الأخبار

مسرح مواجهات ساخنة لسنوات طويلة.. ما هي مزارع شبعا المحتلة؟

يبرز اسم مزارع شبعا اللبنانية المحتلة مؤخراً من جديد في ظل تصعيد المواجهات بين جيش الاحتلال وحزب الله في المناطق الحدودية منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي٬ إذ شن الحزب مئات العمليات بمختلف الأسلحة على العديد من المواقع العسكرية والثكنات التي تقيمها “إسرائيل” في هذه المنطقة وغيرها من المناطق الحدودية.

ومنذ احتلال مزارع شبعا وتهجير أهلها عام 1967 (مع احتلال الجولان) ظلت هذه المنطقة مسرحاً للعمليات العسكرية بين المقاومة الفلسطينية واللبنانية من جهة٬ وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى٬ حيث يقيم الاحتلال العديد من أبراج المراقبة والثكنات العسكرية التي كانت هدفاً للمقاومة على الدوام وقتل فيها العديد من جنود جيش الاحتلال٬ وظلت كذلك حتى اليوم٬ حيث تشهد المنطقة خلال معركة “طوفان الأقصى” مواجهات عنيفة اعترفت “إسرائيل” بمقتل العديد من جنودها فيها وتدمير أبراج تجسس وثكنات عسكرية مختلفة.

ما هي مزارع شبعا المحتلة؟

  • تقع معظم أجزاء مزارع شبعا تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، حيث تضم هذه المنطقة تضم العديد من المزارع الخصبة الصالحة للزراعة، كما أنها مرتفعة مقارنة بالأراضي المحيطة مما يجعلها مهمة بشكل كبير من الناحية الاستراتيجية، لمراقبة التحركات من حولها بالنسبة إلى جيش الاحتلال.
  • ومزارع شبعا هي منطقة واقعة على الحدود بين لبنان وهضبة الجولان٬ تمتد على نحو 24 كيلومتراً، ويتراوح عرضها بين 13 و14 كيلومتراً، وهي تقع على منحدرات وتلال وبعض السهول والهضاب، وترتفع 1200 متر عن سطح البحر.
  • وتشرف مزارع شبعا على مناطق لبنانية وسورية٬ وتتبع هذه المزارع لقضاء محافظة حاصبيا من الجانب اللبناني٬ وهي تعد حلقة وصل مع البلدات الفلسطينية المحتلة التي حولتها إسرائيل إلى مستوطنات بعد احتلالها فلسطين عام 1948 بالإضافة إلى احتلالها الجولان وهذه المنطقة في عام 1967.
  • منذ عام 1967 احتلت “إسرائيل” مزارع شبعا وعملت على تهجير أهلها، واستمرت سياسة القضم الإسرائيلية لأراضي المزارع حتى عام 1989، حيث وضعت أسلاكاً شائكة حول المزارع وأقامت عشرات المراكز والنقاط العسكرية بداخلها وعلى مرتفعاتها لا تزال معظمها قائمة إلى اليوم٬ وفي كل جولة تصعيد تقوم المقاومة في لبنان باستهدافها.
  • يذكر أنه لا تقتصر مساحة الأراضي اللبنانية المحتلة على مزارع شبعا وحدها، وإنما هناك العديد من الأراضي التي تقع تحت سيطرة الاحتلال من الجمهورية اللبنانية خلال الوقت الراهن، ومنها: قرية النخيلة التي تقع على ارتفاع 240 متراً عن مستوى سطح البحر، وكذلك جبل الروس، وجبل السماق٬ وتلال كفار شوبا.

أسماء مزارع شبعا المحتلة

مزارع شبعا الواقعة جنوب “الخط الأزرق” تضم 13 مزرعة، وجميعها محتلة: 

  • مراح الملول
  • برختا
  • كفر دورة
  • بيت البراق
  • الربعة
  • المشهد
  • رمتا (أو رمثا)
  • قفوة
  • زبدين
  • خلة غزالة
  • القرن
  • فشكول
  • المعز

