حتى قبل نهاية مباراة المنتخب المغربي لكرة القدم التي فاز فيها على نظيره الزامبي لحساب التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026، انطلقت الانتقادات والمخاوف من مستقبل “أسود الأطلس” في ظل المستوى غير المطمئن الذي قدمه اللاعبون، لكن سرعان ما تركز النقاش على مقطع فيديو يكشف عن حالة من “التنافر” داخل المنتخب المغربي.
فقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لنجمي المنتخب المغربي لكرة القدم، حكيم زياش ويوسف النصيري، وهما غاضبان بعد تغييرها من قبل مدرب “أسود الأطلس” وليد الركراكي، لكن مصادر “عربي بوست” أكدت أن ما صدر عن زياش والنصيري ما هو إلا ترجمة لما يعيشه محيط الأسود من تنافر بين اللاعبين والمدرب أيضاً.
المصدر أوضح أن حالة “التنافر” هذه انطلقت شرارتها في الأسابيع القليلة، بسبب تألق مجموعة من الدوليين المغاربة في أوروبا، ما جعل أماكن اللاعبين الذين شاركوا في إنجاز “رابع العالم” بقطر مهددة، إضافة إلى التحاق نجم ريال مدريد الإسباني، إبراهيم دياز بالمجموعة، حيث خطف الأضواء من البقية.
حارث.. “أول ضحية” لإبراهيم دياز
فور اختيار إبراهيم دياز رسمياً حمل قميص المنتخب المغربي لكرة القدم بدل الإسباني، اشتعلت أول أزمة في صفوف منتخب المغرب بسبب رقم القميص “10”، الذي اعتاد أمين حارث مهاجم مارسيليا الفرنسي على ارتدائه مع الأسود.
فمنذ استدعاء دياز إلى المنتخب المغربي شهر مارس/آذار الماضي، لم يستدع الركراكي، حارث زميل عز الدين أوناحي، بالرغم من أن حارث يعدّ إحدى ركائز النادي الاساسية عكس أوناحي الذي لزم دكة البدلاء لفترات طويلة.
ولم يستسغ حارث الطريقة التي انتزع منه قميص رقم 10 منه ومنحه للنجم الجديد للمنتخب المغربي، وغاب عن المعسكرين الأخيرين مارس الماضي ويونيو الجاري.
مصادر “عربي بوست” أكدت أن الاتحاد المغربي ودياز، اتفقا، خلال مرحلة المفاوضات، على إعطائه القميص رقم 10، باعتبار النجم الأول لمنتخب “أسود الأطلس”، لقيادة خط هجومه بالطريقة الجماعية أو الفردية التي يراها مناسبة خلال المواجهات، وهو ما ظهر جلياً من خلال احتفاظه بالكرة كثيراً في جميع المباريات التي خاضها لحد الآن مع المغرب.
صعود “نجوم” وأفول أخرى
يبدو أن زياش لاعب غلطة سراي التركي، أكثر لاعب “أزعجه” قدوم دياز”، فإن كان الأخير انتزع الرقم 10 من حارث، فإن زياش فقد صفتي “النجم الأول” و”قائد خط الهجوم”، وما زاد أكثر من “غيرة” زياش أن دياز يفضل اللعب في المركز نفسه الذي يجيده حكيم زياش في الرواق الأيمن لهجوم المنتخب المغربي، وهذا ما يفسر غضب زياش المبالغ فيه بعد استبداله في مباراة زامبيا وانتقال دياز إلى مركزه بالملعب، بل وتمكن من صناعة الهدف الثاني للمغرب بطريقة مميزة.
الغضب ذاته أبداه مهاجم إشبيلية الإسباني، يوسف النصيري بعد تغييره في الشوط الثاني من مباراة زامبيا، حيث ركل قنينة المياه بقوة وبطريقة مستفزة، حينما كان يهمّ بأخذ مكانه في كرسي البدلاء.
