بدأت صباح الثلاثاء 10 سبتمبر/ أيلول 2024، الانتخابات البرلمانية الأردنية لاختيار برلمان جديد في وقت تمر فيه البلاد بمصاعب اقتصادية عمقتها الحرب في غزة والتي أثرت على اهتمام الأردنيين بالحملات الانتخابية.

ومن المنتظر أن تعلن النتائج الأولى ابتداء من مساء اليوم، على أن تعلن النتائج النهائية خلال “48 ساعة من تاريخ إغلاق صناديق الاقتراع”. ويتنافس 1640 مرشحا بينهم 1258 من الذكور و382 من الإناث للفوز بمقاعد مجلس النواب الجديد.


ماذا حدث؟

بدأ أكثر من خمسة ملايين أردني الإدلاء بأصواتهم صباح اليوم في انتخابات برلمانية تأتي على خلفية غضب شعبي بسبب الحرب في قطاع غزة ووضع اقتصادي صعب يثقل كاهل الأردنيين.

لدى افتتاح مراكز الاقتراع عند الساعة 07,00 بالتوقيت المحلي (04,00 ت غ)، كان الرجال أول الوافدين.

وأظهرت صور التلفزيون الأردني الرسمي توافد الناخبين على مراكز الاقتراع في عدة مدن.


وينتظر أن تنتهي عملية التصويت عند الساعة 19,00 بالتوقيت المحلي (16,00 ت غ) من دون أن يكون هناك أي تمديد.

وبدت شوارع العاصمة عمان في الصباح خفيفة الحركة حيث اليوم عطلة بسبب الانتخابات ومع مرور الوقت بدأ الناس يصلون إلى المراكز للإدلاء بأصواتهم على شكل عائلات، بحسب تقرير لموقع فرانس 24 الفرنسي.

وينتظر أن تصدر أولى النتائج ابتداء من مساء الثلاثاء، على أن تعلن النتائج النهائية خلال “48 ساعة من تاريخ إغلاق صناديق الاقتراع”، بحسب رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب موسى المعايطة.


كيف تجري الانتخابات

وقُسّمت المملكة إلى 18 دائرة انتخابية، ويتنافس على مقاعد المجلس 1640 مرشحا بينهم 1258 من الذكور و382 من الإناث.

وزاد القانون الانتخابي الجديد مقاعد النساء من 15 الى 18، وصار بوسع البالغين 25 عاما أن يترشحوا للانتخابات، بعد أن كان السن الأدنى للترشح 30 عاما.


ويشكّل مجلس النواب المنتخب أحد جناحي مجلس الأمة الأردني الذي يضمّ أيضا مجلس الأعيان المؤلف من 69 عضوا يعينهم الملك. ويتنافس على مقاعد الأحزاب 36 حزبا يغلب على أغلبها الطابع الوسطي القريب من توجهات الحكومة.


المشاركون في الانتخابات

يشارك نحو 36 حزبا يغلب على أغلبها الطابع الوسطي القريب من توجهات الحكومة في الانتخابات بالإضافة إلى عدد من المستقلين والعشائر.

وتعد تقسيمه المشاركين كالآتي:


  • الإسلاميون:

    وتهيمن عليهم “جبهة العمل الإسلامي”، التي تأسست كذراع سياسي لجماعة “الإخوان المسلمين” في عام 1992. وعلى الرغم من الانقسامات والانشقاقات، تظل “جبهة العمل الإسلامي” الحزب الأكثر رسوخاً والأفضل تنظيماً في الأردن، وهيمنت على المشهد السياسي منذ استئناف الانتخابات في عام 1989، على الرغم من تراجع نفوذها في السنوات الأخيرة.

  • الأحزاب اليسارية:

    هي مزيج من الفصائل الاشتراكية والقومية العربية، وكثير منها امتدادات لأحزاب وحركات عربية عابرة للحدود الوطنية شوهدت في بلدان أخرى، وتستفيد من كونها من العناصر المألوفة في السياسة الأردنية لكنها تتبنى أيديولوجيات يعتبرها الكثيرون قديمة.

