الأخبار

مؤتمر “الشرق في طور جديد”.. نخب عربية وإسلامية تتناول فرصاً فتحها “طوفان الأقصى” للمنطقة وأثره على التحولات العالمية

عقد منتدى الشرق مؤتمراً السبت 6 يوليو/تموز 2024، يستمر ليومين، يتناول فيه التطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية في المرحلة الحالية وسط استمرار الحرب في غزة، تحت عنوان “مؤتمر الشرق في طور جديد، وفرص التكامل”، ويشارك فيه عدد من النخب العربية ومن دول إسلامية، لمناقشة تداعيات المستويات السياسية والاجتماعية في المجتمع الدولي لمعركة طوفان الأقصى.

وبحث المشاركون في المؤتمر الفرص المرتبطة بتداعيات معركة طوفان الأقصى على المنطقة، وعلى التحولات العالمية، ومع حدوث شقوق في المجتمع الدولي، لتتمثل “الفرصة” بعودة الشرق مركزاً للعالم من جديد.

اعتبر الباحثون في مؤتمر الشرق، بينهم نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز، أن المستجدات الإقليمية الأخيرة، توفر فرصة جديدة انفتحت أمام منطقة الشرق، لكي تواصلَ حوارها الاستراتيجي للخروج من حالة الضعف والتهميش التي عانت منها عقوداً طويلة، بسبب التناقضات السياسية بين دول المنطقة، والخلافات الطائفية، والتموقعات القومية.

حذرت كذلك أوراق بحثية استعرضها المؤتمر، من استمرار بروز الدولة القطريّة ومخلفات مرحلة الاستعمار، إذ يتكوّن الشرق من أمم أربع؛ هم العربُ والترك والكرد والإيرانيون، يعانون من قطيعة تاريخية وقعت في القرن الماضي بينهم.

ورأوا أنه في ظل مرور النظام العالمي بتغيُّر كبير، فإنّ الأمم الأربع في حاجة ملحة لحوارٍ مُعمّق بما يساعد في تجاوز هذه الإشكالات، ويساهم في استعادة تكاملها التاريخي، وصياغة نقاط عملية لرأب الصدع بينها، وبداية التكامل، والتعاون من أجل توظيف التحول العالمي لمصلحة هذه المنطقة.

مؤتمر الشرق في طور جديد

وركز المؤتمر على محاور أساسية، تمثلت في:

  • استعادة الشرق التواصل التاريخي بين مكوناته.
  • المشكلات المانعة للتكامل في منطقة الشرق.
  • منطقة الشرق من الدولة القطرية إلى الفضاء الإقليمي.
  • دور الاقتصاد بوابةً لبناء التكامل في منطقة الشرق.

وتناول المؤتمر التغيرات على النظام العالمي ومروره بمرحلةٍ انتقالية على المستوى الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي، بينها محاولة روسيا استعادة بعض من نفوذها عبر خطوات حثيثة، بينما تبنّت الصين سياسة النفس الطويل.

وبناء بكين نموذجاً جديداً للهيمنة وزيادة النفوذ، يعتمد على الاقتصاد والمنافع بينها وبين حلفائها؛ الأمر الذي وجد ردود فعل أمريكية متسارعة ضد الصين.


في ظل التغيرات الدولية هذه، فإن منطقة الشرق لا تزال مهمّشة، إلا من استثناءاتٍ محدودة، لكنّ الكثير من دول الشرق وقعت في خانة الانفعال السياسي لا التفاعل والفِعل، وفق ما أشار إليه مشاركون في المؤتمر.

من جانبه، قال رئيس منتدى الشرق، وضاح خنفر، في افتتاح المؤتمر، إن “طوفان الأقصى خلق تحولاً جديداً في النظام الدولي، وأصبح عاملاً مسرعاً، يضغط بشدة نحو ضرورة التغيير”.

في هذا الإطار، أشار إلى أن “العالم يشهد تغيّرات تعيد توزيع الموازين، ونحن هنا لنفكر بعيداً عن التبعية، وندفع النخب لتقود التغيير، مضيفاً: “نشهد في عالمنا ومنطقتنا حالة استثنائية بكل معنى الكلمة، تمس جميع الجوانب والمستويات، بما في ذلك الأطر الاجتماعية والثقافية”.

لفت كذلك إلى أن “النظام الدولي الذي شكّل هذه المنطقة عقب الحرب العالمية الثانية، يمر الآن بمرحلة تحوّل سريع، والتاريخ يتقدم بخطى متسارعة نحو التغيير”.

