قرّر مجلس حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأربعاء 26 حزيران/يونيو 2024، تعيين رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته، مارك روته أميناً عاماً جديداً للحلف خلفاً لينس ستولتنبرغ. وسيتولى روته مهامه كأمين عام اعتباراً من 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024، عندما تنتهي فترة ولاية ستولتنبرغ الذي استمر في منصبه عشر سنوات.
وتم تعيين روته بالمنصب الجديد في مرحلة بالغة الأهمية بالنسبة للحلف الغربي ومحفوفة بالمخاطر، خصيصاً مع استمرار حرب روسيا في أوكرانيا والمخاطر في شرق القارة العجوز، ومساعي دونالد ترامب للفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
من هو مارك روته الأمين العام الجديد لحلف الناتو؟
- مارك روته هو سياسي هولندي مسيحي، من مواليد 14 فبراير 1967 وعمل على فترات بصفة تبشيرية في الكنيسة البروتستانتية الهولندية وهو عضو فيها. وهو اليوم رابع هولندي يقود حلف شمال الأطلسي منذ خروجه من الحرب العالمية الثانية.
- شغل روته منصب رئيس وزراء هولندا منذ عام 2010 وكان زعيماً لحزب “الشعب من أجل الحرية والديمقراطية” (VVD) المحافظ منذ عام 2006 حتى عام 2023.
- بعد عمله بعد الدراسة في وظيفة إدارة الأعمال لدى شركة يونيليفر الشهيرة متعددة الجنسيات للسلع الاستهلاكية، دخل روته عالم السياسة في هولندا عام 2002 كعضو في الحكومة، حيث فاز بانتخابات قيادة حزب VVD عام 2006 وقاد الحزب للفوز في الانتخابات العامة عام 2010. وبعد مفاوضات ائتلافية مطولة، أصبح رئيساً لوزراء هولندا.
- على الرغم من استقالة روته وحكومته بعد فضيحة “مزايا رعاية الأطفال” في هولندا، فاز حزب VVD في الانتخابات العامة لعام 2021. وبدأ روته ولايته الرابعة في عام 2022، وفي 7 يوليو/حزيران 2023، أعلن استقالة حكومته بعد فشل ائتلافه في الاتفاق على كيفية التعامل مع أزمة الهجرة المتزايدة. وقد تولت حكومته منذ ذلك الحين دور تصريف الأعمال في انتظار تشكيل حكومة جديدة.
- نظراً لقدرته على الخروج من الفضائح السياسية دون أن تتضرر سمعته، فقد تمت الإشارة إليه بلقب “مارك تيفلون” في إشارة إلى أواني الطهي المضادة للالتصاق.
مارك روته والتنافس على منصب الأمين العام الجديد لحلف الناتو
- بعد إعلانه ترشحه للمنصب العام الماضي عقب انهيار ائتلافه الحكومي، سرعان ما حصل روته -الداعم القوي لأوكرانيا- على تأييد الدول ذات الثقل العالمي؛ مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا كي يحظى بهذا المنصب.
- لكن كان عليه أن يستخدم كافة المهارات الدبلوماسية التي اكتسبها خلال قرابة 14 عاماً على رأس الحكومة في هولندا للتغلب على المعارضين لترشحه بقيادة تركيا والمجر، كما يقول تقرير لوكالة “فرانس برس”.
- تخطى مارك روته التحفظ التركي بزيارة إلى إسطنبول في نيسان/أبريل، قبل أن يتوصل لاتفاق أخيراً مع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان في قمة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع.
- أثار رئيس الوزراء الهولندي حفيظة أنقرة قبيل انتخابات عام 2017 عندما منع وزيرين تركيين من إلقاء كلمات في تجمعات انتخابية في هولندا. وهذا المنع لم يستسغه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ ما أدى لإشعال أزمة بين البلدين.
- وإثر تجاوزه العقبة التركية المجرية، وجد نفسه أمام منافس ممثل في يوهانيس بعد أن أثار ترشحه المفاجئ استياء أعضاء الحلف، الذين كانوا يأملون في تعيين سلس لروته قبل قمة الناتو في واشنطن الشهر المقبل. لكن مجلس الأمن الروماني أعلن الخميس انسحاب يوهانيس رسمياً ودعم بوخارست لروته.
