في المواسم القليلة الماضية تواجه إدارة نادي برشلونة كل صيف تحديات جمة من أجل تعزيز صفوف الفريق، بسبب الأزمة المالية والوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه منذ سنوات، والتي تفاقمت لأسباب عدة أبرزها جائحة فيروس كورونا، وفاتورة الرواتب الكبيرة التي يدفعها النادي للاعبين.
حتى في حال نجاح برشلونة في التعاقد مع لاعب جديد فإن ذلك يحدث بصعوبة بالغة، بالإضافة إلى أنه ينتظر في الغالب اللحظات الأخيرة من سوق الانتقالات من أجل تسجيله رسمياً في صفوفه انتظاراً لبيع لاعب أو عدة لاعبين، أو الحصول على روافع اقتصادية، وهذا يعود بالأساس إلى قاعدة 1/1 التي يعاني من أجل الالتزام بها.
في الواقع فإن قاعدة 1/1 مُلزمة لجميع الأندية في أوروبا من أجل التقيد بقواعد اللعب المالي النظيف، لكن تم الإشارة إلى برشلونة كونه أكبر نادي يعاني منها، فما هي هذه القاعدة؟
قاعدة 1/1
في الأسابيع الماضية زفّ الإعلام الكتالوني أخباراً وصفها “بالرائعة” لجمهور برشلونة تُفيد بأن “البلوغرانا” سيعود قريباً لقاعدة 1/1، وهو الأمر الذي يساعده على إبرام الصفقات دون معاناة كبيرة كما يحدث في العادة مؤخراً.
وخرج خوان لابورتا رئيس برشلونة في تصريحات إذاعية أكد فيها هذه المعلومات حيث قال: “بعد الكثير من الجهد والقرارات الشجاعة، وبعد ثلاث سنوات أعدنا النادي إلى التوازن المطلوب، نحن قريبون من الالتزام بقاعدة 1/1 التي وضعتها رابطة الدوري الإسباني، أعتقد أنه خلال فترة قصيرة سنكون قادرين على إعلان أخبار جيدة بشأن القضية الاقتصادية وسنعود إلى اللعب المالي النظيف”.
لكن وعلى ما يبدو فإن هذه الأنباء وتصريحات لابورتا يمكن وصفها “بالمتسرعة”، وخير دليل على ذلك صفقة التعاقد مع الإسباني داني أولمو الذي أعلن برشلونة التعاقد معه يوم 9 أغسطس/ آب 2024 قادماً من لايبزيغ، لكنه لم يتمكن من تسجيله بعد مرور جولتين على بداية الدوري، مستفيداً من إصابة مدافعه أندرياس كريستينسن وغيابه لفترة طويلة.
ولم يستفد برشلونة من أولمو في أول مباراتين أمام فالنسيا وأتليتيك بيلباو، ولحسن حظه تمكن من الفوز فيهما، بينما شارك داني في المباراة الثالثة أمام رايو فاليكانو ونجح في تسجيل هدف الفوز (2-1).
وقبل الحديث عن ماهية القاعدة 1/1، يتوجب القول إنها واحدة من قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من أجل ضبط الأمور المالية للأندية، حيث رأت النور لأول مرة في عام 2011 في سياق النزاهة المالية، قبل أن تصبح قانوناً رسمياً بعد ذلك بعام واحد.
وتهدف هذه القاعدة في الأساس إلى تحقيق التوازن المالي، ويتم ذلك في النهاية عندما تتساوى الأرباح مع الخسائر، حتى لا تدخل الأندية في دوامة الديون كما حدث مع برشلونة على سبيل المثال.
بمعنى أدق فإن هذه القاعدة تمنع الأندية من إنفاق أموال تتجاوز مجموع إيراداتها التي تدخل إلى الخزينة سواء من قيمة انتقالات اللاعبين، أو حقوق البث التلفزيوني والتذاكر، والإعلانات والمبيعات التجارية، وكذلك حقوق الرعاية.
وحسب هذه القاعدة التي طبقتها رابطة الدوري الإسباني، فإن أي نادي لا يمكنه تسجيل تعاقداته الجديدة دون إثبات تحقيق التوازن المالي، ففي حال بلغت أرباح نادي معين قيمة 100 مليون يورو، فبإمكانه إنفاقها كلها على الصفقات في الوضع الطبيعي.
لكن في حال وجود خسائر أو ديون، فإن حظوظ النادي في التعاقدات تتقلص حسب وضعه المالي، فهناك أندية تصبح ملزمة على الالتزام بقاعدة 2/1 أو حتى 3/1 أو 4/1، ما يعني أنها مطالبة بالتخلص من لاعبين أو ثلاثة أو حتى أربعة قبل التعاقد مع لاعب واحد.
سياسة رابطة الدوري الإسباني
تتعامل رابطة “الليغا” بصرامة شديدة مع الأندية فيما يتعلق بتطبيق القاعدة 1/1، لكن هذا لا يمنع أحياناً وجود بعض التساهل وفق شروط معينة، من أجل مساعدة هذه الأندية على إبرام صفقاتها.
وتوافق الرابطة على تسجيل اللاعبين في حال قدّمت الأندية ضمانات معينة تكفل لها الالتزام بالقاعدة على المستقبل القريب، تماماً كما حدث مع برشلونة عندما تعاقد مع البولندي روبرت ليفاندوفسكي والبرازيلي رافينيا في سوق الانتقالات الصيفية لعام 2022.
الرابطة نفسها لم تسمح لبرشلونة في يناير/ كانون الثاني 2024 بتسجيل لاعبه البرازيلي فيتور روكي القادم من أتلتيكو بارانينسي البرازيلي، لكن النادي استفاد من المادة 77 التي تتيح للأندية ضم أحد اللاعبين بدلاً من لاعب مصاب، حيث قيّد اللاعب البرازيلي بقائمته بدلاً من غافي الذي تعرّض لإصابة في الرباط الصليبي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
برشلونة يقلّص فاتورة الأجور
كان هدف لابورتا منذ عودته إلى رئاسة برشلونة هو تخفيض فاتورة الأجور التي وصلت إلى أعلى قيمة في تاريخ النادي بقيمة 671 مليون يورو (موسم 2018-2019)، ونجحت الإدارة تحت رئاسته في تقليصها بنسبة 20% منذ انتخابه.
ففي موسم 2020-2021 وصل إجمالي رواتب لاعبي برشلونة إلى 636 مليون يورو، وانخفضت إلى 492 مليون يورو مع نهاية الموسم الماضي 2023-2024، لكن ما زال أمامه الكثير من العمل للوصول إلى التوازن المطلوب.