وضعت نائبة الرئيس الأمريكي الديمقراطية كاملا هاريس منافسها الجمهوري دونالد ترامب في موقف دفاعي خلال مناظرة رئاسية محتدمة، الأربعاء 11 سبتبمر/ أيلول 2024، بسلسلة من الهجمات فيما يتعلق بالإجهاض ومدى ملاءمته للمنصب ومشاكله القانونية العديدة بينما سعى الاثنان إلى اقتناص لحظة لإقناع الناخبين بالتصويت لهما في انتخابات متقاربة.
وفي دفعة لحملة هاريس، قالت نجمة البوب تيلور سويفت لمتابعيها البالغ عددهم 283 مليونا على إنستجرام في منشور بعد المناظرة مباشرة إنها ستدعم هاريس ومرشحها لمنصب نائب الرئيس تيم والز في انتخابات الخامس من نوفمبر تشرين الثاني. وحظي المنشور بإعجاب ما يقرب من مليوني شخص في غضون 25 دقيقة.
ترامب بدا عليه الغضب
وبدا أن هاريس (59 عاما) المدعية العامة السابقة أزعجت ترامب (78 عاما) مراراً مما دفع الرئيس السابق الغاضب الذي بدا عليه الغضب بوضوح إلى تقديم سلسلة من الردود المليئة بالأكاذيب.
وحذر ترامب من “زوال” إسرائيل و”نهاية” الولايات المتحدة إذا أصبحت منافسته هاريس رئيسة للولايات المتحدة الأميركية.
وقال ترامب إن هاريس “تكره إسرائيل، إذا أصبحت رئيسة، أعتقد أن إسرائيل لن تكون موجودة في غضون عامين.. إسرائيل ستزول”.
وردت عليه هاريس بالقول إن اتهامها بكره إسرائيل “غير صحيح على الإطلاق” مذكرة بأنها دعمت إسرائيل طوال حياتها ومسيرتها المهنية.
كما اعتبر ترامب في المناظرة التي استمرت 90 دقيقة أن “انتخاب هاريس سيمثل نهاية للولايات المتحدة” وقال إنها ليست لديها خطة للنهوض بالاقتصاد الأميركي.
وشدد الرئيس الأميركي السابق على أن اقتصاد البلاد كان أفضل خلال فترة ولايته، وقال “تركت واحدا من أفضل اقتصادات العالم وسأفعل ذلك مجددا”.
وفي مرحلة ما، تطرقت إلى التجمعات الانتخابية لترامب واستفزته بقولها إن الناس غالباً ما يغادرون مبكراً “بسبب الإرهاق والملل”.
ورد ترامب، الذي شعر بالإحباط من حجم حشود هاريس، قائلاً “حشودنا هي الأكبر والأكثر روعة في تاريخ السياسة”. ثم تحول إلى ادعاء غير مؤكد بأن المهاجرين من هايتي في سبرينجفيلد بولاية أوهايو “يأكلون الحيوانات الأليفة” للسكان.
وتجادل المرشحان حول قضايا مثل الهجرة والسياسة الخارجية والرعاية الصحية، لكن المناظرة لم تتضمن الكثير من التفاصيل السياسية المحددة.
المواضع التي تجادل حولها الطرفان
انطلقت المناظرة بمصافحة مفاجئة بين الخصمين اللذين لم يلتقيا من قبل. واقتربت هاريس من ترامب عند منصته وقدمت نفسها بالاسم، وهي أول مصافحة في مناظرة رئاسية منذ عام 2016.
وكان اللقاء مهما بشكل خاص لهاريس إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من ربع الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد يشعرون أنهم لا يعرفون ما يكفي عنها. ودخلت هاريس السباق قبل سبعة أسابيع فقط بعد انسحاب الرئيس جو بايدن.
وتبادل المرشحان أيضا الانتقادات اللاذعة بشأن حرب إسرائيل في غزة والغزو الروسي لأوكرانيا، لكن لم يقدم أي منهما تفاصيل محددة حول الكيفية التي سيسعيان بها إلى إنهاء الصراعين.
