الأخبار

ملفات سرية.. إسرائيل مارست حملات ضغط على بريطانيا لمنع اعتقال مسؤولين متهمين بارتكاب جرائم حرب في فلسطين

كشفت ملفات مسربة أن الحكومة الإسرائيلية أطلقت حملة ضغط استمرت عقداً من الزمن لحماية مسؤوليها من الإجراءات الجنائية في بريطانيا، بحسب تقرير نشره موقع دي كلاسيفايد البريطاني، الإثنين 23 سبتمبر/أيلول 2024.

وأشار الموقع البريطاني إلى أن حملة الضغط الإسرائيلية ركزت على تغيير نهج بريطانيا تجاه تشريعات الولاية القضائية العالمية، التي تسمح بإجراء محاكمات تتعلق بالجرائم الخطرة مثل الإبادة الجماعية والتعذيب في دولة أخرى.

وكانت الحملة تهدف إلى السماح للمسؤولين الإسرائيليين بزيارة بريطانيا دون خوف من الاعتقال، وخاصة أولئك المتهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة ضد الفلسطينيين.

وقد تم الكشف عن هذه الملفات المسربة بعدما تعرضت وزارة العدل الإسرائيلية لعملية اختراق من قبل مجموعة تسمى “مجهول من أجل العدالة” قبل عدة أشهر، بحسب ما ذكر موقع دي كلاسيفايد.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أقرت السلطات الإسرائيلية بوقوع “حادثة إلكترونية”، وقالت إنها “قيد المراجعة”.

ويأتي الكشف عن حملة الضغط الإسرائيلية في الوقت الذي تدرس فيه المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.

ونقل موقع دي كلاسيفايد عن هدى عموري، إحدى مؤسسي منظمة “حركة فلسطين”: “إنه أمر مشين وإهانة لديمقراطيتنا أن تمتلك الحكومة الإسرائيلية القدرة على الضغط على حكومتنا لتغيير القوانين لصالحها، لمنع مقاضاتها بتهمة ارتكاب جرائم حرب”.

وتهدف مجموعة عموري إلى إغلاق مصانع الأسلحة الإسرائيلية في المملكة المتحدة.

وقالت إن هيئة الادعاء العام “تضطهد الآن أفراداً من منظمة حركة فلسطين لمحاولتهم وقف جرائم الحرب التي ترتكبها الدولة الإسرائيلية”.

وأضافت عموري: “إن نظامنا في هذا البلد يعمل على تفضيل مجرمي الحرب المشتبه بهم على حقوق مواطنيه الذين يحاولون منع حدوث جرائم الحرب هذه”.

الولاية القضائية العالمية

وأوضح موقع دي كلاسيفايد أن الضغوط الإسرائيلية في بريطانيا لتخفيف نهجها تجاه تشريعات الولاية القضائية العالمية بدأت بعد فترة من محاولة اعتقال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد دورون ألموغ، الذي صدر بحقه مذكرة اعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة خلال زيارته لبريطانيا في عام 2005.

على سبيل المثال، أشارت مذكرة إسرائيلية موجهة إلى وزارة العدل البريطانية إلى المخاوف بشأن “إساءة استخدام الإجراءات الجنائية القائمة في المملكة المتحدة في قضايا الولاية القضائية العالمية، لأنها تؤثر على المواطنين الإسرائيليين”.

وحثت المذكرة على “النظر بجدية في معالجة هذه المخاوف، في الأمد القريب، من خلال تعديلات تشريعية محددة”.

وتضمنت التعديلات التي اقترحتها إسرائيل اشتراط “موافقة النائب العام أو مدير النيابة العامة قبل إصدار مذكرة اعتقال أو استدعاء”.

وتعرضت الحكومة البريطانية أيضاً لضغوط لتوضيح الاعتبارات التي سيأخذها النائب العام أو المدعي العام في الاعتبار قبل تقديم مثل هذه الموافقة.

ويبدو أن التوصيات الإسرائيلية حظيت بقبول لدى الحكومة البريطانية، وفق ما رصد موقع دي كلاسيفايد.

في سبتمبر/أيلول 2011، أقرت حكومة ديفيد كاميرون الائتلافية تشريعاً جديداً يشترط موافقة المدعي العام قبل إصدار أوامر اعتقال بموجب الولاية القضائية العالمية ــ وهو ما طلبته إسرائيل على وجه التحديد.


وقد أشار وزير الخارجية البريطاني آنذاك وليام هيج إلى أن التغييرات التي تم تنفيذها كانت تأخذ في الاعتبار المسؤولين الإسرائيليين، وقال: “لا يمكننا أن نتحمل موقفاً يجعل الساسة الإسرائيليين يشعرون بأنهم لا يستطيعون زيارة هذا البلد”.

ورغم هذه التغييرات، فإن الحكومة الإسرائيلية كانت لا تزال غير مقتنعة بأن مسؤوليها (سواء كانوا في الخدمة أو متقاعدين) آمنون تماماً من الاعتقال في بريطانيا.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2011، زارت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني بريطانيا، وواجهت طلب اعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة خلال عملية الرصاص المصبوب، وهي حملة القصف الوحشية التي شنتها إسرائيل على غزة في عامي 2008 و2009.

وبموجب التشريع الجديد، تم إرسال الطلب إلى مدير النيابة العامة آنذاك كير ستارمر، الذي كان، بحسب وثيقة إسرائيلية، “يفكر بجدية في منح موافقته” على الاعتقال.

ورغم أنه لم يتم اعتقال ليفني، إلا أن الحادث أقنع الحكومة الإسرائيلية بأن الضمانات البريطانية الجديدة لم تكن كافية لحماية مسؤوليها من الاعتقال.

ونتيجة لذلك، واصلت وزارة العدل الإسرائيلية الضغط على بريطانيا بشأن نهجها تجاه تشريعات الولاية القضائية العالمية.