عن معركة طوفان الأقصى أيضاً، وتأثيرها على المنطقة، قال خنفر: “لم يعمل الطوفان في غزة فقط كعامل مسرّع ومكثّف للتعريف بالعجز الذي نعاني منه، بل دفع بقوة نحو التأكيد على ضرورة تحركنا. فالمجازر الراهنة في غزة لا تكشف فقط عوراتنا السياسية، بل تبرز أيضاً العجز في منظومتنا السياسية الاستراتيجية”.


وقال رئيس منتدى الشرق: “أعتقد أن الدرس الأول للأمة العربية وللأحرار في العالم هو أن انتزاع الحرية تتطلب منا أن نجعل النضال أسلوب حياة، بمعنى أن نكون على الاستعداد لدفع الثمن والتضحية من أجل الاستقلال”.

بدوره، قال السفير المصري السابق عبدالله الأشعل، المشارك في المؤتمر، إنه “بغض النظر عن شكل النظام الدولي؛ تبرز في دولنا العربية مشكلة علاقة الحاكم بالمحكوم، حيث يغذي التوتر التاريخي الصراع بينهما”.

ورأى أنه “يجب تغيير هذا النمط في الرأي العام العربي وإدخال تحول جديد لتقليل التأثير الغربي”، مضيفاً أن “منطقتنا تشهد صراعات مستمرة بين الشيعة والسنة، وهو ما تستغله الدول الغربية، لذلك يجب على دولنا في المنطقة توحيد قواها، خاصةً أن كثيراً من الخلافات بين الحكام تأخذ منحى شخصياً يعود بالنفع على الغرب”.

وأضاف الأشعل أنه “علينا الاعتراف بأن العالم يُحكم بالمصالح لا العواطف. ومن هذا المنطلق؛ يجب علينا توحيد جهودنا، وتقوية مصالحنا المشتركة في العالم العربي، مع تركيز نظرنا على الأقطاب الكبرى وفق هذا الإطار”.

عن “طوفان الأقصى” أيضاً، قال الخبير الاقتصادي والمستشار السابق بالمركز الأوروبي ياسين السعدي، إن “العالم شهد بعد جائحة كورونا حدثين محوريين؛ الأول هو الحرب الروسية الأوكرانية التي أحدثت اضطراباً في الأراضي الأوروبية، والتي كانت قد شهدت استقرارًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والثاني هو طوفان الأقصى، الذي أعاد قضية فلسطين إلى الواجهة، محدثاً هزة في الغرب”.

ودعا المتحاورون في المؤتمر، إلى أنه في ظل ما أسموها “اللحظة التاريخيّة” التي يمر بها النظام العالمي ومنطقة الشرق، يجب “البحث بعمق وتشخيص المشكلات الرئيسيّة التي تعاني منها منطقة الشرق، في وقت يتغير فيه العالم، مع أخذ ديناميكيّات القوى أشكالاً متباينة بعد حرب أوكرانيا أولاً ثمّ حرب غزّة”.

وأشاروا إلى أن معركة طوفان الأقصى، كشفت الكثير من المشكلات التي من الواجب تحليلها، ووضع الأطر والآليات لخلخلتها، ووضع خطط ونقاط عملية لحلّها”.

يشار إلى أن معركة طوفان الأقصى بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بهجوم من فصائل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة، وتمكنوا خلالها من أسر العشرات من المستوطنين وعناصر من جيش الاحتلال، بسبب انتهاكات وتجاوزات الاحتلال في المسجد الأقصى، وتصعيده ضد الفلسطينيين في القدس المحتلة.

وما تزال المعركة مستمرة، وسط عدوان إسرائيلي على قطاع غزة بعد هجوم المقاومة على منطقة غلاف غزة، معتبراً الاحتلال أن المعركة هذه مثّلت تهديداً وجودياً له.

إلا أن العدوان الدموي للاحتلال الإسرائيلي في رده على “طوفان الأقصى”، تسبب في تزايد تأييد الرواية الفلسطينية عالمياً، وبحركات طلابية دولية تأييداً لحق الفلسطينيين بالدفاع عن أنفسهم، وبالتوعية بشكل أكبر بالقضية الفلسطينية.

ووجهت اتهامات لأول مرة إلى “إسرائيل” في المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب، لتأمر بإنهاء اجتياح رفح جنوب قطاع غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

كذلك، صدر قراران من مجلس الأمن الدولي لأول مرة غير منحاز لإسرائيل، بوقف العدوان الإسرائيلي فوراً، في حين يتجاهل الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن القرارين من مجلس الأمن، والأوامر من الجنائية الدولية.