إذ دخل مكانه نجم نادي أولمبياكوس اليوناني، أيوب الكعبي، الذي قاد الكرة اليونانية إلى أول تتويج قاري في تاريخ البلد، بعد مسار رائع في كأس دوري المؤتمر الأوروبي، توجّ خلاله هدافاً للنسخة بـ 11 هدفاً، خمسة منها في مباراتي دور النصف فيما سجل هدف الفوز في النهائي الذي جمعه بفيورنتينا الإيطالي.
اش بان ليكم فتصرف الابقار المقدسة !؟#المنتخب_المغربي pic.twitter.com/nJLJTNgQip
— мσнѕιηє ۞ⵣ҉ (@mohsine_lmr) June 7, 2024
وشكل صعود نجم الكعبي تهديداً واضحاً لمكانة النصيري كمهاجم صريح رسمي في تشكيلة وليد الركراكي، إذ لم يقدم مهاجم أشبيلية مستوى جيداً طيلة الدقائق التي لعبها، ليضطر الركراكي لتغييره بالكعبي الذي قد يقفز على مكانته.
هذا إلى جانب نجم العين الإماراتي سفيان رحيمي الذي قاد فريقه بدوره للتتويج بدوري أبطال آسيا، إذ أنهى المسابقة هدافاً للنسخة برصيد 13 هدفاً، ويجيد اللعب في أكثر من مركز في خط الهجوم.
الأزمة تهدد وليد الركراكي
ووصف الناقد الرياضي حميد السباعي الحالة التي يعيشها المنتخب المغربي في الوقت الراهن، بـ”نوع من فوضى” سواء في طريقة لعبه، رغم زخم النجوم، أو في “غرف الملابس” بين بعض اللاعبين، قد تنفجر في أية لحظة.
ودعا السباعي في تصريح لـ”عربي بوست” وليد الركراكي بالتحرك بسرعة لمعالجة “الغيرة” بين اللاعبين لإنقاذ الوضع قبل استفحاله، بالطريقة التي يراها مناسبة باعتباره ملماً بكل تفاصيل ما يحدث داخل مجموعته أكثر من غيره.
واعتبر المتحدث أن قدوم دياز بات مزعجاً لبعض اللاعبين، كما أن صعود نجم مجموعة من اللاعبين يشكل تهديداً لمكانة البعض الآخر في التشكيل الأساسي، ما ولَّد لديهم نوعاً من “الغيرة”.
فبجانب الكعبي ورحيمي، لمع في الفترة الأخيرة شادي رياض الذي يستعد للانتقال في “الميركاتو” الصيفي المقبل إلى الدوري الإنجليزي ضمن صفوف نادي كريستال بالاس، بعدما قدم موسماً رائعاً رفقة ريال بيتيس الإسباني.
إذ بات رياض يشكل تهديداً مباشرة لمكانة القائد رومان سايس في محور الدفاع، لا سيما أن الأخير تراجع مستواه بشكل ملحوظ وكان سبباً في تلقي شباك المغرب هدف زامبيا الوحيد في آخر مباراة.
وختم: “سلوك زياش والنصيري بعد تغييرهما في المباراة، أمر غير مقبول إطلاقا، لا سيما أن الركراكي دعمهما في الوقت الذي كان يمر اللاعبان بلحظات صعبة في مسيرتهما، وتابع: ” دافع المدير الفني للمغرب باستماتة عن النصيري قبل مونديال قطر، وأصر على استدعائه للمشاركة بالرغم من تعالي مطالب الجماهير المغربية – وقتذاك – بأبعاده بسبب هبوط مستواه”.
وأردف: “كما كان الركراكي دائم الدعم لزياش رغم أن الأخير كان معظم الوقت حبيس كرسي البدلاء في تشيلسي الإنجليزي، وظل يردد دائماً أن زياش لاعب لا يستطيع الاستغناء عنه”.
وختم: “على اللاعبين أن يحترموا قميص المنتخب المغربي، وأن يتقبلوا قرارات المدرب، الذي دخل مرحلة جديدة يمكن أن تعصف به بدوره إن لم يحسن قيادة غرفة الملابس واحتواء الجميع، وتذويب الجليد بين الموندياليين وبين النجوم الجدد”.