الأخبار

باستخدام المال.. الغارديان: الاحتلال الإسرائيلي قاد حملة موسعة لتشكيل الخطاب الأمريكي تجاه حرب غزة

أعدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي حملة واسعة النطاق قبل أشهر من أجل تشكيل الخطاب الأمريكي تجاه الحرب على غزة، لا سيما مع تصاعد العداء لإسرائيل واحتجاج الطلاب في جامعات أمريكية، وذلك وفقاً لما كشفته صحيفة الغارديان، نقلاً عن وثائق حصلت عليها الإثنين 24 يونيو/حزيران 2024.

تقرير الصحيفة البريطانية أوضح أنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، جرى استدعاء وزير المساواة الاجتماعية الإسرائيلي، عميحاي شيكلي، إلى الكنيست، “لإطلاع المشرعين على ما يمكن القيام به بشأن تصاعد العداء لإسرائيل”.

ليرد شيكلي قائلاً: “ذكرت ذلك من قبل، وسأقوله مرة أخرى الآن، أعتقد أنه ينبغي علينا، وخاصة في الولايات المتحدة، أن نكون في موقف هجوم”.

صحيفة “الغارديان” سلطت  الضوء على برنامج الحكومة الإسرائيلية المعروف باسم “كيلا شلومو”، المصمَّم لتنفيذ ما سمته إسرائيل “أنشطة الوعي الجماهيري” التي تستهدف إلى حد كبير الولايات المتحدة وأوروبا.

الصحيفة أشارت إلى أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول حتى مايو/أيار، أشرف شيكلي على ما لا يقل عن 32 مليون شيكل، أو حوالي 8.6 مليون دولار، تم إنفاقها على الدعوة الحكومية لإعادة “صياغة النقاش العام”.

مواجهة تصاعد العداء لإسرائيل

ووفقاً للصحيفة، فإن شركة كونسرت Concert، المعروفة حالياً باسم أصوات إسرائيل، انخرطت في حملات مصممة لمواجهة تصاعد العداء لإسرائيل في الولايات المتحدة.

وبحسب الصحيفة فإن الأمر لم يستغرق وقتاً طويلاً حتى تمكن معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة، وهو إحدى مجموعات المناصرة الأمريكية التي تنسق بشكل وثيق مع وزارة شيكلي، من تحقيق نجاحات.

وفي جلسة استماع للكونغرس في ديسمبر/كانون الأول الماضي عن معاداة السامية المزعومة بين الطلاب المتظاهرين المناهضين للحرب في غزة، استشهد العديد من المشرعين الجمهوريين في مجلس النواب صراحة بأبحاث معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة في استجواباتهم لرؤساء الجامعات. 

وانتهت جلسة الاستماع بمواجهة بين النائبة إليز ستيفانيك ورئيسة جامعة هارفارد آنذاك، كلودين غاي، التي تقدمت باستقالتها لاحقاً، بعد موجة انتقادات.

وواصل معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة، في التأثير على تحركات الكونغرس من منطلق أن الاحتجاجات ضد إسرائيل مدفوعة بمعاداة السامية. كما شارك في حملة تهدف لقوانين جديدة تعيد تعريف معاداة السامية، بما يجرم أشكالاً معينة من الخطاب الناقد لليهود وإسرائيل، وفق “الغارديان”.

ونفذت مجموعات أمريكية أخرى مرتبطة بشركة أصوات إسرائيل، مجموعة من المبادرات لتعزيز الدعم لإسرائيل. وإحدى هذه المجموعات هي المجلس الوطني لتمكين السود (NBEC)، الذي نشر رسالة مفتوحة من سياسيين ديمقراطيين يتعهدون فيها بالتضامن مع إسرائيل. 

وكذلك نفذت مجموعة سايبر ويل CyberWell، وهي مجموعة مؤيدة لإسرائيل، حملة لمكافحة التضليل الإعلامي، انطلاقاً من تفاهمات بينها وشركة ميتا ومنصة تيك توك. وقد دعا تقرير حديث للمجموعة ميتا، المالكة لفيسبوك إلى مكافحة شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر”.

وفي وقت سابق كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية وكذلك صحيفة نيويورك تايمز الأميركية مؤخراً أن وزارة شيكلي استخدمت شركة علاقات عامة للضغط سراً على المشرعين الأمريكيين.

كما استخدمت الشركة المئات من الحسابات المزيفة التي تنشر محتوى مؤيداً لإسرائيل، أو معادياً للمسلمين، على منصة (إكس) وفيسبوك، وإنستغرام. ونفت وزارة شؤون الشتات تورطها في الحملة.

وبحسب “الغارديان”، تقوم وزارة شؤون الشتات وشركاؤها بجمع تقارير أسبوعية بناءً على نصائح من مجموعات طلابية أمريكية مؤيدة لإسرائيل.

دعم مالي واستراتيجي

كما أوضحت الصحيفة أن شركة هيليل إنترناشيونال، أحد مؤسسي شبكة تحالف إسرائيل في الحرم الجامعي، وواحدة من أكبر مجموعات الجامعات اليهودية في العالم، أبلغت عن دعم مالي واستراتيجي من شركة موزاييك يونايتد، وهي شركة عامة تدعمها وزارة شيكلي. 

