كشفت وزارة الصحة اليابانية أن عدد المُعمرين في اليابان بلغ رقما قياسيا جديدا، حيث وصل إلى 95119 شخصا تجاوزوا عمر المائة عام، وذلك للعام الرابع والخمسين على التوالي.
ويمثل هذا الرقم زيادة قدرها 2980 شخصا، مقارنة بالعام السابق، مما يعكس استمرارية التوجه التصاعدي في عدد كبار السن باليابان، وفقا لتقرير صحيفة "جابان تايمز"، وقد تم الحصول على هذه البيانات من سجل المقيمين الأساسي في البلاد.
النساء في الصدارة
تشكّل النساء النسبة الأكبر من هؤلاء المُعمرين، حيث بلغ عددهن 83958، ما يمثل حوالي 88% من إجمالي المعمرين، في حين بلغ عدد الرجال المعمرين 11161 فقط، ويُعزى هذا التفاوت الكبير بين الجنسين إلى عدة عوامل صحية وثقافية، من بينها الرعاية الصحية الجيدة والأنماط الغذائية المتوازنة التي تشتهر بها اليابان.
أكبر امرأة في اليابان هي توميكو إيتوكا، البالغة من العمر 116 عاما والمقيمة في مدينة آشيا بمحافظة هيوغو، في حين يُعد كيوتاكا ميزونو، البالغ من العمر 110 أعوام والمقيم في إيواتا بمحافظة شيزوكا، أكبر رجل معمر في البلاد.
والمثير أن اليابان بدأت في تسجيل عدد المعمرين منذ عام 1963، وكان العدد آنذاك لا يتجاوز 153 شخصا. لكن بمرور السنوات، ارتفعت هذه الأرقام بشكل ملحوظ، حيث تجاوز عدد المعمرين حاجز 1000 شخص في عام 1981، ثم 10,000 في عام 1998، وصولا إلى أكثر من 90000 في عام 2022.
وتعكس هذه الأرقام مدى التطور الكبير في القطاع الصحي والظروف المعيشية باليابان، التي تساهم في زيادة متوسط العمر المتوقع.
ومن بين 47 محافظة يابانية، تصدرت محافظة شيمانه قائمة المناطق التي تضم أكبر عدد من المعمرين، بمعدل 15954 معمرا لكل 100000 نسمة، وهي المرة الثانية عشرة على التوالي التي تحتل فيها المحافظة هذا المركز.
جاءت بعدها محافظة كوتشي بمعدل 15420، ثم كاجوشيما بمعدل 13073. في المقابل، كانت معدلات المعمرين الأقل في محافظات سايتاما وآيتشي وتشيبا.
المستقبل والتحديات
وتشير التقارير إلى أن حوالي 47888 شخصا في اليابان سيحتفلون بعيد ميلادهم المئة خلال السنة المالية الحالية، التي تنتهي في مارس/آذار 2025، وسيتم تكريمهم بخطاب تهنئة وكأس فضية، وهو تقليد يعكس تقدير اليابان لكبار السن.
لكن من جهة أخرى، ورغم الاحتفاء بعدد المعمرين، تواجه اليابان تحديات ديموغرافية كبيرة، فالتزايد المستمر في عدد كبار السن يرافقه انخفاض في عدد السكان العاملين، ووفقا لتقارير عام 2023، انخفض عدد سكان اليابان بمقدار 595000 شخص، مقارنة بالعام السابق، ليبلغ العدد الإجمالي 124 مليون نسمة.
هذا التراجع في عدد السكان يؤثر سلبا على الاقتصاد الياباني، حيث تتزايد الضغوط على النظام الصحي وتكاليف الرعاية الاجتماعية في ظل تقلص حجم القوى العاملة.
اليابان، التي اشتهرت بكونها واحدة من الدول التي تحتضن أطول الأعمار، تواجه في الوقت ذاته تحديات ضخمة تتعلق بشيخوخة سكانها، وفي حين تعد زيادة عدد المعمرين إنجازا يعكس تقدما صحيا هائلا، فإن الأعباء الاقتصادية والاجتماعية التي ترافق هذه الظاهرة تضع البلاد أمام تحديات كبيرة. ومن المؤكد أن اليابان ستحتاج إلى حلول مبتكرة لمواجهة هذه التغيرات السكانية، خاصة في ظل تقلص القوى العاملة، وتزايد احتياجات كبار السن للرعاية الصحية.
الشيخوخة العالمية وتحديات الرعاية الصحية
وفي عام 1965، تم تحديد سن 65 عاما في الولايات المتحدة باعتباره سن الأهلية للحصول على تأمين الرعاية الطبية، ليصبح هذا العمر هو الشائع كسن للتقاعد الفعلي في معظم المجتمعات المتقدمة اقتصاديا.
ليس التحدي الذي تواجهه اليابان فريدا من نوعه، حيث أظهر تقرير للأمم المتحدة في أكتوبر 2022 أن وتيرة الشيخوخة تتسارع في جميع أنحاء العالم، ففي عام 2020، تجاوز عدد الأشخاص الذين يبلغون 60 عاما فما فوق عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات للمرة الأولى في التاريخ.
وأرجع التقرير إلى أن الناس في جميع أنحاء العالم باتوا يعيشون لفترة أطول، حيث يمكن لمعظم الناس أن يتوقعوا العيش حتى الستينيات وما بعدها، وأن كل بلدان العالم باتت تشهد نموا في حجم ونسبة كبار السن بين السكان.
ويعكس هذا التحول العميق تغييرات ديموغرافية واسعة تتطلب تعديلات جوهرية في السياسات الصحية والاجتماعية.