توصل باحثون من جامعة ولاية ميشيغان الأمريكية، حسب دراسة جديدة لهم، أن هناك تأثيرًا قويًا لما يسمى الدواء الوهمي على إثارة ردّ فعل نفسي مقاوم للتوتر، حتى وإن كانوا على علم بأن ما يتناولونه هو مجرد دواء وهمي، وحبوب بلا مكونات طبية.
وحسب الباحثين، فإن هذه الظاهرة الغريبة يمكن الاستفادة منها كطريقة بسيطة لتقليل التوتر، على الأقل في الأمد القريب بالنسبة لمستويات معتدلة من القلق، حيث تنجح العقاقير الوهمية التي لا تحتوي على مكونات طبية فعالة في التأثير في هذه الحالة.
وبغض النظر عن الآليات الدقيقة، أشار الباحثون إلى أن استخدام دواء وهمي لعلاج الأشخاص الذين يعانون التوتر المعتدل، قد يساعد على منع تدهور حالتهم إلى حالات أكثر شدة.
وحسب هذه الدراسة، فإن السؤال الذي يمكن طرحه هو عن طبيعة الدواء الوهمي، والأسباب الأخرى التي تجعل من الممكن وصفه من قبل الأطباء، حسب الحالة المرضية التي يعاني منها المريض.
ما هو الدواء الوهمي؟
الدواء الوهمي هو أي شيء يبدو وكأنه علاج طبي حقيقي، ولكنه في الأصل ليس كذلك، إذ يمكن أن يكون هذا الدواء عبارة عن حبة أو حقنة أو أي نوع آخر من العلاج “المزيف”.
وما تشترك فيه جميع هذه الأدوية الوهمية هو أنها لا تحتوي على مادة فعالة تهدف إلى التأثير على الصحة، من خلال علاج أي مرض مستهدف بواسطتها.
كيف يتم استخدام الأدوية الوهمية؟
يستخدم الباحثون الأدوية الوهمية أثناء الدراسات لمساعدتهم على فهم التأثير الذي قد يحدثه دواء جديد أو علاج آخر على حالة معينة.
على سبيل المثال، قد يتم إعطاء بعض الأشخاص في الدراسة دواءً جديدًا لخفض الكوليسترول، فيما قد يحصل آخرون على دواء وهمي.
لكن في المقابل لن يعرف أي من الأشخاص المشاركين في الدراسة ما إذا كانوا قد حصلوا على العلاج الحقيقي أم الدواء الوهمي.
ثم يقارن الباحثون بين تأثيرات الدواء الحقيقي والدواء الوهمي على الأشخاص في الدراسة، وبهذه الطريقة، يمكنهم تحديد فعالية الدواء الجديد والتحقق من الآثار الجانبية.
ما هو تأثير الأدوية الوهمية؟
في بعض الأحيان قد يستجيب الشخص للعلاج الوهمي، في حين يمكن أن تكون هذه الاستجابة إيجابية أو سلبية.
على سبيل المثال، قد تتحسن أعراض الشخص المريض، أو قد يعاني مما يبدو أنه آثار جانبية للعلاج، وتُعرف هذه الاستجابات باسم “تأثير الدواء الوهمي”.
وهناك بعض الحالات التي يمكن أن ينتج فيها الدواء الوهمي نتائج حتى عندما يعلم الأشخاص أنهم يتناولون دواءً وهميًا.
إذ تُظهِر الدراسات أن الأدوية الوهمية يمكن أن يكون لها تأثير على حالات مثل:
- الاكتئاب
- القلق
- الألم
- اضطرابات النوم
- متلازمة القولون العصبي
- سن اليأس
وفي إحدى الدراسات السابقة التي تناولت مرض الربو، لم يكن أداء الأشخاص الذين يستخدمون جهاز استنشاق الدواء الوهمي أفضل في اختبارات التنفس.
ولكن عندما سأل الباحثون عن تَصوّر الأشخاص لكيفية شعورهم، تم الإبلاغ عن أن جهاز استنشاق الدواء الوهمي كان بنفس فعالية الدواء في توفير الراحة.
كيف يعمل تأثير الدواء الوهمي؟
ركزت الأبحاث السابقة حول تأثيرات الأدوية الوهمية على العلاقة بين العقل والجسد.
وإحدى النظريات الأكثر شيوعًا هي أن تأثير الدواء الوهمي يرجع إلى توقعات الشخص حول فعالية الدواء.
أي إذا توقع الشخص أن تفعل حبة دواء شيئًا ما، فمن الممكن أن تتسبب كيمياء الجسم في تأثيرات مماثلة لما قد يسببه الدواء.
على سبيل المثال، في إحدى الدراسات، تم إعطاء الأشخاص دواءً وهميًا وأُبلغوا بأنه منبه.
لكن بعد تناول الحبة، تسارع معدل نبضهم، وارتفع ضغط دمهم، وتحسنت سرعة ردود أفعالهم.
وعندما تم إعطاء الأشخاص نفس الحبة وأُبلغوا بأنها لمساعدتهم على النوم، فقد شهدوا التأثيرات المعاكسة.
وحسب هذه النتائج، يقول الخبراء أيضًا إن هناك علاقة بين مدى قوة توقع الشخص للحصول على نتائج وما إذا كانت النتائج تحدث أم لا.
وكلما كان الشعور أقوى، زادت احتمالية تعرض الشخص لتأثيرات إيجابية، إذ قد يكون هناك تأثير قوي بسبب التفاعل بين المريض والطبيب المعالج.
ويبدو أن نفس الشيء ينطبق على التأثيرات السلبية، إذا توقع الناس حدوث آثار جانبية مثل الصداع أو الغثيان أو النعاس، فهناك احتمالية أكبر لحدوث هذه التفاعلات.
حقيقة أن تأثير الدواء الوهمي مرتبط بالتوقعات لا يجعله وهميًا أو زائفًا، إذ تظهر بعض الدراسات أن هناك تغييرات جسدية فعلية تحدث مع تأثير الدواء الوهمي.
على سبيل المثال، وثقت بعض الدراسات زيادة في إنتاج الجسم للاندرورفين، وهو أحد مسكنات الألم الطبيعية في الجسم.
أما إحدى مشاكل تأثير الدواء الوهمي هي أنه قد يكون من الصعب التمييز بينه وبين التأثيرات الفعلية لدواء حقيقي أثناء الدراسة.
إذ قد يساعد إيجاد طرق للتمييز بين تأثير الدواء الوهمي وتأثير العلاج في تحسين العلاج وخفض تكاليف اختبار الأدوية، وقد تؤدي المزيد من الدراسات أيضًا إلى طرق لاستخدام قوة تأثير الدواء الوهمي في علاج المرض.