقاش لمواجهة المقاطعة. وربما يكون التوجه إلى الهند وسيلة لدعم مصادر أخرى للتمويل”.
وفي أوائل فبراير/شباط 2024، سافر أورون شاجرير، نائب رئيس الشؤون الدولية في الجامعة العبرية في القدس، مع وفد من إسرائيل للقاء ممثلين عن 7 مؤسسات على الأقل للتعليم العالي في الهند.
وشارك الوفد في اجتماعات مع المعهد الهندي للتكنولوجيا في دلهي، ومعهد عموم الهند للعلوم الطبية، ومعهد تاتا للبحوث الأساسية، والمعهد الهندي للتكنولوجيا في بومباي، والمعهد الهندي للعلوم، والمركز الوطني للعلوم البيولوجية، والمعهد الهندي للإدارة في بنغالورو.
وفي وقت لاحق، نشر معهد دلهي للتكنولوجيا الهندي دعوة لتقديم مقترحات تعاونية لمشاريع تركز على مجالات “ذات الاهتمام المشترك والتكامل التي تعزز الشراكة بين الهند وإسرائيل”.
ورغم أن العلاقات بين الجامعات الهندية والإسرائيلية ليست جديدة تماماً، إلا أنها كانت قليلة ومتباعدة قبل وصول ناريندرا مودي إلى السلطة في عام 2014.
انتقادات من أكاديميين
فيما انتقد عدد من الأكاديميين التعاون الوثيق بين المؤسسات الهندية والإسرائيلية في وقت يشهد فيه قطاع غزة حرباً دخلت شهرها التاسع وخلفت أكثر من 120 ألف بين قتيل وجريح فلسطيني.
وقالت زويا حسن، الأستاذة الفخرية في مركز الدراسات السياسية بجامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي، إن التعاون مع منتهكي حقوق الإنسان ليس غير أخلاقي فحسب، بل إنه يقوض المؤسسة الأكاديمية الهندية بأكملها.
وأضافت حسن لموقع ميدل إيست آي: “إن الحرب الدائرة في فلسطين والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن 35 ألف فلسطيني لا تدفعنا إلى التعاون؛ بل إلى مقاطعة العلاقات الأكاديمية وبرامج البحث المشترك معهم… ينبغي لنا أن نحتج على الإبادة الجماعية في غزة، وليس دعمها بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال مثل هذا التعاون”.
وعلى مدى عقود من الزمن، يزعم الفلسطينيون أن الجامعات الإسرائيلية لعبت دوراً محورياً في بناء الدولة الإسرائيلية والاحتلال، بما في ذلك تعزيز التكتيكات العسكرية والأجهزة الدفاعية.
وقالت ويند: “في الواقع، حتى قبل تأسيس إسرائيل، أسست الحركة الصهيونية ثلاث جامعات، كانت تهدف صراحة إلى خدمة الأهداف الإقليمية للحركة في فلسطين”.
وأضافت أن جميع المؤسسات الثماني الكبرى للتعليم العالي الموجودة حالياً في إسرائيل “تعمل في خدمة الدولة بشكل مباشر وتؤدي وظائف حيوية في دعم سياساتها، وبالتالي تشكل ركائز أساسية للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي”.
وعلى نحو مماثل، وصف إيف إنجلر، مؤلف كتاب “كندا وإسرائيل: بناء الفصل العنصري”، الجامعة العبرية في القدس بأنها شريكة للجيش الإسرائيلي.
وقال إن الجامعة تدرب ضباطاً عسكريين في منطقة في الحرم الجامعي مخصصة لمساعدة الجيش في البلاد.
وأضاف إنجلر: “لقد ساعدت جميع الجامعات الإسرائيلية في الإبادة الجماعية في غزة، وبالتالي فإن أي اتفاق مع جامعة إسرائيلية سيكون شكلاً من أشكال التواطؤ في الأهوال في غزة”.
تعاون عسكري
وعلى صعيد التعاون العسكري، أفاد موقع ميدل إيست آي أنه في منتصف مارس/آذار 2024، وقعت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، وهي واحدة من كبرى شركات تصنيع الأنظمة الجوية والدفاعية العسكرية والتجارية في إسرائيل، اتفاقية مع معهد دلهي للتكنولوجيا.
وقالت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية إن العلاقة “ستظهر رؤية مشتركة تستفيد من البحث لدفع التقدم والتميز التكنولوجي.”
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وقعت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية صفقة بقيمة 1.2 مليار دولار لتوريد أنظمة دفاع جوي للجيش الإسرائيلي في ضوء الاحتياجات في غزة. وبعد أسبوعين، في أواخر مارس/آذار، افتتحت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية فرعاً لها في دلهي.
وفي فبراير/شباط 2024، أعلنت شركة “مونيشنز إنديا ليميتد” (إم آي إل) المملوكة للدولة الهندية، ومقرها في بوني، والتي اتُهمت بشحن أسلحة إلى إسرائيل أثناء الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة، أنها ستشارك مع المعهد الهندي للتكنولوجيا في مدراس “لتطوير أول قذائف ذخيرة ذكية مقاس 155 ملم مصممة محلياً في الهند”.