هل خطر لك من قبل أنه يمكن للحرف الأول من اسمك أن يتنبأ بمهنتك والمدن التي سوف تعيش فيها؟ لا تستغرب فذلك من الوارد جداً.
وفقاً لدراسة نشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي، ألقى باحثون من جامعة يوتا بالولايات المتحدة نظرة تحليلية على نظرية الحتمية الاسمية، وهي ظاهرة تفترض أن اسماءنا لها تأثير غريب على حياتنا المهنية والاجتماعية، حيثُ إن الناس يميلون إلى الانجذاب نحو مجالات العمل التي تناسب أسماءهم.
على سبيل المثال، شخص يدعى “دينيس” قد يكون أكثر ميلاً لاختيار مهنة طبيب أسنان (Dentist) بدلاً من محامٍ (Lawyer). كما قد يكون الأشخاص الذين يحملون أسماء تبدأ بحرف معين أكثر ميلاً للعيش في مدن تبدأ بنفس الحرف، على سبيل المثال، شخص يدعى “دنفر” قد يكون لديه ميل للعيش في مدينة دنفر.
أسماؤنا تقرر مهننا المستقبلية والمدن التي سوف نعيش فيها
وللتحقق من صحة هذه النظرية، استخدم الباحثون خلال الدراسة نماذج لغوية تم تطبيقها على بيانات من تويتر، وأخبار جوجل، وكتب جوجل، لالتقاط ملايين الحالات التي تم فيها ذكر أسماء الأشخاص، ومهنهم، والمدن التي يعيشون فيها.
جمع الباحثون في النهاية بيانات لـ 3410 اسماً من مجموعة البيانات العامة الصادرة عن إدارة الضمان الاجتماعي الأمريكية، و508 مهنة، و14856 مدينة. وتم التركيز على الأسماء الأولى لتجنب العلاقة السببية العكسية (مثل الأشخاص الذين يحملون الاسم الأخير ديزني والذين قد يعملون في شركة والت ديزني)، وأيضاً لأن الأسماء الأولى تكون أقل عرضة للتغيير على مدار حياة الشخص.
بعد الاطّلاع على عوامل متعددة مثل الجنس والعرق وتكرار الأسماء والمهن، أفاد الباحثون بوجود “دليل ثابت على العلاقة بين أسماء الأشخاص وتفضيلهم لخيارات الحياة الرئيسية التي تبدأ بنفس الحرف كاسمهم الأول”.
اختلاف الحتمية الاسمية بين النساء والرجال
وكان تأثير الحتمية الاسمية هذا ثابتاً على مدار القرن العشرين، إلا أن النمط كان مختلفاً بين الرجال والنساء.
وأشار الباحثون إلى أنه “بينما يُظهر الرجال نمطاً ثابتاً لتأثير الحتمية الاسمية عبر العقود في اختيارات المهن، فإن النساء كنّ يظهرن تأثيراً أقل بكثير في بداية القرن العشرين. ولكن مع مرور الوقت، يزداد تأثير الحتمية الاسمية لدى النساء.” ويعزى ذلك، وفقاً لمؤلفي الدراسة، إلى الحريات المتزايدة التي أتيحت للنساء في اختيار مهنهن مع مرور الزمن.
وتقتصر الدراسة على الطبيعة المقطعية للبيانات، ما يعني أنها تقدم لمحة سريعة فقط عن تأثير الحتمية الاسمية. ومع ذلك، تبدو النتائج وكأنها تضيف بعض المصداقية إلى وجود هذا التأثير.
الجامعيون أقلّ عرضة للتاثير بالحتمية الاسمية
ومن اللافت للنظر أن هذا الاتجاه يبدو أنه يتراجع قليلاً مع زيادة فرص الحصول على التعليم العالي، ما يشير، بحسب الباحثين من جامعة يوتا، إلى أن الأشخاص الذين لم يلتحقوا بالجامعة قد يكونون أكثر عرضة للتأثر بالحتمية الاسمية مقارنةً بمن حصلوا على تعليم عالٍ.
وفي نظرة حديثة على الظاهرة نشرتها شبكة سي بي سي، أبدى الأشخاص الذين تتوافق ألقابهم بشكل غير عادي مع مسارات حياتهم استغرابهم من المصادفات الغريبة التي ساهمت في تشكيل حياتهم. من بين هؤلاء ليزلي فوكس، المدير التنفيذي لمنظمة The Fur Bearers الكندية غير الربحية المعنية بحماية البيئة، وآن نايتنجيل، المتطوعة في مرصد روكي بوينت للطيور في كولومبيا البريطانية، حيث تبدو الحتمية الاسمية في حالة هؤلاء الأشخاص مفاجئة لهم بقدر ما هي مفاجئة للجميع.