ولم تستجِب شركة “هيليل إنترناشيونال” و”سايبر ويل”، ووزارة شؤون الشتات الإسرائيلية وأصوات إسرائيل “كونسرت”، لطلب “الغارديان” للتعليق.

من جهته، قال إيلي كليفتون، أحد كبار المستشارين في معهد كوينسي للحكم الرشيد: “هناك تركيز على مراقبة الخطاب الأمريكي بخصوص العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك خطاب الحرم الجامعي”.

تقرير “الغارديان” أشار أيضاً إلى أنه لم يتم تسجيل أي من المجموعات المذكورة في التقرير بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا) الذي يلزم المجموعات التي تتلقى أموالاً أو توجيهات من دول أجنبية بتقديم إفصاحات علنية إلى وزارة العدل الأمريكية.

بينما قالت لارا فريدمان، رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط: “هناك افتراض راسخ بأنه لا يوجد شيء غريب على الإطلاق، بالنظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها مجالاً مفتوحاً لإسرائيل للعمل فيه، وأنه لا توجد قيود في ذلك”.

ويعود تأسيس شركة كونسرت إلى عام 2017، تحديداً عندما قررت وزارة الشؤون الاستراتيجية تطوير برنامج للقيام بحملات سرية تهدف إلى تغيير الرأي العام، ولتوفير رد سريع ومنسق ضد محاولات تشويه صورة إسرائيل في جميع أنحاء العالم.

منظمات صهيونية مسيحية أمريكية

وأظهرت الوثائق أن العديد من المستفيدين من أموال الحملة كانت منظمات صهيونية مسيحية أمريكية، مثل المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل، وإعلان العدالة، ومؤسسة حلفاء إسرائيل.

وكان معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة، أحد أكبر المستفيدين الأمريكيين من التمويل، إذ ورد أنه تلقى ما لا يقل عن 445 ألف دولار، وهو مبلغ يعادل 80% من إجمالي إيراداته عام 2018، كجزء من تعهد بقيمة 1.3 مليون دولار. 

وشكك الدكتور تشارلز سمول، المدير التنفيذي للمعهد، في هذه الأرقام عندما سألته صحيفة Forward، على الرغم من أنه أعطى تعليقات متضاربة لوسائل إعلام كندية، وفق “الغارديان”.

والعام الماضي، أصبح العميد سيما فاكنين غيل، ضابط المخابرات السابق، مسؤول الاتصال بشركة كونسرت في الحكومة الإسرائيلية، مديراً إدارياً لمعهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة.

وفي يناير/كانون الثاني، أدلى غيل وسمول بشهادتهما أمام لجنة في الكنيست لمناقشة الرد المناسب على منتقدي إسرائيل. 

وخلال الشهادة، جرى النقاش حول الحاجة إلى تشجيع الدول لتبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، الخاص بمعاداة السامية، الذي يساوي بين النقد القاسي لإسرائيل ومعاداة الصهيونية.

ووقع حاكم جورجيا، بريان كيمب، في يناير/كانون الثاني، على تشريع عدّل بموجبه قانون جرائم الكراهية في الولاية، ليشمل تعريف التحالف الدولي لمعاداة السامية، مما يجعل من الممكن أن تؤدي انتقادات معينة لإسرائيل إلى أحكام بالسجن. 

وحذت ولايتا كارولينا الجنوبية وداكوتا الجنوبية حذوه بقوانين مماثلة في الأشهر الأخيرة. 

وأقر مجلس النواب الأمريكي تشريعاً يدمج تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية في معايير وزارة التعليم. 

وإذا أقرّ مجلس الشيوخ التشريع وتم التوقيع عليه ليصبح قانوناً، فسيسمح للحكومة الفيدرالية بقطع التمويل عن مؤسسات التعليم العالي التي تسمح ببعض الانتقادات لإسرائيل.

وقال سمول في جلسة استماع في الكنيست، في يناير، “هذه لحظة تاريخية يجب علينا فيها زيادة قوتنا، فيما يتعلق بتاريخ الشعب اليهودي، ودولة إسرائيل”.

وأجرى الكنيست جلسات استماع متعددة مع منظمات يهودية أمريكية لبحث التنسيق. وأشارت مارغريتا سبيشكو، المسؤولة في وزارة شؤون الشتات، في ديسمبر/كانون الأول، إلى أن مكتبها يصدر تقريراً أسبوعياً بناء على المعلومات التي يجمعها من الشركاء في الولايات المتحدة.

وأشارت هداس لوربر، التي تعمل مساعدة لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، خلال نفس الجلسة، إلى أن مكتب رئيس الوزراء كان يجتمع بانتظام مع المجموعات الموجودة في واشنطن كجزء من “محاولة جادة لمعرفة كيف يمكننا مكافحة معاداة السامية”.

وفي مارس/آذار الماضي، جمع الكنيست قادة الجماعات الرئيسية المؤيدة لإسرائيل من جميع أنحاء العالم، لتقديم تقرير عن الأنشطة المتعلقة بالحرب في غزة. 

وأشار مئير هولتز، رئيس منظمة موزاييك يونايتد، في الجلسة إلى أن الحكومة الإسرائيلية ستستثمر هذا العام 48 مليون شيكل، حوالي 12.8 مليون دولار، في منظمته للتأثير بالحرم الجامعي.