قالت صحيفة هآرتس العبرية إن نهج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المفاوضات مع حركة حماس مصمم على استغلال عامل الوقت٬ ومصير الأسرى الإسرائيليين لإفشال المقترح الأمريكي لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وتقول الصحيفة إنه بالرغم من الضغط الأمريكي على مصر وقطر، للضغط بدورهم على حماس، لتحقيق انفراج محتمل في المفاوضات٬ إلا أن نتنياهو كرر ممارسته المعتادة، وطرح موقفاً متشدداً عشية مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة٬ ضد هذا الاتفاق بنية إفشاله. فما الذي يراهن عليه لإفشال هذا الاتفاق بأي شكل كان لإرضاء حلفائه المتطرفين داخل الحكومة؟
رغم التفاؤل بتحقيق الاتفاق لوقف الحرب في غزة.. نتنياهو يريد كسب الوقت لتعطيله
- ترى هآرتس أن الاختراق المحتمل في المفاوضات بشأن الصفقة قد تحقق، بفضل الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة على جميع الأطراف٬ حيث أن هنالك تفاؤل نسبي بين كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين فيما يتعلق باحتمال التوصل إلى اتفاق ومن المتوقع أن تستأنف المفاوضات بين الطرفين يوم الإثنين في القاهرة.
- مع ذلك، يبدو أن استمرار التقدم يعتمد إلى حد كبير على موقف نتنياهو٬ وهنا يتلاشى التفاؤل بالنظام الأمني لتحقيق إنجاز مرضي للجمهور الإسرائيلي. وطوال الاتصالات في الأشهر الماضية، بث نتنياهو وآلته الإعلامية رسائل متناقضة ومتناوبة، بالترويج للصفقة ثم ضد إنجازها. واستمر هذا النمط أيضاً في الأيام الأخيرة، في ظل مساعي نتنياهو للبقاء في الحكم والخوف من تفكك ائتلافه على يد شركائه اليمينيين المتطرفين. وكرر نتنياهو الليلة الماضية ممارسته المعتادة، فأصدر بيانا أكد فيه موقف إسرائيل المتشدد في المفاوضات عشية مغادرة الوفد إلى القاهرة.
- ويتحجج نتنياهو أيضاً بمواقف حزب الله حيال وقف إطلاق النار في غزة٬ حيث يرسل حسن نصر الله المزيد من التلميحات حول مواقفه بالنسبة للصفقة٬ ويقول رئيس تحرير صحيفة الأخبار اللبنانية، إبراهيم الأمين، المقرب من الحزب٬ في افتتاحية صحيفته يوم السبت٬ إن حزب الله سيوقف بالفعل إطلاق النار من لبنان بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، لكن هذا لا يعني أن الحزب سيقبل بالمطالب الإسرائيلية بإخراج المقاتلين من الحدود٬ ولن يوافق إلا على عودة الوضع الذي كان سائداً على الحدود قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر. بمعنى آخر، لا مجال للحديث عن المبادرة الأمريكية التي تتضمن، من بين أمور أخرى، سحب الحزب قواته إلى ما وراء نهر الليطاني.
ما أوراق الضغط الأمريكية على نتنياهو للقبول بالصفقة؟
- بحسب هآرتس٬ فإن الورقة الأساسية التي يحملها الأمريكيون ضد نتنياهو تتعلق بخطابه المتوقع أمام الكونغرس في 24 يوليو/تموز. ويعتزم نتنياهو القدوم إلى واشنطن لبضعة أيام ويريد أن يلتقي هناك بالرئيس جو بايدن الذي تجنب مقابلته لفترة طويلة. حيث سيحث نتنياهو المشرعين الأمريكيين على الموافقة على نقل جميع الأسلحة المطلوبة في المعركة إلى إسرائيل وعدم التردد في ذلك أو عرقلته.
- وعلى أية حال، فمن المشكوك فيه أن يرفض نتنياهو اقتراح حماس على وجه التحديد قبل الخطاب في الكونغرس، وسيحاول المماطلة وكسب الوقت حتى ذلك الحين٬ وهذا ما تعتقده المؤسسة الأمنية٬ أنه سيقوم بمناقشة الصفقة بعد الخطاب في الكونغرس، وسيماطل كما فعل ذلك عدة مرات في المقترحات السابقة.
- وفي الخلفية، تبرز علامات الاستفهام حول أسباب تجاوب حماس في المفاوضات، وسارع الجيش الإسرائيلي إلى إرجاع ذلك إلى الضغوط العسكرية التي تمارس على الحركة في العمليات برفح وحي الشجاعية شرقي غزة. لكن من الممكن أن يكون التفسير مختلفا بعض الشيء عما يحدث على الأرض، مثل إحراج نتنياهو٬ ولا يمكن استبعاد احتمال انزعاج حماس من احتمال فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني وتقديم خط دعم أكثر صرامة لإسرائيل٬ على حد تعبير “هآرتس”.
