تمكن الاحتلال بعد 9 أشهر من الحرب على قطاع غزة، حشد خلالها كل قدراته العسكرية والاستخباراتية، وكذلك كل الدعم الغربي الأمريكي على وجه الخصوص، بحثاً عن أسراه الذين أسرتهم المقاومة خلالها هجومها الكبير والمفاجئ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من تخليص 4 أسرى غير عسكريين في عملية اقتحام رافقها قصف مدفعي وجوي عنيف أسفر عن أكثر من 200 شهيد جلهم من النساء والأطفال.
العملية أطلق عليها الاحتلال اسم “عملية أرنون”، و”أرنون زامورا” قائد القوة التي شاركت في العملية وقتل خلالها، فيما وصفها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالبطولية، وباركها الرئيس الأمريكي جو بايدن متجاهلاً المجزرة التي نفذها الاحتلال وأرواح الشهداء الذين سقطوا بفعل القصف الإسرائيلي.
من جانبه، وفي أول تعليق على العملية، قال أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام إن الاحتلال أقدم على جريمة حرب بهجومه على سوق شعبية في وسط النصيرات، وأن قواته أقدمت على قتل أسرى آخرين خلال عملية تخليص المأسورين الأربعة.
تفاصيل العملية
بحسب ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، فإن المختطفين الأربعة كانوا محتجزين فوق سطح الأرض في مبنيين مدنيين في قلب النصيرات وسط قطاع غزة، وفقاً لقناة ١٢ الإسرائيلية، حيث كانت نوعا أرغماني (25 عاماً) وحدها في مبنى، وألموع مئير (21 عاماً)، وأندري كوزلوف (27 عاماً)، وشلومي زيف (40 عاماً)، في مكان آخر يبعد عنه 200 متر فقط.
بحسب شهود عيان فلسطينيين، فإن القوة الإسرائيلية التي شاركت في تخليص الأسرى الأربعة تسللت إلى مخيم النصيرات عبر شاحنة تستخدم في نقل المساعدات الإنسانية، وهذا ما أكدته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
وكانت تل أبيب دائماً ما تتهم المقاومة باستخدام المستشفيات ومركبات الإسعاف والمراكز الطبية والإغاثية والأونروا مراكز للعمل العسكري، وتتخذ ذلك مبرراً لقصفها واستهدافها.
بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن “القوة استخدمت في عملية التسلل إلى مخيم النصيرات، شاحنة نقل مغلقة ومركبة مدنية”.
تقول وسائل إعلام إسرائيلية إن القوة واجهت معركة معقدة، أصيب خلالها قائد المجموعة أرنون زامورا بجروح خطيرة، قبل أن يعلن الاحتلال عن مقتله.
وخلال محاولة الإخلاء، تعطلت المركبة التي كانت تستقلها قوة الاحتلال مع ٣ من المحتجزين جراء إطلاق النار من المقاومين، فيما أطلق مقاتلو اللواء السابع عشرات قذائف الدبابات لتشكيل حزام حول القوة المحاصرة، بحسب القناة 13 الإسرائيلية.
كما انضم مقاتلو الأسطول الثالث عشر ودورية مظلية ومقاتلو اللواء السابع بإنشاء ممر ناري لإنقاذ القوة المحاصرة.
القصف العنيف الجوي والبحري والمدفعي لقوات الاحتلال أسفر عن مجزرة في مخيم النصيرات راح ضحيتها 210 شهداء و400 جريح، فيما لا تملك المستشفيات في قطاع غزة القدرة على استقبال جرحى جدد في ظل قصفها وتدميرها ونقص الإمكانيات الكبير بفعل الحصار المستمر.
وفي وقت سابق السبت، قال الجيش الإسرائيلي في بيان على إكس: “في عملية معقدة للجيش والشاباك والشرطة (الوحدة الشرطية الخاصة) تم تخليص أربعة مختطفين إسرائيليين”.
ونشرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، مقطع فيديو يظهر نقل المحتجزين من مخيم النصيرات إلى مروحية كانت تنتظرهم على شاطئ غزة أقلتهم لاحقاً إلى إسرائيل.
مساعدة أمريكية
فيما ذكرت شبكة “سي إن إن” أن خلية أمريكية بإسرائيل ساهمت في تخليص 4 محتجزين بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
ونقلت “سي إن إن” عن مسؤول أمريكي (لم تسمّه)، أن الخلية “دعمت جهود إنقاذ 4 رهائن، وعملت مع القوات الإسرائيلية في عملية تحريرهم”.
من جانبه، رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بعودة أربعة رهائن إسرائيليين تم إنقاذهم أحياءً في غزة.
وتعهد بايدن خلال مؤتمر صحفي بعدم التوقف عن العمل حتى يعود جميع الرهائن إلى ديارهم والتوصل إلى وقف لإطلاق النار”.
فيما لم يشر الرئيس الأمريكي للضحايا الذين قتلهم الاحتلال خلال عمليته.
حماس: سنأسر آخرين
من جهتها، قالت حركة حماس، السبت، إن إعلان تل أبيب تخليص 4 من أسراها بغزة “لن يغير فشلها الاستراتيجي بالقطاع”، وتوعدت بزيادة غلتها من الأسرى الإسرائيليين كما فعلت في عملية مخيم جباليا شمالي القطاع.
وأضافت في بيان عبر تليغرام، أن “ما أعلنه جيش الاحتلال النازي من تخليص عدد من أسراه في غزة، بعد أكثر من 8 أشهر من عدوان استخدم فيه كافة الوسائل العسكرية والأمنية والتكنولوجية، وارتكب خلاله كل الجرائم من مجازر وإبادة وحصار وتجويع، لن يغير من فشله الاستراتيجي في قطاع غزة”.
وأضافت: “مقاومتنا الباسلة ما زالت تحتفظ بالعدد الأكبر في حوزتها، وهي قادرة على زيادة غلتها من الأسرى، كما فعلت في عملية الأسر البطولية الأخيرة التي نفذتها في مخيم جباليا في نهاية الشهر الماضي”.
وأكدت أن “ما كشفت عنه وسائل إعلام أمريكية وعبرية، حول مشاركة أمريكية في العملية الإجرامية التي نفذت اليوم، يثبت مجدداً دور الإدارة الأمريكية المتواطئ، ومشاركتها الكاملة في جرائم الحرب التي ترتكب في قطاع غزة”.
وأشارت حماس إلى أن ذلك يثبت أيضاً “كذب مواقف الإدارة الأمريكية المعلنة حول الوضع الإنساني، وحرصها على حياة المدنيين”.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكثر من 120 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وقرابة 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة العشرات.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قراراً من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فوراً، وأوامر من محكمة العدل بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، و”تحسين الوضع الإنساني” بغزة.