- كان سعي روته لتولي المنصب الأعلى في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بمثابة رحلة طويلة، حيث قام بحملة للحصول على المنصب منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
- وقد تعرض روته لانتقادات لعدم نشاطه بما فيه الكفاية في حشد الدعم من دول أوروبا الشرقية. كما فشل روته بشكل مستمر في رفع الإنفاق الدفاعي الهولندي إلى هدف الناتو المتمثل في 2% من الناتج المحلي الإجمالي طوال فترة رئاسته التي استمرت 14 عاماً لخامس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أخيراً أن تحقق هولندا هذا الهدف هذا العام، وفقاً لأحدث أرقام الناتو.
- وألقى المحافظ الذي يتنقل على الدراجات الهوائية بثقل بلاده الاقتصادي خلف أوكرانيا في أعقاب الغزو الروسي في 2022، وقاد الجهود المبذولة لتسليم كييف طائرات مقاتلة من طراز إف-16.
- وبينما دفعت دول الناتو الواقعة على الضفة الشرقية للحلف كي يتولى مرشح من دولها منصب الأمين العام للناتو، يؤكد أنصار مارك روته أنه يدرك تماماً التهديد الذي تشكله روسيا.
مهام صعبة في انتظار مارك روته في حلف الناتو
- سيكون لدى مارك روته الكثير من العمل عندما يتولى مهام منصبه خلفاً لرئيس الوزراء النرويجي السابق ستولتنبرغ، الذي قاد التحالف خلال العقود الأكثر أهمية منذ نهاية الحرب الباردة وتمد تمديد ولايته أكثر من مرة.
- فبعد أسابيع قليلة من بدء ولايته البالغة أربع سنوات، سيدلي الناخبون في الولايات المتحدة بأصواتهم في انتخابات حاسمة للاختيار بين الرئيس الحالي جو بايدن وترامب.
- يثير احتمال عودة ترامب إلى المكتب البيضوي قلق دول حلف الناتو التي تخشى أنه قد يضعف دور واشنطن القوة العظمى باعتبارها ضامن الأمن المطلق لأوروبا. وأجّج ترامب هذه المخاوف خلال حملته الانتخابية عندما قال إنه سيشجع روسيا على مهاجمة دول الناتو التي لا تنفق ما يكفي على الدفاع عن نفسها. لكن على غرار ستولتنبرغ، أُشيد بتعامل روته الحذر مع ترامب خلال فترة رئاسته.
- وبينما قد تمثل عودة ترامب تحدياً كبيراً، فإن روته سيواجه على الضفة الشرقية للناتو التهديد الأكثر إلحاحاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قوات الكرملين حالياً تحرز تقدماً في أوكرانيا بعد أكثر من عامين من النزاع العنيف، وسيكون للأمين العام للناتو دور رئيسي في حشد المساعدات من داعمي كييف المنهكين.
- في الوقت نفسه، سيتعيّن على مارك روته التأكد من أن الحلف مستعد للدفاع في حال أي هجوم مستقبلي محتمل من موسكو، إذا، بل عندما، يتمكن بوتين من إعادة بناء قواته. وسيتضمن جزء من ذلك حشد الحلفاء الأوروبيين لإنفاق المزيد على الدفاع، وهو مطلب رئيسي من ترامب وغيره من القادة الأمريكيين. وأعلن الناتو هذا الأسبوع أن 23 من أصل 32 دولة عضواً حققت هدف الحلف المتمثل في إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.
- يُذكر أن منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) هي تحالف عسكري دولي يتكون من 32 بلداً عضواً مستقلاً في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا، تأسس عام 1949 بناءً على معاهدة شمال الأطلسي التي تم التوقيع عليها في واشنطن في 4 ابريل/نيسان سنة 1949. ويشكل حلف الناتو نظاماً للدفاع الجماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية. وهناك ثلاثة من أعضاء الناتو (الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة) هم أعضاء دائمون في مجلس الأمن الدولي يتمتعون بحق الفيتو وهم رسمياً دول حائزة للأسلحة النووية.