يقدر مسؤولون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الحرب مع حزب الله في لبنان أمر لا مفر منه٬ وذلك على خلفية إخلاء مستوطنات الشمال والجمود السياسي الذي يصيب حكومة بنيامين نتنياهو وقادة الجيش. لكن الأمر يتوقف على: من سيهاجم أولاً؟ كيف سيكون شكل اليوم الأول للحرب المتوقع؟ وماذا عن آلية إنهاء الخدمة؟
يقول أمير بوخبوط المعلق الأمني والمراسل العسكري لموقع “والا نيوز” العبري٬ إن مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية يزعمون أنه “كان من الخطأ إخلاء هذا الحجم الكبير من المستوطنات الشمالية في بداية الحرب، وكان من الصواب الاكتفاء بإخلاء المستوطنات المحاذية للسياج الحدودي فقط “على خلفية الخوف من سيناريو مماثل لهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على الحدود اللبنانية.
ولإعادة سكان المستوطنات إلى الشمال هناك ثلاثة خيارات رئيسية: تسوية سياسية وصلت إلى طريق مسدود، وإقامة شريط أمني على الأراضي اللبنانية يخضع لمناورات برية، وحرب شاملة على الدولة اللبنانية. وتقول مصادر في المنظومة الأمنية الإسرائيلية لموقع “والا نيوز” إنه على خلفية الواقع السياسي والأمني٬ لا مفر من خوض الحرب رغم التهديدات الإيرانية بالانضمام إلى الحرب.
الواقع الأمني والسياسي يفرض على إسرائيل الحرب في لبنان.. فمن سيقودها؟
يقول المعلق الإسرائيلي بوخبوط٬ إن هناك “خطاب مهني يقظ للغاية” في المؤسسة الأمنية حول كيفية تعامل إسرائيل مع حزب الله – مع وجود أسئلة في الخلفية: سواء من خلال تسوية سياسية٬ أو حرب شاملة٬ أو استمرار الاستنزاف دون إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم.
وهناك اختلافات في الرأي بشأن التحذيرات الأمريكية من أن تؤدي إسرائيل إلى تحويل الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية. لذلك، من المتوقع أن على من يرأس الجيش أن يؤمن بسيناريو الحرب الواسعة ضد حزب الله، لأن الجميع يعرف كيف ستبدأ الحرب وليس بالضرورة كيف ستنتهي.
وفيما يتعلق بوزير الدفاع يوآف غالانت، فإن الجنرال هرتسي هاليفي يستمر في منصبه طوال المدة التي يحددها القانون، في حين يقدر آخرون في الجهاز الأمني والسياسي أنه قد ينهي مهام منصبه قبل فترة الأعياد اليهودية.
من سيفاجئ الآخر.. حزب الله أم إسرائيل؟
يقول مراسل “والا” العبري٬ إن حقيقة أن حزب الله يرفض “التسوية السياسية” ويواصل في الوقت نفسه إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار وشن الهجمات على الجبهة الداخلية الإسرائيلية٬ لا يؤدي إلا إلى تعزيز التقييمات في إسرائيل بأن الحرب مع لبنان هي مسألة وقت. والسؤال الآن هو ما إذا كانت إسرائيل ستفاجئ حزب الله أم العكس.
وفي “حرب لبنان الثانية” عام 2006، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي عملية عرفت باسم “ليلة الفجر”، دمر خلالها مجموعة الصواريخ متوسطة المدى التي كانت الجزء الرئيسي من قوة حزب الله النارية٬ وهو ما جعل الحزب “يجثو على ركبتيه” في اليوم الأول للحرب٬ بحسب بوخبوط.
ماذا تعني الحرب على لبنان في هذا التوقيت بالنسبة للأمريكيين؟
يقول الموقع العبري إن المناظرة المتلفزة بين جو بايدن ودونالد ترامب أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن إسرائيل هي أحد مكونات نظام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبالتالي يصبح اعتباراً مهماً في عملية صنع القرار للمستوى السياسي الإسرائيلي ما إذا كان سيتم شن حرب في لبنان أم لا. والتأثير على النظام الانتخابي وليس فقط بسبب اعتماد إسرائيل على التسلح والشرعية الأمريكية.
فهل ينتظر المستوى السياسي الإسرائيلي اليوم التالي للانتخابات الأمريكية؟ وهناك تاريخ آخر سيؤثر على إسرائيل٬ هو خطاب نتنياهو التاريخي في الكونغرس (سيكون أول دبلوماسي أجنبي يلقيه للمرة الرابعة). فهل سيضع نتنياهو فرصة تاريخية أم أنه سيحول إلى تسخير الشارع الأمريكي لتوسيع الشرعية الإسرائيلية لخوض حرب حزب الله وإيران٬ ولإعادة الأمن إلى الجزء الشمالي من إسرائيل؟
كيف سيكون شكل اليوم الأول للحرب المتوقعة؟
بحسب بوخبوط٬ سيكون اليوم الأول يعتمد بشكل أساسي على ما إذا كانت إسرائيل ستنجر إلى الحرب أم أنها ستبادر إليها على حين غرة. وبما أن حزب الله يمتلك منظومات استراتيجية هامة تشمل: صواريخ باليستية، صواريخ دقيقة٬ وطائرات بدون طيار على نطاق واسع جداً، سيتعين على الجيش الإسرائيلي الرد بقوة ودقة كبيرتين في الساعات الأولى – قبل أن يعود حزب الله إلى رشده ويطلقها على العمق الإسرائيلي.
ولتوضيح مدى استعداد النظام العسكري الإسرائيلي للتدهور اليومي، تجدر الإشارة إلى أنه كل ليلة هناك تقييم للوضع بين قائد سلاح الجو اللواء تومر بار، وقائد المنطقة الشمالية٬ حيث يعيدون النظر في نطاق الأهداف والتسليح وجاهزية الطرفين٬ وسيناريوهات الهجوم إلى درجة بدء الحرب دون معلومات استخباراتية. وهذا يدل بحسب بوخبوط على مستوى عالٍ جدًا من الاستعداد، وهذا بالإضافة إلى جاهزية القوات البرية، بعضها في الشمال وبعضها سيتحرك بسرعة من الجنوب إلى الشمال٬ على حد تعبير المعلق الإسرائيلي.
كيف ستنتهي الحرب؟
إذا اندلعت الحرب، سواء بمبادرة إسرائيلية أم لا، فسيكون على المستوى السياسي أن يسأل نفسه ما إذا كان ينبغي إنشاء شريط أمني من خلال مناورات برية وجوية من الحدود الإسرائيلية اللبنانية٬ لمنع الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات من الوصول إلى هناك وإطلاق النار على المستوطنات الشمالية أو العمل على طرد قوات حزب الله.
وعلى عكس قطاع غزة، هناك قوة مقاومة مسلحة لحزب الله في لبنان قوامها عشرات آلاف المسلحين، وعناصر سياسية لبنانية يمكنها معارضة استمرار الحرب إذا اندلعت مع دمج عناصر سياسية إقليمية من شأنها أن تكبل يدي نصر الله،
لذلك، من الأفضل مرة أخرى تحديد ما تريده إسرائيل وما إذا كانت ستكتفي بتجريد المنطقة في جنوب لبنان من سلاح العناصر المسلحة لحزب الله٬ أو منع إنشاء بنى تحتية تدعم هجوماً مماثلاً لما حدث في 7 أكتوبر.