كشف الجيش الصيني مؤخرا عن نوعية جديدة من الأسلحة التي يمكن لجنوده استخدامها في المعارك وهي "الكلاب الآلية" المزودة بمدفع رشاش مثبت على ظهرها.
في مقطع فيديو نشرته وكالة الأنباء الرسمية الصينية، يظهر أفراد جيش التحرير الشعبي الصيني وهم يجرون اختبارات في ساحة تدريب إلى جانب روبوت بأربعة أرجل يحمل ما يشبه نسخة من بندقية "كيو بي زد-95" الهجومية التي تثبت على ظهره، وذلك في إطار التدريبات العسكرية الصينية المشتركة الأخيرة المعروفة باسم "التنين الذهبي 2024" مع كمبوديا في خليج تايلند، وفقا لما ذكره تقرير في موقع "وايرد".
في أحد السيناريوهات، يقف الجنود الصينيون على جانبي أحد المداخل في وقت يدخل فيه الكلب الآلي إلى المبنى أمامهم، وفي سيناريو آخر يطلق الروبوت طلقات من الرصاص أثناء تقدمه نحو الهدف. وذكر أحد الجنود الصينيين الذين ظهروا في العرض وهم يشغلون الروبوت "يمكنه أن يكون بمثابة عضو جديد في عملياتنا القتالية في المناطق الحضرية، ليحل محل جنودنا في إجراء الاستطلاع وتحديد العدو ومهاجمة الأهداف خلال تدريباتنا".
كلاب آلية مسلحة
يشير التقرير إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يعرض فيها المجمع العسكري الصناعي الصيني كلبا آليا مسلحا، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2022 نشرت شركة "كيستريل ديفينس" الصينية المتخصصة في الصناعات العسكرية مقطع فيديو يُظهر إنزال مركبة أرضية رباعية الأرجل مثبت عليها رشاش خفيف من طراز "كيو بي بي-97" على سطح أحد المباني خلال إحدى تجارب حرب المدن. وكانت قد أصدرت الشركة في السابق لقطات لكلاب آلية مجهزة بأنظمة قتالية تشمل أدوات مختلفة مثل القنابل الدخانية والذخائر المتفجرة.
وفي شهر مارس/آذار الماضي، ادعى باحثون صينيون أن الاختبارات التي شملت كلابا آلية مزودة ببندقية غير معروفة عيار 7.62 ملم قد أسفرت عن مهارة في التصويب تنافس مهارة القناصة الصينيين المدربين، وفقا لما ذكرته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست".
ويشير تقرير "وايرد" إلى أن الجيش الأميركي أيضا يملك هذا النوع من الروبوتات التي يمكنها حمل الأسلحة، ففي العام الماضي، جرّب البنتاغون تجهيز الروبوتات البرية الرباعية الأرجل ببندقية "إم 4 إيه 1" ذات الإصدار القياسي، وببندقية "إكس إم 7″، وكذلك سلاح "إم 72" الخفيف المضاد للدبابات الذي كان في الخدمة مع القوات الأميركية منذ حرب فيتنام.
وقبل بضعة أسابيع من نشر مقطع الكلاب الآلية المسلحة لدى الجيش الصيني، كشفت قيادة العمليات الخاصة لمشاة البحرية الأميركية أنها تجري تجارب على إضافة أنظمة أسلحة آلية محمولة تعتمد على نظام الأسلحة عن بعد "سينتري" (SENTRY) الذي طورته شركة أونيكس، المتخصصة في مجال الأسلحة الدفاعية، والمزود بالذكاء الاصطناعي.
وقد سارع مسؤولو الجيش الأميركي إلى التأكيد أن تطوير الكلاب الآلية المسلحة بغرض التجارب فقط في هذه المرحلة، ويهدف إلى مساعدة مخططي العمليات العسكرية على استكشاف الإمكانيات حين يتعلق الأمر بالتطبيقات المحتملة للأنظمة الآلية الثورية في أي صراع مستقبلي محتمل، كما ذكر أحد مسؤولي الجيش الأميركي في أغسطس/آب العام الماضي.
ولكن مع إجراء جنود الجيش تدريبات هجومية في المناطق الحضرية إلى جانب كلاب آلية، وتطلع قوات مشاة البحرية الأميركية المتزايد إلى استخدام الكلاب الآلية الرباعية، قد لا يمر وقت طويل قبل أن يضطر الجيش الأميركي إلى النظر بجدية في اعتماد الكلاب الآلية المسلحة للقتال قبل أن يفعل الجيش الصيني، كما يشير تقرير وايرد.
محاولات سابقة
لا تعد الروبوتات الرباعية الأرجل تطورا جديدا في سجلات التكنولوجيا العسكرية، ففي عام 2005 كشفت شركة "بوسطن دايناميكس" الرائدة في مجال الروبوتات عن "بيغ دوغ" (BigDog)، وهي حيوان ميكانيكي رباعي الأرجل كان الهدف منه نقل الأسلحة والإمدادات للقوات الأميركية عبر التضاريس غير الملائمة للمركبات البرية التقليدية ذات العجلات أو المركبات الأرضية المجنزرة.