-
من جهته٬ قدر رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، يوم السبت، في
مقابلة مع القناة 12
، أن “نتنياهو سينسف الصفقة بعد ظهوره في الكونغرس”. وإذا حدث ذلك، فربما ينشأ احتجاج شعبي أكثر حدة هذه المرة داخل إسرائيل، حيث تشير معظم استطلاعات الرأي في إسرائيل إلى تأييد واسع النطاق للصفقة مع حماس، حتى ولو بثمن باهظ ستدفعه إسرائيل.
- في المقابل، سبق لنتنياهو أن سجل لنفسه إنجازاً عندما تمكن من تصنيف أهالي المخطوفين على أنهم “يساريين”، وتحويل الخلاف حول فوائد الصفقة إلى قضية سياسية. وكثيراً ما يظهر الموقف العدائي لحكومته تجاه سكان الكيبوتسات في غلاف غزة الذين قُتل أفراد من عائلاتهم في هجوم السابع من أكتوبر. ويضاف إلى ذلك التعتيم المثير للغضب الذي يظهره العديد من الوزراء تجاه العائلات الثكلى، عندما لا يكون هناك سوى حضور محدود للوزراء في جنازات الجنود الذين ماتوا في الحرب٬ بحسب القناة 12.
ما تفاصيل المقترح الأخير لوقف إطلاق النار؟
-
بحسب صحيفة
يديعوت أحرنوت
العبرية٬ فإن الاتفاق سيتم على ثلاث مراحل، حيث تستمر كل مرحلة 42 يوماً؛ أي 132 يوماً بشكل إجمالي٬ يتفق خلالها الطرفان على أن وقف إطلاق النار سيكون ساري المفعول.
- في المرحلة الأولى، سيتم إطلاق سراح النساء والجنود والجرحى والمسنين٬ مقابل الإفراج عن حوالي 600 أسير ستحدد حماس هوياتهم. وفي اليوم السادس عشر من هذه المرحلة، ستبدأ المفاوضات بشأن إنهاء القتال، والتي ستستمر في المرحلة الثانية أيضاً.
- وخلال المرحلة الأولى، سينسحب الجيش الإسرائيلي من المناطق المأهولة بالسكان في قطاع غزة والممرات٬ وهي طريقة ستسمح لسكان غزة الذين هجّروا من شمال القطاع بالعودة إلى ما تبقى من منازلهم المدمرة. في هذه المرحلة، سيتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بشكل متدرج وفي مجموعات صغيرة، مع فارق الأيام بين المجموعات، وبالتالي تترك حماس لنفسها أداة ضغط على إسرائيل إذا لم تف بالتزاماتها.
- وفي المرحلة الثانية سيتم إطلاق سراح الجنود٬ حيث سيتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وفق مفاتيح لم يتم تحديدها بعد. وفي هذه المرحلة ستستمر المفاوضات بشأن الوقف الدائم لإطلاق النار، أي نهاية الحرب.
- وفي المرحلة الثالثة، سيتم إعادة جثامين الجنود الإسرائيليين التي تحتجزها حماس، مقابل عدد غير معروف من الأسرى الفلسطينيين وربما جثث الشهداء أيضاً. في نهاية هذه المرحلة (بعد 132 يوما) سينتهي وقف إطلاق النار المؤقت، حيث يجب أن يبدأ وقف إطلاق النار الدائم٬ أي نهاية الحرب. فالولايات المتحدة، والوسطاء، وربما أطراف دولية أخرى، ستمنح حماس ضمانات، كما تطالب، بأن إسرائيل لن تشن حرباً أو عمليات عسكرية ضدها في وقت لاحق.
- لكن بحسب يديعوت أحرنوت٬ نشر مكتب نتنياهو ليلة الأحد بياناً يصر فيه على “رفض أي محاولة لوقف عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع وخصيصاً رفح”٬ ولا بد لأي اتفاق أن “يسمح لإسرائيل بالعودة والقتال في أي وقت حتى تحقيق جميع أهداف الحرب”. أي أن نتنياهو ما زال يعود لسيرته الأولى في المماطلة لتخريب عقد اتفاق٬ على الأقل حتى زيارة لواشنطن في 24 من تموز القادم٬ وهو ما يرفضه الإسرائيليون الغاضبون٬ الذين بعثوا برسالة لنتنياهو وطالبوه بعدم خداعهم والموافقة الفورية على الصفقة قبل خطابه في الكونغرس.