يقول الفلسطينيون بالضفة الغربية المحتلة إن المناطق العازلة التي فرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً على أراضيهم بمحيط بعض المستوطنات “وجهُ جديد” لسرقة أراضيهم تحت ذرائع أمنية، مبينين أن مصادرة الأراضي تسبب لهم حالة من “الذعر الدائم”.
و”لدواعٍ أمنية” قررت إسرائيل على مراحل متفاوتة منذ بدء الحرب على غزة في 7 من أكتوبر/ تشرين أول 2023، نزع ومصادرة ملكية أراضٍ بالضفة الغربية في محيط بعض المستوطنات، وخلقت مناطق عازلة على حساب الفلسطينيين.
وبحسب رصد هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، فرضت إسرائيل مناطق عازلة في 11 موقعاً في الضفة الغربية ومنعت الفلسطينيين من الوصول إلى مئات الدونمات (الدونم يساوي ألف متر مربع) الزراعية.
يأتي ذلك بالتزامن مع حرب الإبادة المستمرة منذ نحو عام بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وعربدة المستوطنين في الضفة الغربية وسيطرتهم على مساحات واسعة من أراضيها.
وفي 9 سبتمبر/ أيلول الجاري قالت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيان إن الجيش أصدر أمراً لمصادرة نحو 18 دونماً من أراضي الفلسطينيين في قرى بورين ومادما وعصيرة القبلية بمحافظة نابلس شمال الضفة، لأغراض عسكرية وأمنية.
وأوضحت الهيئة أنه “عند مراجعة الأمر العسكري والخرائط المرفقة تبين أن سلطات الاحتلال تهدف من خلال ذلك إلى إنشاء وإقامة منطقة عازلة حول مستعمرة يتسهار (المقامة على أراضي المواطنين)، ما يؤدي إلى منع المواطنين من الوصول إلى مئات الدونمات التي تحيط بالمستعمرة من كافة اتجاهاتها، وفق البيان.
11 منطقة عازلة منذ 7 أكتوبر
وتشير بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أنه مع هذا الأمر، يصل مجموع المناطق العازلة التي أقامها الاحتلال بعد السابع من أكتوبر إلى 11 منطقة عازلة تحيط بمستعمرات الضفة الغربية.
وعن ذلك يتحدث الفلسطيني سامي دغلس، الناشط بمقاومة الاستيطان في بلدة برقة (شمال نابلس)، للأناضول قائلاً إن الاحتلال فرض حزاماً بذريعة أمنية في محيط مستوطنة حومش، ما أسفر عن سرقة مئات الدونمات الزراعية.
ويضيف دغلس وهو صاحب أرض زراعية قرب المستوطنة: “بدواعٍ أمنية قررت إسرائيل نزع ومصادرة ملكية أراضٍ فلسطينية في محيط المستوطنة، وخلقت منطقة عازلة على حساب الفلسطيني”.
دغلس الذي يملك أرضاً في الموقع يقول: “يحظر علينا الوصول لها، ومن يحاول ذلك يجد المستوطنين له بالمرصاد”.
ويصف ما يعيشونه بـ”حالة من الذعر الدائم” مواصلاً: “المستوطنات تتوسع كل يوم بقرار مصادرة وبقرار الحكم الواقع ومناطق عازلة كلها مسميات لهدف واحد وهو السيطرة على الأرض وحصر السكان في أضيق منطقة جغرافية”.
ويشير دغلس إلى أن البناء الاستيطاني يتوسع يومياً، وأن أعمال التجريف تشق طريقها نحو مزيد من الأراضي الزراعية.
الحال ذاته يعيشه الفلسطيني إبراهيم ريان من بلدة قراوة بني حسان بمحافظة سلفيت شمال الضفة الغربية.
ويقول ريان للأناضول إن قراراً عسكرياً إسرائيلياً صادَرَ عدة دونمات في محيط مستوطنة رفافا المقامة على أراضي البلدة وبلدة حارس المجاورة حرم السكان من مئات الدونمات.
ويشير ريان إلى أنه يملك أرضاً بمساحة 7 دونمات مزروعة بأشجار الزيتون (في محيط رفافا) باتت منطقة عازلة لا يمكنه الوصول لها.
وفي ذات السياق، يشير مدير التوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية أمير داوود إلى أن إسرائيل أعلنت 11 قرارا عسكريا لمصادرة أراضٍ بالضفة الغربية في محيط مستوطنات.
تبوير الأرض من أجل مصادرتها
ويضيف داوود في حديث للأناضول: “بعد العودة إلى الخرائط لتلك الأراضي تبين أنها عبارة عن شريط يلتف حول المستوطنات ويشكل منطقة عازلة حولها”.
الخطر يكمن في أن القرار يعزل في بعض الأماكن مئات الدونمات الزراعية ويحرم الفلسطينيين من الوصول إليها، أي أنه تم مصادرتها بشكل صامت دون إعلان، وفق داوود.
ويتابع: “في القانون الإسرائيلي أي أرض تبقى بوراً لا تستخدم لثلاث سنوات تصبح أملاك دولة وهذا يعني أن تلك الأراضي بحكم الواقع ستصبح كذلك”.
ويلفت مدير التوثيق إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ماضية في فرض مزيد من الوقائع على الأرض.
ويختم أنهم يومياً يتوقعون صدور قرارات مشابهة، وأن ما تشير إليه المعلومات خطير للغاية، حيث “تقام دولة للمستوطنين وحوّلت الضفة الغربية إلى معازل”.
وتقع المناطق الـ 11 في محافظات نابلس وسلفيت شمال الضفة ورام الله وسط وبيت لحم (جنوب)، بحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان اطلع عليها مراسل الأناضول.
ووفق تقديرات إسرائيلية، يقيم أكثر من 720 ألف مستوطن في مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر، صعّد الجيش الإسرائيلي ومستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة، بما فيها القدس، ما أسفر عن مقتل 710 فلسطينيين وجرح نحو 5,800، واعتقال نحو 10,800.
فيما خلفت حرب إسرائيل على غزة، بدعم أمريكي مطلق، أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية.