بعد الأداء الباهت للرئيس الأمريكي جو بايدن في المناظرة الرئاسية الأولى لعام 2024 أمام الرئيس السابق ومرشح الجمهوريين دونالد ترامب، يتصارع الديمقراطيون مع إمكانية العثور على بديل له، حيث تَظهر نائبة الرئيس كامالا هاريس كخليفة محتمل، لكن افتقارها للشعبية وربما الكفاءة يثير الشكوك حول قدرتها على شغل هذا المنصب أو الاستمرار.
وفشلت حملة هاريس الرئاسية لعام 2020 في اكتساب الدعم الشعبي، وباعتبارها نائبة للرئيس، واجهت استياءً داخلياً وانخفاضاً في التأييد لدى العامة. ويشكك العديد من الأميركيين، بما في ذلك بعض الديمقراطيين، في قدرتها على التعامل مع الرئاسة، ما يزيد من تعقيد فرص بايدن في الانتخابات المقبلة أمام ترامب.
هل كامالا هاريس بديل مناسب لبايدن في الترشح للرئاسة؟
شهد الديمقراطيون واحدة من أسوأ الليالي التي تمر عليهم منذ وقت طويل، وذلك بعد المناظرة التي أجراها كل من بايدن وترامب، حيث بدا ترامب متفوقاً جداً، فيما ظهر بايدن كمرشح فاشل وليس مناسباً لولاية أخرى كرئيس، كما تقول مجلة national interest الأمريكية.
وخلال المناظرة الرئاسية الأولى لعام 2024 بين بايدن وترامب، كان الرئيس الحالي فارغاً باستمرار، وفي بعض الأحيان، كان غير منطقي تماماً. حيث كان الرجل الذي دعمه الديمقراطيون في المناظرة باعتباره مرشحهم المفترض، غير قادر بشكل واضح على إدارة البلاد؛ بل بدا وكأنه شخص قد يحتاج إلى مساعدة في إنجاز روتينه اليومي.
لقد ترك أداء بايدن الديمقراطيين في حالة من الذعر والتدافع للعثور على بديل، لكن هذه مهمة صعبة لأن بايدن أيضاً لن يتنحى وربما لا أحد سيجبره على التنحي بين الديمقراطيين. ومن المرجح أن يستمر بايدن في كونه مرشح الحزب الديمقراطي حتى الانتخابات، حيث تتضاءل احتمالات فوزه مع كل ظهور علني.
ولكن لو تم استبدال بايدن في الدقيقة التسعين لهذا النزال، فقد يعتقد البعض أن هاريس ستكون على رأس قائمة البدلاء. وإذا فاز بايدن بالانتخابات بطريقة أو بأخرى، لكنه ربما أصبح عاجزاً في مرحلة ما خلال فترة ولايته الثانية التي تمتد لأربع سنوات، والتي ستمتد من العام الثاني والثمانين إلى العام السادس والثمانين من حياته، فإن هاريس ستتولى الرئاسة بكل تأكيد. وفي كلتا الحالتين، تستحق هاريس بعض التركيز عليها كخليفة محتمل لبايدن.
هل تستطيع هاريس تولي الرئاسة الأمريكية؟
يقول هاريسون كاس الكاتب والباحث الأمريكي في مجلة national interest إن تخمينه أن هاريس لا تستطيع تولي هذا المنصب، ويقول: “ما أعرفه هو أن معظم الأميركيين، بما فيهم أنا، لا يرون هاريس في هذا الموضع”.
والواقع أن هاريس لا تحظى بشعبية. وكان هذا واضحاً بعد انتخاباتها الرئاسية لعام 2020، التي بدأت بضجة كبيرة لكنها باءت بالفشل كبير قبل حلول العام الجديد دون أن تكسر عتبة الخمسة في المئة من أصوات التأييد بين الأمريكيين.
وبحسب المجلة الأمريكية فإن محاولات هاريس لتسويق نفسها كرئيسة مناسبة لهذا المنصب، حتى في الوقت الذي كانت فيه بعض “الرياح الثقافية والاجتماعية” تدعمها، لم تثر سوى اللامبالاة بين الناخبين الديمقراطيين.
وأنقذ مقتل جورج فلويد، والاضطراب الاجتماعي والسياسي الذي أعقب ذلك، طموحات هاريس في الوصول إلى البيت الأبيض؛ ففي صيف عام 2020، تعهد بايدن باختيار امرأة سوداء كنائبة له، وفازت هاريس بهذا المنصب، وفاز بايدن بالانتخابات، ولم تكن النتائج اللاحقة جيدة وبحسب التوقعات.
وبصفتها نائباً للرئيس، كانت هاريس لا تحظى بشعبية داخلياً وخارجياً. وداخل إدارتها، كان معدل تبديل الموظفين مرتفعاً لديها، مع شكاوى تشير إلى أسلوب إدارتها وعدم استعدادها لهذا المنصب. وخارج الإدارة، بين الجمهور الأمريكي، حصلت هاريس على خيبة الأمل، حتى بين الموالين للديمقراطيين، بسبب “طيشها الملحوظ وعجزها المستمر عن التعبير عن نفسها” كما تقول المجلة. وكان رفض هاريس مرتفعاً للغاية لدرجة أن بعض الديمقراطيين كانوا يؤيدون علناً أن يستبدلها بايدن.