وقد مولت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة (داربا) مشروع بيغ دوغ، واعتمده مختبر القتال الحربي التابع لسلاح مشاة البحرية كنظام لدعم فرق المشاة، ولكن في النهاية اعتُبر أن صوت "بيغ دوغ" كان صاخبا للغاية بحيث لا يمكن استخدامه عمليا، وتوقف المشروع بعد عقد من الزمن وبعد استثمارات تجاوزت 40 مليون دولار في مشروع حظي بالكثير من الدعاية حينها، وفقا للتقرير.
لكن البحث العلمي الأساسي وراء تلك المنظومة أدى في النهاية إلى ظهور "سبوت" (Spot)، وهو كلب آلي أصغر حجما وأكثر هدوءا أطلقته شركة بوسطن ديناميكس لأول مرة عام 2015. ورغم صغر حجمه الذي لا يسمح له بحمل العتاد والأسلحة، فإن الروبوت "سبوت" حظي على الفور بتطبيقات عسكرية واضحة في مختلف المجالات بدءًا من تأمين محيط القاعدة العسكرية إلى تفتيش المواقع عن بُعد، كما أوضح التقرير.
استخدامات في الجيش الأميركي
لم يبدأ اعتماد الكلاب الآلية في الجيش الأميركي جديًا حتى عام 2020، استنادا إلى وسائل الإعلام المتاحة للجمهور من مركز خدمات وسائل الإعلام التابع للبنتاغون، عندما دمجت القوات الجوية عددا من أنظمة شركة "غوست روبوتيكس" ضمن ما يسمى بتدريب "التوظيف القتالي المرن" في قاعدة نيليس الجوية في نيفادا، الذي شهد تعاون الطيارين مع تلك الروبوتات الجديدة لتأمين مطار ضد هجوم وهمي. وبعد مرور بضعة أشهر، أصبحت قاعدة تيندال الجوية في فلوريدا أول منشأة عسكرية أميركية في العالم تدمج الكلاب الآلية شبه المستقلة ضمن نظامها الأمني في القاعدة، حسبما أفاد التقرير.
وفي السنوات التالية، أصبحت الكلاب الآلية عنصرا أساسيا منتشرا في الجيش الأميركي، بالإضافة إلى استخدامها في دوريات تأمين المنشآت الحساسة التابعة للجيش. ففي يوليو/تموز 2023، أدخلت قاعدة مينوت الجوية في نورث داكوتا الكلاب الآلية بهدف مساعدة الطيارين على الاستجابة للتهديدات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية دون المخاطرة بسلامتهم أو سلامة الآخرين.
وفي أغسطس/آب من العام نفسه، أضافت قاعدة باتريك للقوات الجوية في فلوريدا كلابا آلية إلى نظام التناوب الأمني في محيطها بهدف زيادة القدرة على الرصد والإنذار. ثم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشف الطيارون في قاعدة باركسديل الجوية في لويزيانا عن كلاب آلية للتخلص من الذخائر المتفجرة.
ورغم تلك التطبيقات العملية التي لا تتعلق بالقتال، فإن بعض شركات الروبوتات تتطلع إلى تسليح تلك الكلاب الآلية، حسب التقرير.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2021، عرضت شركة "غوست روبوتيكس" بندقية آلية رباعية الأرجل ذات أغراض خاصة، وهي روبوت رباعي الأرجل مزود ببندقية هجومية من طراز "كريدمور" (Creedmoor)، طورتها شركة "سورد إنترناشونال" (SWORD International)، ومثبتة على ظهر الروبوت خلال معرض سنوي للأسلحة العسكرية في واشنطن، وذلك كان أول مثال يُعرض علنا لكلب آلي مسلح.
وفي عام 2023، أطلقت شركة أميركية لأول مرة كلبا آليا مزودا بقاذف لهب مثبت على ظهره، وإن لم يكن ذلك للاستخدام العسكري الصريح، وفقا للتقرير.
في النهاية، يشير التقرير إلى أن مستقبل الكلاب الآلية في صفوف الجيش الأميركي، أو حتى الجيش الصيني، لا يبدو واضحا. فبينما أثبتت فعاليتها في تعزيز أمن القواعد العسكرية وتنفيذ العمليات الخطرة مثل التخلص من الذخائر المتفجرة، لا تزال تطبيقاتها القتالية المحتملة غامضة.
ولكن بالنظر إلى التجارب المستمرة التي يجريها الجيش الأميركي والصيني على الكلاب الآلية المسلحة، فإن مستقبل الحرب قد لا يقتصر على صوت الدبابات وهدير المروحيات، بل قد يشمل أيضا الطقطقة المعدنية لأربعة أرجل من كلاب آلية في ساحات القتال.