قررت وزارة التربية التونسية منع ارتداء الكوفية الفلسطينية خلال اجتياز امتحانات شهادة الثانوية “البكالوريا”، التي ستبدأ الأربعاء 5 يونيو/حزيران 2024، وأرجعت الوزارة قرارها إلى “مخاوف من احتمال استخدامها في الغش”.
بينما أثار قرار وزارة التربية التونسية منع ارتداء الكوفية الفلسطينية جدلاً بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسط دعوات لرفض المنع، حيث ندد البعض بالقرار واعتبروه “قمعاً” لتعبير رمزي عن التضامن مع الفلسطينيين، فيما أطلق نشطاء في الجزائر مبادرة مشابهة.
مبررات منع ارتداء الكوفية الفلسطينية
وفق بيان الوزارة الذي نشرت تفاصيله وسائل إعلام تونسية الأحد 2 يونيو/حزيران، فإنه “يحظر ارتداء الكوفية الفلسطينية أو أي نوع من اللباس يثير شبهة في سلوك المترشح (المتقدم) إلى امتحان البكالوريا داخل قاعات الامتحان”.
وزعمت الوزارة أن هناك محاولات “لاستغلال مواقف وتوجهات الدولة التونسية لمساندة فلسطين وكل الشعوب المقهورة في العالم، من خلال محاولة البعض استغلال هذه القضية لإدخال إرباك على سير الامتحانات الوطنية”.
واعتبر بيان وزارة التربية التونسية أن هناك من قد يستغل هذه الأمور لارتكاب عمليات غش في الامتحانات، على حد زعمها، وذلك بعد انتشار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لارتداء الكوفية الفلسطينية خلال أيام الامتحانات.
ودعت الوزارة أولياء أمور الطلبة إلى ضرورة تفهم قرار منع ارتداء الكوفية الفلسطينية، وتشجيع أبنائهم الذين سيجتازون الامتحان “للنأي بأنفسهم عن كل ما يُعرضهم لشتى أنواع العقوبات، التي لن تتوانى وزارة التربية عن تطبيقها حفاظاً على مصداقية شهاداتنا العلمية”.
من جهتها، قالت وزيرة التربية التونسية، سلوى العباسي، الإثنين 3 يونيو/حزيران، إن قرار منع ارتداء الكوفية الفلسطينية خلال امتحان الباكالوريا “لا يستهدف القضية الفلسطينية كما يُقال، بل المشكل يكمن في أي لباس يُصعّب ويُعقّد عمليّة المراقبة”.
وأضافت الوزيرة، خلال مداخلتها في برنامج إذاعي، أن “موقف تونس من القضية الفلسطينية مثّل استثناءً عجيباً، في وقت تخلّت بعض الشعوب الأخرى عنها”، مشدّدة على أن “الأمر لا يستحقّ أن نضع القضيّة الفلسطينية على محكّ الاختبار أو المساومة”.
وأكّدت سلوى العباسي أنّ “وضع القضية الفلسطينية والبكالوريا في موضع مزايدة ومساومة يُعتبر فخاَ أرادوا نصبه لوزارة التربية”.
كما شددت الوزيرة على أنّ “البكالوريا التونسية فوق كلّ مزايدات والقرار الذي اتُّخذ لا رجعة فيه”. وأوضحت العباسي أنّ “من يرغب في ارتداء الكوفية يمكنه الدخول بها من باب المعهد، ولكن لا يمكنه الدخول بها إلى قاعة الإمتحان”.
جدل على مواقع التواصل الاجتماعي
بيان وزارة التربية التونسية جاء بعد أن رصدت انتشار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل ارتداء الكوفية الفلسطينية خلال امتحانات البكالوريا التي ستجرى في تونس في الفترة ما بين 5 و12 يونيو/حزيران.
الدعوات طلبت من تلاميذ البكالوريا في تونس توحيد زيّ اجتيازهم لمناظرة شهادة ختم التعليم الثانوي، “البكالوريا”، وذلك عبر ارتداء الكوفية الفلسطينية، “دعماً للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني الغاشم”.