  • الأحزاب المحافظة

    التي تتبنى التوجه المؤسسي، وهي ليست جديدة في السياسة الأردنية؛ فقد تم إجراء محاولات سابقة لإنشائها في تسعينيات القرن العشرين. ولكن في الماضي، كان معظم أعضاء هذه المجموعة – الذين يميلون إلى أن يكونوا مسؤولين حكوميين سابقين وشخصيات قبلية – يترشحون عادةً كمستقلين. ومنذ إقرار القوانين الجديدة المتعلقة بالأحزاب والانتخابات، قام هؤلاء المرشحون بتشكيل أحزاب سياسية، وتشكل هذه الفصائل الآن غالبية الأحزاب المسجلة حديثاً. ولا تزال العديد منها تعتمد على الشخصيات القيادية وتكافح لجذب الأعضاء وإنشاء آليات حزبية فعّالة وهويات سياسية مميزة.

وتتنافس جميع هذه الأحزاب على أصوات ناخبين يشككون بشدة في النظام السياسي. وفي استطلاع للرأي أجري في شباط/فبراير الماضي، أعرب 34٪ فقط من المشاركين عن ثقتهم العالية أو المتوسطة في مجلس النواب، و31٪ فقط في الأحزاب السياسية.


صلاحيات البرلمان

يمكن للبرلمان حجب الثقة عن الحكومة وإقرار القوانين وإصدار التشريعات.

وبموجب الدستور الأردني، يعين الملك الحكومات ويحقّ له حلّ البرلمان وإعلان الحرب وعقد الصلح وإبرام المعاهدات والاتفاقات.

ووفقا للهيئة المستقلة للانتخابات، تجاوز عدد الناخبين المسجلين 5.1 مليون ناخب، من أصل 11.5 مليون هو عدد سكان الأردن.

وجرت الانتخابات السابقة في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وسط إجراءات استثنائية مع تأثّر المملكة بجائحة كوفيد، وبلغ عدد المقترعين حينها نحو 1.4 مليون من أصل 4.6 مليون ناخب مسجل.


وبحسب السلطات، سينتشر 54 ألف عنصر أمني في 1649 مركز اقتراع في عموم البلاد.

وأعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن نشر 38 مراقبا للإشراف على هذه الانتخابات.وركّز أغلب المرشحين في برامجهم على القضايا الاجتماعية والاقتصادية في بلد يناهز دينه العام 50 مليار دولار ووصلت نسبة البطالة فيه إلى 21 بالمئة خلال الربع الأول من العام الحالي. ويعتمد اقتصاد الأردن بشكل كبير على المساعدات الخارجية، لا سيما من الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي.


ما هي قصة خطة التحديث السياسي

بحسب تقرير لمعهد واشنطن للدراسات فقد تمت صياغة خطة التحديث السياسي من قبل “اللجنة الملكية” المكونة من اثنين وتسعين عضواً، والتي كُلِّفت باقتراح “إطار تشريعي يضع الأسس لحياة سياسية حزبية نشطة”، مما يؤدي في النهاية إلى حكومات قائمة على مجلس النواب.

وعلى وجه التحديد، تتصور الخطة عملية تدريجية تمتد عبر ثلاث دورات انتخابية تنتهي ببرلمان يضم ما لا يقل عن 65 في المائة من أعضاء الأحزاب السياسية. كما تقترح إجراءات لزيادة مشاركة الشباب والنساء والأقليات، وتقدم اقتراحات تتعلق بالحكم المحلي.

ويعكس إقرار مجلس النواب – المنتهية ولايته – وبسرعة لقوانين جديدة تتعلق بالانتخابات والأحزاب السياسية في عام 2022 الأولوية التي أعطاها الديوان الملكي لهذه التغييرات. وتشمل بعض التغييرات الرئيسية إنشاء نظام هجين يجمع بين القائمة الوطنية وقوائم الدوائر الانتخابية، وخفض الحد الأدنى لسن المرشحين إلى خمسة وعشرين عاماً، وإضافة مقاعد إلزامية للنساء والشباب في قوائم الأحزاب.