واتهمت هاريس ترامب بالاستعداد للتخلي عن الدعم الأمريكي لأوكرانيا من أجل كسب ود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووصفت ترامب بأنه “عار”، في حين زعم ترامب أن هاريس “تكره” إسرائيل، وهو ما نفته.
وشنت هاريس هجوماً مطولاً على حدود الإجهاض، وتحدثت بحماس عن النساء المحرومات من الرعاية الطارئة وضحايا سفاح القربى غير القادرات على إنهاء حملهن بسبب الحظر على مستوى الولاية والذي انتشر منذ ألغت المحكمة العليا الأمريكية حقا للنساء على مستوى البلاد في عام 2022.
في المقابل، زعم ترامب أن هاريس والديمقراطيين يؤيدون قتل الأطفال.
وبدأ المرشحان المناظرة بالتركيز على الاقتصاد وهي القضية التي أظهرت استطلاعات الرأي أنها تصب في صالح ترامب.
وهاجمت هاريس نية ترامب فرض رسوم جمركية عالية على السلع الأجنبية – وهو الاقتراح الذي شبهته بضريبة المبيعات على الطبقة المتوسطة – في حين روجت لخطتها لتقديم مزايا ضريبية للأسر والشركات الصغيرة.
وانتقد ترامب هاريس بسبب التضخم المستمر خلال فترة إدارة بايدن، رغم أنه بالغ في تقدير مستوى ارتفاع الأسعار. وقال إن التضخم “كارثة على الناس وعلى الطبقة المتوسطة وعلى كل الطبقات”.
فرحة لدى حلفاء وأنصار هاريس
إلا أن نهج هاريس القوي نجح في توجيه التركيز إلى ترامب ليشعر حلفاؤها بالابتهاج ويعترف بعض الجمهوريين بالتحديات التي يواجهها ترامب.
وقال مارك شورت الذي شغل منصب كبير موظفي مايك بنس نائب ترامب السابق “أضاع ترامب فرصة تحويل التركيز إلى سياسات بايدن وهاريس بشأن الاقتصاد والحدود، وبدلاً من ذلك وقع في فخها وتشتت تركيزه بين إنكار نتيجة الانتخابات السابقة ومسألة المهاجرين الذين يأكلون حيواناتنا الأليفة”.
وأظهر موقع بريدكت لتوقعات انتخابات الرئاسة أن احتمالات فوز ترامب انخفضت خلال المناظرة من 52% إلى 47% بينما تحسنت فرص هاريس من 53% إلى 55%.
وفي إشارة إلى الثقة في نتيجة المناظرة، تحدت حملة هاريس ترامب على الفور لتنظيم مناظرة ثانية.
وتجنب ترامب، الذي أمضى أسابيع في شن هجمات شخصية على هاريس بما في ذلك الإهانات العنصرية والجنسية، هذا النمط إلى حد كبير خلال اللحظات الأولى من المناظرة لكنه سرعان ما أصبح مضطرباً مع توجيه هاريس الهجوم إليه.
وانتقدت هاريس ترامب بسبب إدانته جنائياً بالتستر على مدفوعات مالية لإسكات ممثلة أفلام إباحية، فضلا عن اتهامات أخرى له وحكم مدني وجده مسؤولاً عن اعتداء جنسي. ونفى ترامب ارتكاب أي مخالفات واتهم هاريس والديمقراطيين مرة أخرى بتدبير جميع القضايا دون أدلة.
وكرر ترامب أيضا ادعائه الكاذب بأن هزيمته في انتخابات عام 2020 كانت بسبب التزوير، ووصف هاريس بأنها “ماركسية” وزعم زوراً أن المهاجرين تسببوا في موجة جرائم عنيفة.
ومع بقاء ثمانية أسابيع على الانتخابات وأيام قليلة حتى بدء التصويت المبكر في بعض الولايات، شكلت المناظرة فرصاً وكذلك مخاطر لكل مرشح إذ تابع الحوار عشرات الملايين من الناخبين عبر شاشات التلفزيون.
ولا تؤدي المناظرات الرئاسية بالضرورة إلى تغيير آراء الناخبين، لكن قد يكون لها عواقب وخيمة، فقد دفع الأداء الكارثي لبايدن أمام ترامب في يونيو حزيران إلى الانسحاب من الحملة في 21 يوليو تموز.