هذا لم يحدث. والآن يستيقظ الأمريكيون ببطء على حقيقة مفادها أن بايدن لن يكون قادراً على الاستمرار في منصبه لمدة أربع سنوات أخرى كرئيس، وأن هاريس هي خليفته. وبالنسبة لمعظم الناس، فإن تولى هاريس منصب الرئيس أمر غير مقبول، وهو ما لن يؤدي إلا إلى تفاقم مشاكل بايدن والديمقراطيين في صناديق الاقتراع أمام ترامب سعيد الحظ.
ذعر بين الديمقراطيين ودعوات لبايدن للتنحي
“يا شباب، يجب على الديمقراطيين ترشيح شخص آخر قبل فوات الأوان”. هكذا كتب أندرو يانغ، المرشح الديمقراطي للرئاسة لعام 2020 داعياً الرئيس بايدن إلى التنحي. كتب يانغ على X بعد ما يقرب من ساعة من مشاهدة ترامب وبايدن يتبارزن في المناظرة الانتخابية الرئاسية التي جرت على شبكة “سي إن إن” مساء الخميس 27 يونيو/حزيران 2024.
وأصاب الذعر الحزب الديمقراطي بعد المناظرة بسبب الأداء الكارثي لبايدن الذي بدا تائهاً أحياناً، وغير قادر على ملاحقة خصمه، وبدأت تظهر دعوات داخل الحزب لتنحي بايدن عن السباق في ظل تساؤلات حول مدى إمكانية حدوث وهل فات الأوان لمثل هذا القرار أم أنه بات ضرورياً!
وانتشر الذعر الذي أصاب الديمقراطيين في قاعات الكونغرس، والمدن الساحلية الثرية حيث يوجد المانحون الكبار، ومعاقل الحزب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والحانات وغرف المعيشة حيث يتجمع أنصار الديمقراطيين ليهتفوا لمرشحهم، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة the Washington Post الأمريكية.
لم تكن معاناة بايدن واضحة فقط عندما كان يتحدث، بل عندما يستمع لترامب، إذ ظل صامتاً لفترات طويلة، ويراقب منافسه في كثير من الأحيان وفمه مفتوح وعيناه تتسعان، وأعطت الشاشة المقسمة انطباعاً عن بايدن بأنه الجد العجوز، وليس الزعيم المتعجرف الذي كان يأمل في إبرازه.
وحتى لو استعاد بايدن بعض القوة في نهاية المناظرة الانتخابية الرئاسية بالمساء، ولكن بحلول نهاية المساء، أراد تجمع من الناخبين المترددين من بايدن أن يتنحى، حسب ما قال فرانك لونتز، خبير مجموعة التركيز لصحيفة The New York Times الأمريكية.
وقبل أن تنتهي المناظرة الانتخابية الرئاسية، وفي أعقابها مباشرة، انتشر القلق عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي الرسائل النصية الخاصة. في الكونغرس، كان الذعر بين المشرعين والموظفين الديمقراطيين واضحاً، حيث اعترفوا سراً بأن الدعوات المطالبة بتنحي بايدن من المرجح أن تتزايد بسبب أداء بايدن السيئ في المناظرة الانتخابية الرئاسية. وفي جميع أنحاء الولايات، أعرب النشطاء عن قلق مماثل.
كتب أحد الاستراتيجيين الديمقراطيين في إحدى الولايات التي تمثل ساحة معركة أساسية عن بايدن: “لديه مادة عظيمة، ولكنه لا يستطيع تقديم سطر واحد”. وقال ديفيد أكسلرود، الذي كان أحد كبار مسؤولي البيت الأبيض ومسؤول حملة الرئيس السابق باراك أوباما: “هناك شعور بالصدمة إزاء الطريقة التي خرج بها في بداية هذه المناظرة. كيف بدا صوته. لقد بدا مشوشاً بعض الشيء”. على سي إن إن.
وأضاف أكسلرود: “ستكون هناك مناقشات حول ما إذا كان ينبغي عليه الاستمرار، حسب ما ورد في تقرير لشبكة NBC News الأمريكية”.
وكتب جوليان كاسترو، عمدة سان أنطونيو الديمقراطي السابق الذي خدم في حكومة أوباما، على موقع X: “كان لدى بايدن سقف منخفض للغاية قبل خوض المناظرة، وفشل حتى في تجاوز هذا الحاجز. لقد بدا غير مستعد، وضائعاً، وليس قوياً بما يكفي للتصدي بفعالية لترامب، الذي يكذب باستمرار”.
وفي مقابلة مع نائبة الرئيس هاريس، أشار أندرسون كوبر، مذيع شبكة “سي إن إن”، إلى أن البعض داخل الحزب الديمقراطي يتساءلون عما إذا كان ينبغي على بايدن التنحي، وسأل هاريس عما ستقوله في هذا الشأن.
ولم تجب نائبة الرئيس بشكل مباشر على السؤال، وبدلاً من ذلك جادلت بأن بايدن أظهر تبايناً واضحاً للغاية مع دونالد ترامب في جميع القضايا التي تهم الشعب الأمريكي. وقال هاريس: “نعم، كانت البداية بطيئة، لكنها كانت نهاية قوية”.