عندما نفكر في البطولات الرياضية حول العالم، قد تتبادر إلى أذهاننا تلك الشهيرة وذات الشعبية الكبيرة؛ مثل كرة القدم، أو الكريكيت، أو البيسبول، أو السباحة، وغيرها.
إلا أنه هناك في زوايا مختلفة من العالم، الكثير من الرياضات بعضها غريب، والآخر خطر أو مضحك، لكنها تعتبر من الرياضات الرسمية، والمعترف بها، ويتم تنظيم بطولات رسمية سنوية لها.
أغرب الرياضات هذه غالباً ما تعكس تنوع ثقافة البلدان التي تنظمها، أو تكشف عن بعض العادات التي تمارس في الحياة اليومية، أو أنها بكل بساطة وسيلة للرفاهية في ظل ظروف العيش المختلفة، والتي غالبا ما تكون بسبب اختلاف المناخ.
من سباقات الجبن في التلال الانحدارية في إنجلترا إلى بطولات الحصان الخشبي في فنلندا، تكشف هذه الألعاب عن قصص مجتمعاتها وتحكي عن تقاليد قد تعود لقرون.
إذ تتنوع هذه الرياضات لتشمل كل شيء من المنافسات العائلية الودودة إلى التحديات الجسدية التي تستلزم مهارات خاصة وشجاعة منقطعة النظير.
وبالرغم من أن هذه الرياضات الغريبة كثيرة، إلا أن بعضها يعتبر أكثر غرابة من غيرها، فيما تمكنت أخرى من أن تجذب اهتمام الكثيرين عبر العالم، خصوصاً عبر منصات السوشيال ميديا.
أغرب الرياضات.. بطولة الحصان الخشبي في فنلندا
تمكنت بطولة الحصان الخشبي في فنلندا من أن تصبح حديث الجمهور عبر العالم، بعد أن انتشر لها العديد من الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يظهر عدد من المتسابقين وهم يمارسون الرياضة، طمعاً في الفوز بلقب البطولة لسنة 2024.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن واحدة من أغرب الرياضات في العالم، هو أن هذه البطولة لها جذور عميقة في الثقافة الفنلندية وتحظى بمكانة خاصة في قلوب المشاركين والمشاهدين على حد سواء.
وتعود فكرتها إلى مطلع القرن الحادي والعشرين، عندما بدأت كمزحة بين مجموعة من الأصدقاء وتطورت لتصبح حدثاً سنوياً يُعقد في مدينة هلسنكي.
الحصان الخشبي، المعروف في فنلندا باسم “هوب هورس”، كان في الأصل لعبة شعبية بين الأطفال الذين يتظاهرون بالركوب على خيول خشبية ويتنافسون في محاكاة سباقات الخيل.
وعلى الرغم من السخرية التي قد تواجهها، فإن هذه البطولة تعكس جزءاً من الروح الفنلندية التي تقدر الطبيعة، الحرية، والإبداع.
لذلك فهي تعتبر تشيد بالبساطة واحتفاء بالطفولة، مما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من الثقافة المحلية، كما أنها تعزز من الروابط الاجتماعية وتشجع على النشاط البدني بطريقة ممتعة وغير تقليدية.
وعلى مرور السنين، شهدت البطولة مشاركة متزايدة من دول أخرى، تجذب المتسابقين من دول مثل السويد، النرويج، وحتى من أماكن بعيدة كالولايات المتحدة وكندا.
تشمل البطولة مجموعة متنوعة من السباقات، بما في ذلك سباق القفز على الحواجز، والعروض الاستعراضية التي تحتاج لياقة بدنية خاصة، وغالباً ما يرتدي المشاركون ملابس ملونة قبل بدء الاستعراض.
وتحتاج هذه الرياضة الغريبة مجموعة من المهارات، من بينها الحفاظ على التوازن، والتركيز، فيما يمكن أن تكون لها بعض المخاطر، مثل السقوط، إلا أنها لا تعتبر خطرة على المشاركين بشكل عام.
كرة القدم الطينية في فنلندا
في فنلندا مرة أخرى، هناك واحدة من أغرب الرياضات التي تقام لها بطولة سنوية، وهي كرة القدم الطينية، التي تتمتع بنفس قوانين كرة القدم العادية تقريباً، إلا أن الغريب والجديد فيها هي أنها تلعب في ملاعب وحل وطين.