وأثار قرار منع ارتداء الكوفية الفلسطينية الذي أصدرته وزارة التربية التونسية جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي بين منتقد للقرار يرى في ذلك “أضعف الإيمان” لدعم المقاومة، ومؤيد للقرار يرى في ارتداء الكوفية “تشويشاً على تركيز التلاميذ خلال الامتحانات”.
فيما انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي بالجزائر منشورات تدعو الطلبة لاجتياز امتحان شهادة البكالوريا في الجزائر مرتدين الكوفية الفلسطينية نصرة للقضية، وتعبيراً رمزياً عن التضامن مع ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وذكرت وسائل إعلام جزائرية الأحد 2 يونيو/حزيران، أن أصحاب الحملة يسعون إلى تعميم الفكرة كي تمس جميع الطلبة المسجلين لاجتياز الامتحان المصيري.
ولم تسلم الحملة في الجزائر من الجدل، حيث اعتبرها البعض خطوة جيدة لنصرة فلسطين، فيما يراها آخرون نوعاً من التمادي في مقاومة إسرائيل بـ”الفلكلور”، عوضاً عن العلوم والاختراعات والاعتماد على العقل.
وقال نشطاء إن الفكرة تستحق التشجيع، خاصة أن الحملة التي مست دولاً عربية كتونس ومصر، جاءت تحت شعار “انصر القضية بنجاحك”.
بينما شكك البعض في نوايا الطلبة وقال إنها “ستستخدم في التغطية على الغش في البكالوريا، بينما ارتأى آخرون أنها مجرد حيلة للربح في التجارة بالشعارات”، وفق ما ذكرته صحيفة “الشروق” الجزائرية.
الكوفية الفلسطينية تجتاح العالم
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خرج مئات الآلاف حول العالم في مَسيرات حاشدة تضامناً مع الشعب الفلسطيني، حيث ظلت الكوفية الفلسطينية حاضرة دائماً.
وقال توم مارتان، الناطق باسم حركة “فلسطين ستنتصر” في فرنسا، إن “أكثر من كونها رمزاً للنضال الفلسطيني، أصبحت الكوفية أيقونة للنضالات ضد الإمبريالية والاستعمار في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف أنه “يجري ارتداؤها في كل مكان لتأكيد أن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر هو جزء لا يتجزأ من النضال الأكبر من أجل تحرير الجميع”، وفق ما صرح به لموقع قناة “TRT عربي“.
وفي شكلها التقليدي، الكوفية هي غطاء رأس الفلاحين في فلسطين، إذ يجري تثبيتها عادة بواسطة عقال يكون في الغالب أسود اللون. هذا قبل أن يبدأ الفدائيون في استخدامها لإخفاء هويتهم، ويلبسها الرئيس الراحل ياسر عرفات منذ الستينيات رمزاً لمقاومة الشعب الفلسطيني.
ويمثل نمط تطريز الكوفية المكونات الأساسية للثقافة الفلسطينية: شبكة صيد السمك تشير إلى البحر الأبيض المتوسط، والخطوط الحدودية السميكة تمثل طرق التجارة، والخطوط المتموجة تمثل أوراق الزيتون، التي ترمز إلى المرونة والقوة.
وحضرت الكوفية الفلسطينية بقوة في خطاب حالة الاتحاد، الذي ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن في مبنى الكابيتول، الخميس 7 مارس/آذار 2024، وذلك في رسالة دعم للفلسطينيين في قطاع غزة ضد الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 5 شهور.
حيث ارتدت النائبة من أصل فلسطيني، رشيدة طليب، رفقة زميلاتها بالحزب الديمقراطي كوري بوش وسمر لي، الكوفية الفلسطينية، بينما كان بايدن يتحدث، في حين رُفعت لافتات تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، ووقف تسليح إسرائيل.