أزمة الترسيم الحدودي ومطالبة لبنان بمزارع شبعا دولياً

  • في مايو/أيار من العام 2000، انسحبت “إسرائيل” من جنوب لبنان وبلدة شبعا تحت ضربات المقاومة اللبنانية٬ وأبقت على احتلالها للمزارع. وعقب الانسحاب، رسم فريق أممي خط الانسحاب الذي سمي بالخط الأزرق، وأعلن أن إسرائيل أتمت انسحابها من كامل الأراضي اللبنانية وفقاً للقرار الدولي رقم 425 (الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية) وأكدت المنظمة الدولية بإعلانها هذا أن مزارع شبعا “سورية”، وخاضعة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالجولان المحتل.
  • يذكر تقرير أممي، صدر يوم 22 مايو/أيار 2000، أن “الأمم المتحدة تلقت خريطة مؤرخة في عام 1966، من حكومة لبنان تعكس موقف الحكومة أن هذه المزارع كانت واقعة داخل لبنان. غير أن في حوزة الأمم المتحدة عشر خرائط أخرى أصدرتها، بعد عام 1996، مؤسسات حكومية لبنانية، منها وزارة الدفاع، تضع المزارع داخل الجمهورية العربية السورية”.
  • وكان القرار الأممي رقم 1860 الذي صدر في مايو/أيار 2006، شجّع -في أحد بنوده- الحكومة السورية على التجاوب مع مطلب الحكومة اللبنانية الداعي لترسيم الحدود المشتركة بين البلدين لا سيّما في المناطق ذات الحدود الملتبسة أو المتنازع عليها.
  • وفي تقرير لمجلس الأمن يوم 12 سبتمبر/أيلول 2006 بشأن تطبيق قرار 1701 (والذي أمر بوقف العمليات القتالية بين حزب الله وإسرائيل) أكد الأمين العام أن حل قضية مزارع شبعا يستلزم التوصل إلى اتفاق لبناني سوري بشأن ترسيم الحدود الدولية بينهما، مشيراً إلى التزام قدمه الرئيس السوري بشار الأسد بالاجتماع برئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة لبحث الموضوع.
  • يذكر الأمين العام، بهذا التقرير، مساراً بديلاً لحل المشكلة اقترحه السنيورة يقضي بنقل منطقة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا لوصاية الأمم المتحدة حتى توضح السيادة عليها. غير أن الأمين العام يشير إلى أن النطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا غير محدود بدقة مما يعرقل تطبيق هذا الحل.
  • في تقرير أممي آخر يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول 2007، ذكر الأمين العام أن الخبير الخاص، برسم الخرائط ودرس قضية النطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا، توصل لنتائج أولية تفيد بأن “استعراض الأدلة الأخيرة وتحليلها يمكن أن يشكل أساساً لوضع تحديد مؤقت للنطاق الجغرافي لمنطقة مزارع شبعا”. 
  • وذكر الأمين العام، في هذا التقرير، أن لبنان قدم ملفاً من الخرائط والوثائق لإثبات مطالبته بمنطقة مزارع شبعا، وأن إسرائيل وافقت على تمكين رسام الخرائط من زيارة المنطقة (زارها عام 2007). أما سوريا فلم تردّ على طلب الأمين العام بتقديم معلومات عن هذا الموضوع، وفق التقرير الأممي.
  • على الجانب السوري، أكد فاروق الشرع، النائب السابق للرئيس السوري في مايو/أيار 2000 للأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، أن “سوريا تدعم ادعاء لبنان بأن مزارع شبعا لبنانية”. وفي يناير/كانون الثاني 2006، أوضح الأسد أن مزارع شبعا لبنانية، لكنه شدد على أن “ترسيم الحدود يكون بعد انسحاب إسرائيل من هذه المنطقة”.
  • تدعي إسرائيل أن “قرار الأمم المتحدة رقم 425 لا يشمل الانسحاب من مزارع شبعا التي هي ليست أراضي لبنانية، وهذا ما أكدته الأمم المتحدة بإعلانها انسحاب إسرائيل الكامل من كافة الأراضي اللبنانية”. وشددت إسرائيل على أن “مزارع شبعا كانت تحت السيطرة السورية عندما احتلتها في حرب الأيام الستة عام 1967، ورأت أن ادعاء لبنانيتها جاء بإيعاز من حزب الله للاستمرار في مهاجمتها” على حد تعبيرها.
  • وكان باحث إسرائيلي في “الجامعة العبرية بالقدس” توصل لمستندات فرنسية أرشيفية تؤكد لبنانية المزارع، كما أظهرت مراكز أبحاث لبنانية وثائق تعود إلى عام 1937 و1939 تثبت أن سكان مزارع شبعا كانوا يدفعون ضرائبهم للدولة اللبنانية. وفي كتاب للعالم الجغرافي الإسرائيلي، موشيه بريفر، ذكر أن هناك خريطتين فرنسيتين، تعودان لعامي 1932 و1946 تؤكدان لبنانية مزارع شبعا، إلا أن الخرائط الأحدث تُظهر أن المزارع جزء من سوريا.
  • ويقول باحثون إنه قبل إنشاء (دولة لبنان الكبير) عام 1920 كانت شبعا جزءاً من بلاد الشام تربطها صلات وثيقة بقرى ومدن وقعت بعد معاهدة سايكس – بيكو في سوريا وفلسطين ولبنان. ولكنها ابتداء من هذا التاريخ باتت جزءاً من التراب اللبناني وتابعة لسلطة واحدة هي السلطة اللبنانية. فالقوى الأمنية التي تمارس واجباتها فيها هي قوى أمنية لبنانية من جيش ودرك وخفراء جمارك. وموظفو الدولة الآخرون هم موظفو وزارات الزراعة والمالية والداخلية والعدل.
  • وكانت المحاكم اللبنانية هي المحاكم الوحيدة التي تفصل بكل القضايا التي تخص مزارع شبعا. وكان خبراء هذه المحاكم هم الذين ينتقلون إليها لإجراء الكشوفات وتقديم التقارير إلى المراجع القضائية. وهناك مئات الأحكام الصادرة عن المحاكم اللبنانية في البداية والاستئناف والتمييز تتعلق بمزارع شبعا. 

ما أهمية مزارع شبعا بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي؟

تملك مزارع شبعا أهمية كبيرة لإسرائيل ولن تتخلى عنها بسهولة نظراً لموقعها الاستراتيجي٬ بالإضافة إلى العديد من الأسباب الأخرى:

  • الارتفاع عن المنطقة المحيطة: تقع مزارع شبعا في منطقة مرتفعة بين الأراضي السورية واللبنانية والفلسطينية، وهو ما يساعد جيش الاحتلال الإسرائيلي على مراقبة المنطقة المحيطة بشكل أفضل.
  • التربة الزراعية: تتمتع منطقة مزارع شبعا بالتربة والأرض الصالحة للزراعة، وهو ما يزيد من الأطماع باحتلالها للإنتاج الزراعي بالنسبة إلى دولة الاحتلال الصهيوني.
  • الأمان المائي: تقع مزارع شبعا على خط المياه الجوفية الرئيسي على جبل الشيخ، وتنبع من هذا الجبل عدة روافد تصب في نهر الأردن وغيره، وهو ما يجعلها مهمة للأمن المائي.