يتم تنظيم هذه الرياضة، في فترة تنظيم مهرجان سنوي يسمى “Swamp Soccer World Championships”، وهي من أغرب البطولات الرياضية في العالم.
وتعود أصول كرة القدم الطينية إلى فنلندا في التسعينيات، حيث بدأت كنشاط ترفيهي للجنود خلال تدريبات الجيش الفنلندي في البيئات الصعبة.
لكنها سرعان ما تحولت من مجرد تمرين عسكري إلى رياضة ترفيهية تنظم فيها بطولات يشارك فيها أشخاص من كافة الأعمار والخلفيات.
وقد أصبحت تنظم هذه البطولة السنوية في بلدة هينكلي الفنلندية وقد اكتسبت شعبية دولية واسعة، خصوصا وأنها تشبه كرة القدم التقليدية.
وبالنسبة للتعديلات التي تعرفها اللعبة، فهي أن المباريات تُلعب على ملاعب غير مستوية، مليئة بالطين والماء؛ ما يجعل الحركة أصعب وأبطأ.
الفرق تتكون من ستة لاعبين، والمباريات تدوم لفترات أقصر مقارنة بمباريات كرة القدم العادية، مع ضرورة اللعب بروح رياضية ومتعة عالية.
من بين الجوانب المثيرة لكرة القدم الطينية، التي تدخل في خانة اغرب الرياضات العالمية، هي التحديات الجسدية التي تفرضها على اللاعبين؛ ما يجعل من الضروري التمتع ببنية جسدية قوية، وقدرة على التوازن، بسبب خطر الانزلاق والسقوط.
ومع ذلك، تُتخذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان سلامة اللاعبين، مع الحرص على توفير تجربة ممتعة وآمنة للجميع.
ومن بين أكثر الأمور التي تجذب الجمهور لحضور مباريات الكرة الطينية انها ممتعة ومضحكة في نفس الوقت، الشيء الذي جعلها تنتشر بشكل كبير، وتصبح مصدراً لجذب السياح المهتمين بالتعرف أكثر على الثقافة الفنلندية.
أخطر وأغرب الرياضات.. كرة القدم النارية في إندونيسيا
هذه الرياضة ليست غريبة فقط، وإنما تدخل في خانة الخطورة كذلك، كون اللاعبين يلعبون كرة القدم وهي مشتعلة؛ لذلك فهي من الرياضات التي تحتاج إلى الجرأة والشجاعة.
تعرف هذه الرياضة، التي تلعب دائماً في ساعات الليل، باسم “Sepak Bola Api”، وهي ليست مجرد لعبة، بل هي احتفالية تقليدية تجسد الإثارة والحماس عند الشعب الإندونيسي.
أصول هذه اللعبة تعود إلى مئات السنين وتقام عادة خلال احتفالات عيد الفطر كجزء من مراسم التطهير، وتقام في عدة مدن في إندونيسيا.
والفكرة وراء هذه الرياضة هي إظهار الشجاعة والقدرة على تحمل الألم، وهي قيم يُعتقد أنها تطرد الأرواح الشريرة وتجلب الحظ الجيد للاعبين والمجتمع.
اللعبة تستخدم كرة مصنوعة من جوز الهند المجفف مغموسة في الكيروسين، وقبل البدء، تُشعل الكرة بالنار، وتُلعب اللعبة عادة في الليل لتعزيز التأثير البصري للألعاب النارية.
اللاعبون، الذين يتوجب عليهم لعب الكرة بأقدامهم الحافية، يقومون بركل الكرة المشتعلة في محاولة لتسجيل الأهداف في مرمى الخصم، مع التحكم فيها دون التعرض للأذى.
تحمل كرة القدم النارية مخاطر جسدية كبيرة، بما في ذلك خطر الحروق والإصابات، ومع ذلك، يتم تدريب اللاعبين جيداً وغالباً ما يُستخدمون طرقاً تقليدية لحماية أنفسهم، مثل تغطية أقدامهم بأعشاب طبية معينة تقلل من إحساس الحرق.
سباق الجبن الشهير في إنجلترا
بين الغرابة والخطورة والفكاهة، يقام سباق الجبن في جهة غلوسترشاير الريفية بإنجلترا، حيث يجتمع المغامرون والمتفرجون كل عام ليشهدوا على أطوار هذه المسابقة السنوية.