وتمثل هذه الانتخابات المرحلة الأولى من الخطة، حيث يتم تخصيص 30% من المقاعد (41 من أصل 138) للأحزاب. وفي الواقع، يُعد تنشيط الأحزاب السياسية أحد الركائز الأساسية لهذه الرؤية.


هل يمكن أن يحدث تغيير؟

وبحسب الموقع الفرنسي لا يُتوقّع أن تنتهي الانتخابات بتغيير كبير في الخريطة السياسية، على الرغم من أنها تجري للمرة الأولى على أساس قانون انتخابي جديد زاد عدد مقاعد مجلس النواب من 130 إلى 138، وخصّص 41 مقعدا منها للأحزاب، في محاولة لإعطاء دفع للعمل السياسي.

ولم تحظ الحملات الانتخابية باهتمام كبير بين الأردنيين الذين يتحدّر حوالى نصفهم من أصول فلسطينية وذلك بسبب الغضب الشعبي جراء استمرار الحرب في قطاع غزة التي دخلت السبت شهرها الثاني عشر.

ولعلّ إقدام أردني الأحد على قتل ثلاثة حرّاس إسرائيليين عند معبر اللنبي/جسر الملك حسين بين الضفة الغربية المحتلة والأردن، في عملية نادرة الحدوث، يشكّل مؤشرا على ما يسود الرأي العام الأردني.

ويقول محمد جبر (خمسيني)، وهو صاحب محل لبيع السجاد في وسط عمان، “الناس مشغولون بأشياء كثيرة كالحرب في غزة والوضع الاقتصادي السيء، ولا يعرفون ماذا يمكن أن تفعل الأحزاب في هذه الانتخابات”. ويضيف “الحرب في غزة أثّرت على كل نواحي الحياة ليس فقط على الانتخابات”.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة قبل نحو عام، يشهد الأردن مظاهرات منتظمة تدعو إلى إلغاء معاهدة السلام الموقّعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994.


ورأى المحلّل السياسي عريب الرنتاوي أن “هناك قطاعا من الرأي العام الأردني يعتقد أن ما يجري في غزة أولى بالمتابعة وبالتالي تراجع اهتمامه بالانتخابات وقد يستنكف ويعزف عن المشاركة”.

وعبّر عن اعتقاده بأن بعض القوى السياسية التي “تفاعلت مع غزة منذ اليوم الأول وحضرت في الشارع دون غياب، كالإسلاميين وبعض القوى اليسارية والقومية، ستستفيد من تصاعد شعبيتها لكن ليس بالشكل الذي يثير مخاوف”، معتبرا أن “تحسّن مكانة هذه القوى وتمثيلها النيابي سيكون طفيفا”.

وأثّرت حرب غزة على قطاع السياحة، أحد ركائز الاقتصاد والذي تشكّل مداخيله نحو 14% من إجمالي الناتج المحلي.

وقال وزير السياحة مكرم القيسي في نهاية العام الماضي إن حرب غزة تكبّد القطاع السياحي خسائر تتراوح ما بين 250 إلى 281 مليون دولار شهريا.

وعانى الاقتصاد الأردني بشدة خلال العقدين الماضيين جراء النزاعات في العراق وسوريا المجاورتين، واستضاف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يشكّلون عبئا إضافيا على كاهل المملكة المحدودة الموارد، ووباء كوفيد.

ويقول عبد المجيد البستنجي (47 عاما)، الموظف في أمانة عمان “نأمل في أن يأتي الخير مع من سيصلون (إلى البرلمان)”.

ويضيف “إن شاء الله ربنا يختار الأفضل للأردن ولغزة ولكل الناس وأن يكون النواب على قدر المسؤولية التي كلفهم بها الناس”.