تواجه المرأة السودانية منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023 أشكالا متعددة من المعاناة المستمرة ومصاعب النزوح اليومية جراء تزايد موجة العنف المتواصل في أجزاء واسعة من المدن السودانية بين الطرفين.
وتنوعت التحديات التي تعيشها المرأة ما بين إصابة بعضهنّ بشظايا المدفعية وتحمل أخريات للواجبات المعيشية لأطفالهن، إلى جانب معايشة نماذج أخرى من النساء لواقع مفارقة الديار من الخرطوم ومدني وقرى جنوب الجزيرة وسنار والنزوح نحو المجهول لأيام وليال عديدة لمناطق يرونها لأول مرة بالأقاليم السودانية لا سيما بعد توسع القتال بين الجانبين.
أما قصص انعدام وغلاء الأدوية المنقذة لحياة المرضى من كبار السن من النساء، إلى جانب فقدان مصادر الدخل الأساسية لأزواجهن، والقبول بسكن مؤقت لعدد من العائلات داخل فصل مدرسي واحد، فباتت من سيناريوهات النزوح اليومية التي تحولت إلى حكايات معاناة لا تنتهي بعد وصولهم لمناطق انخفضت فيها وتيرة الاشتباكات.
تحكي ليلي عثمان، النازحة من مدينة سنجة صوب ولاية القضارف، تفاصيل ما تعرضت له من إصابة بشظية خلال الساعات الأولى لاجتياح قوات الدعم السريع للمدينة، حيث قالت إنها تفاجأت كغيرها من سكان المنطقة بسماع دوي أصوات المدافع من كل الاتجاهات، لا سيما في المنطقة التي كانت تشارك فيها أقاربها مناسبة اجتماعية، مضيفة أنها وخلال محاولاتها المتكررة إيجاد طريق آمن للخروج من منطقة الاشتباكات أخبرت أهلها بتعرضها لإصابة بشظية جراء هذا الهجوم، حيث تم تقديم إسعافات أولية تمهيدا لاستخراج بقاياها من جسدها بمنطقة تبعد ساعات طويلة عن محيط الاشتباكات.
وتواصل حديثها بالقول إنها تعاني من آلام في جسدها جراء الإصابة التي تعرضت لها، إلى جانب ما تشعر به من إرهاق السفر والتنقل والنزوح من منطقة إلى أخرى، مشيرة إلى حاجتها الضرورية لتوفير الدواء والغذاء وحتى الكساء بعد خروجها من منزلها بما كانت ترتديه في تلك اللحظات التي وصفتها بالعصيبة.
بينما تحدثت نادية موسى -النازحة بمدينة الفاو- عن معايشتها لواقع كارثي "لا يمكن وصفه" جراء انعكاسات هذه الحرب عليهن كنساء، موضحة بأن قصة احتياجاتهن متجددة لجميع أشكال الدعم النفسي والمادي، إضافة إلى أن نصيبهن من حزمة المساعدات الإنسانية والخدمات الضرورية بما فيها توفير الأدوية المنقذة لحياتهن، والتي لا تكفي حاليا لحجم احتياجاتهن في ظل ظروف إنسانية استثنائية بالغة التعقيد.
كما اشتكت النازحة بـ"القرية 10″ من غياب معيل لها ولأطفالها بعد وفاة زوجها واضطرارها للعمل في المنازل بمنطقة نزوحها لتأمين قوت يومها.
وأشارت نادية إلى أنها -ورغم مرضها- لا تزال تعمل لتلبية احتياجاتها المعيشية، وقد تغيب عن العمل في المنازل ليومين وأكثر، بسبب اشتداد ضربات قلبها نتيجة المجهود المضاعف خلال ساعات العمل الشاق، وطالبت في الوقت ذاته بتوفير دواء لما تواجهه من مشكلات صحية.
أما زهور نواي، فقالت بدورها إنها رفقة عائلتها يواجهون ظروفا قاسية منذ نزوحهم قبل 7 أشهر، بسبب ضيق المكان الذي يستقرون فيه داخل مدرسة صغيرة، مبينة أن أشد المعاناة تكون عندما تهطل الأمطار خلال ساعات الليل.
وأعربت نواي عن حسرتها لهذا الواقع المأساوي الذي يُعايشونه، مشيرة إلى أن مقر سكنهم تحاصره عدد من المشكلات الصحية المتمثلة في انتشار البعوض وتكاثر الحشرات المسببة للأمراض المتزامنة مع موسم هطول الأمطار، وأنهم معرضون لكل أنواع الإصابات المرضية المتفشية في المنطقة.
أخيرا، قالت سامية عبد الله إنهن -كنازحات- يواجهن أوضاعا صعبة من ظروف مادية وصحية، حيث تحتاج والدتها إلى عملية بشكل عاجل وهم لا يملكون ثمن كشفية الطبيب، مبينة أن من إحدى المشكلات التي تقف عائقا أمامهم مرض والدتها في ظل غياب أولادها ونزوحهم نحو مناطق متفرقة منذ بدء الحرب.
وعلى الرغم من غياب الإحصاءات الدقيقة حول تأثير الحرب بشكل كامل على النساء في السودان، فإن التقارير تشير إلى تفاقم الوضع الإنساني لهن منذ اندلاع الحرب. وتشير التقارير إلى أن النساء والأطفال يمثلون أكثر من ثلثي النازحين داخل البلاد، والذين تجاوز عددهم 5.2 ملايين نسمة، وفقا لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتتفاقم معاناة السودانيات في صعوبة الحصول على الرعاية الصحية الأساسية والغذاء، إذ أظهرت تقارير أممية أن نسبة كبيرة من الحوامل يعانين من انعدام الخدمات الصحية الأساسية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات بين الأمهات والأطفال حديثي الولادة.