ينطلق المتسابقون خلف جبنة دائرية ضخمة تتدحرج من أعلى تل كوبر بهدف الإمساك بها، وهي واحدة من أشهر التقاليد في المنطقة.
ويعود تاريخ سباق الجبن إلى أكثر من 200 عام، ويُعتقد أنه بدأ كجزء من احتفالات الربيع التقليدية للمجتمعات المحلية.
الجبن المستخدم في السباق هو “Double Gloucester”، وهو عبارة عن جبنة صلبة يتم إنتاجها محلياً.
يتم إطلاق الجبنة من قمة التل، وتصل سرعتها إلى أكثر من 70 كم/ساعة، مما يجعل من المستحيل تقريباً اللحاق بها.
قواعد المسابقة بسيطة: المتسابقون يبدأون في أعلى التل وعند إشارة البدء، يطلقون الجبنة ويتبعونها في محاولة للوصول إلى القاع أولاً.
لا يوجد مسار محدد، والتحدي يكمُن في البقاء قادراً على الوقوف والركض على منحدر حاد ومتقلب. أما الفائز فهو من يتمكن من الإمساك بالجبنة، أو حتى الوصول إلى خط النهاية قبل وصول الجبنة السريعة إلى هذا الخط.
هناك الكثير من المخاطر التي تصاحب هذه المسابقة السنوية؛ التي تدخل في خانة أغرب الرياضات، إذ إن المشاركين يعرضون أنفسهم لخطر الإصابات الجسدية بسبب السقوط والتدحرج على المنحدر.
كل عام، تتعرض مجموعة من المتسابقين لإصابات تتراوح بين الكدمات البسيطة والكسور الخطيرة، ومع ذلك، يتم توفير فرق طبية متخصصة في الموقع لتقديم الإسعافات الأولية الفورية.
لكن بالرغم من المخاطر، يعد سباق الجبن حدثاً يحظى بأهمية كبيرة في المجتمع المحلي ويجذب زواراً من جميع أنحاء العالم، ويُنظر إليه كفرصة للاحتفال بالثقافة المحلية وتعزيز روح المجتمع.
مصارعة الإبهام في المملكة المتحدة
على الرغم من أن الاسم قد يثير الضحك، فإن مصارعة الإبهام هي رياضة جدية ولها تاريخ طويل في المملكة المتحدة.
إذ يتنافس المشاركون في هذه الرياضة الغريبة في مبارزات تستخدم فيها الأصابع بدلاً من العضلات؛ ما يجعلها تحدياً فريداً من نوعه يجمع بين المهارة، الاستراتيجية، وقدرة التحمل.
بداية هذه الرياضة تعود إلى القرون الوسطى، و القصص تذكر أن الفلاحين كانوا يمارسون هذه الرياضة كنوع من التسلية بعد يوم طويل من العمل في الحقول.
ثم تطورت اللعبة على مر السنين وأصبحت تُنظم بطولات رسمية، خاصة في المناطق الريفية في إنجلترا.
القواعد بسيطة لكنها تتطلب تقنية كبيرة؛ إذ يجلس اللاعبان وجهاً لوجه، ويمسكان بيديهما بطريقة محددة تسمح لكل منهما بإبهام واحد حر.
يتم وضع الأيدي على سطح مستوٍ، وتبدأ الجولة عندما يعطي الحكم إشارة البدء، والهدف هو استخدام إبهامك لتثبيت إبهام خصمك لمدة ثلاث ثوانٍ، أما الفائز فهو من يتمكن من تحقيق ذلك أولاً.
وعلى الرغم من بساطتها، تتطلب مصارعة الإبهام مهارات خاصة تشمل السرعة، الدقة، والقدرة على قراءة تحركات الخصم.
هذه الرياضة التي تدخل في خانة أغرب الرياضات تتطلب قدراً كبيراً من التحكم في الأعصاب والقدرة على التحمل، حيث يمكن أن تستمر بعض المبارزات لفترات طويلة.
الإصابات نادرة في هذه الرياضة لكنها ممكنة، مثل التواء الإبهام أو تمزق الأربطة، لهذا السبب، يتم تشجيع اللاعبين على القيام بتمارين إحماء قبل المبارزات.