صحة

حتى الخوارزميات قد تُشعرك بالعزلة.. دراسة تربط بين قلة عدد الإعجابات على وسائل التواصل الاجتماعي والشعور بالوحدة

كشفت دراسة أجراها باحثون حول مدى تأثير منصات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية، أن خوارزميات مواقع التواصل تسهم في تعميق الشعور بالوحدة.

وفحص الباحثون خلال الدراسة كيفية تأثير هذه الخوارزميات التي تقود منصات التواصل الاجتماعي مثل Instagram على مشاعر الوحدة بين المستخدمين، لتقدم النتائج دليلاً على أن تصورات خوارزميات هذه الوسائل مرتبطة بمشاعر الوحدة.

وكان الدافع وراء البحث هو التزايد الملحوظ الذي تشهده فئة الشباب في الشعور بالوحدة جنباً إلى جنب مع الزيادة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيثُ أصبحت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة محور العديد من الدراسات والأبحاث، بهدف فهم العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والشعور بالوحدة، وتحديد العوامل التي تساهم في تعميق هذا الشعور.

العلاقة بين منصات التواصل الاجتماعي والشعور بالوحدة

افترض الباحثون أن المستخدمين الذين يرون أن خوارزميات مواقع التواصل سريعة الاستجابة ومرنة في دعم احتياجاتهم سيشعرون بوحدة أقل. على العكس من ذلك، توقعوا أن أولئك الذين يرون الخوارزميات غير حساسة أو غير متجاوبة مع متطلباتهم من استخدام منصات التواصل الاجتماعي سيشعرون بمزيد من العزلة. 

وتم تنفيذ البحث على مرحلتين: شملت المرحلة الاولى دراسة مقطعية  ضمت مجموعة عمرية واسعة من مستخدمي إنستغرام، ودراسة طولية ركزت على الشباب بشكل خاص.

أثر تصورات استجابة الخوارزميات على الشعور بالوحدة

في الدراسة الأولى، شمل البحث 468 مستخدماً لإنستغرام، تراوحت أعمارهم بين 19 و68 عاماً، تم استطلاع آراء المشاركين حول مدى وعيهم بخوارزميات إنستغرام وكيفية تصورهم لاستجابة هذه الخوارزميات لاحتياجاتهم وهوياتهم الشخصية.

وفي مرحلة ثانية من البحث شارك 155 طالباً جامعياً تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً في دراسة طولية على مدار أربعة أسابيع لاستكشاف العلاقة بين تصوراتهم لخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي وشعورهم بالوحدة. 

لوحظ أن الشعور بالوحدة يؤثر على كيفية إدراكهم لاستجابة الخوارزميات مع مرور الوقت، حيث يميل الأفراد الذين يشعرون بالوحدة إلى اعتبار خوارزميات إنستغرام أقل استجابة. 

كما وجد الباحثون أن التفاعلات الاجتماعية النشطة توسطت في هذه العلاقة، إذ كان لدى المشاركين الذين يرون الخوارزميات داعمة ميل أكبر للمشاركة في التعليقات والإعجابات، ما كان مرتبطاً بانخفاض الشعور بالوحدة.  

وقام الباحثون بقياس بُعدين أساسيين للاستجابة المتصورة من قبل الخوارزمية: البعد الأول هو استجابة الخوارزمية المتصورة، والذي يشير إلى مدى شعور المستخدمين بأن الخوارزميات تفهم أهدافهم وتدعمها، بينما البعد الثاني هو عدم حساسية الخوارزمية المتصورة، والذي يعبر عن الدرجة التي يشعر بها المستخدمون بالتجاهل أو التقويض من قبل هذه الخوارزميات.

 الشعور بالوحدة يختلف باختلاف الفئة العمرية

وكشفت التحليلات المقطعية أن المستويات الأعلى من عدم حساسية الخوارزميات المتصورة كانت مرتبطة بزيادة الشعور بالوحدة عبر جميع الفئات العمرية، ومن اللافت أن العلاقة بين استجابة الخوارزمية المتصورة والشعور بالوحدة تختلف باختلاف الفئة العمرية للمستخدمين.

فبين البالغين الأصغر سناً، كانت هناك علاقة عكسية بين استجابة الخوارزمية المتصورة والشعور بالوحدة، حيث ارتبطت استجابة الخوارزمية الأعلى بانخفاض مستويات الوحدة، هذا يشير إلى أن الدعم الذي توفره الخوارزميات يمكن أن يعزز الشعور بالترابط الاجتماعي بين الشباب. 

على الجانب الآخر، بين المستخدمين الأكبر سناً، كانت استجابة الخوارزمية المتصورة الأعلى مرتبطة بزيادة الشعور بالوحدة، قد يعود ذلك إلى أن كبار السن قد يستبدلون التفاعلات عبر الإنترنت بالاتصالات وجهاً لوجه، ما يؤدي إلى شعور أكبر بالعزلة.

وتدعي شركات وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة ميتا، أن خوارزميات   التخصيص الخاصة بها التي تعطي الأولوية للمحتوى المخصص بناءً على تفضيلات المستخدم واهتماماته وسلوكه.… مصممة للمساعدة في تكوين العلاقات الاجتماعية والحفاظ عليها. 

يقول مؤلف الدراسة صامويل هاردمان تايلور، الأستاذ المساعد في جامعة  شيكاغو: “إن اهتمامي هو فهم كيف يمكن للتخصيص أن يعزز مشاعر القرب من الأصدقاء والعائلة، لأن تخصيص الأفكار والعلاقات الشخصية غالباً ما يتم تقديمهما على أنهما متضادان”.

وخلُصت الدراسة إلى أن الدعم الذي تقدمه خوارزميات التوصية في Instagram لأهداف وهويّات المستخدمين يزيد من استخدامهم للمنصة للتواصل مع أصدقائهم وعائلاتهم، في حين أن المستخدمين الذين يشعرون بالوحدة يرون أن خوارزميات Instagram تقدم لهم دعماً أقل.