أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية بمقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين السبت 31 أغسطس/ آب 2024، في كمين بمخيم جنين، ووصفت المصادر ما جرى بأنه “حدث أمني صعب”، بينما أفادت تقارير بأن مروحيات إسرائيلية نقلت جنودًا مصابين إلى مستشفيات داخل الخط الأخضر.
في حين أقر الجيش الإسرائيلي بقتله 26 فلسطينيًا واعتقال نحو 30 آخرين منذ بداية عمليته العسكرية شمالي الضفة الغربية، وقالت قناة الجزيرة إن الصور التي تنشرها كتيبة جنين وشهود عيان من داخل المخيم تظهر وقوع قوة إسرائيلية في كمين نصبته المقاومة.
كمين لقوة عسكرية إسرائيلية في جنين
يأتي هذا التطور بعد أن أعلنت كتائب الأقصى-جنين أن مقاتليها نصبوا كمينًا محكمًا لقوة مشاة إسرائيلية في حي الدمج بمدينة جنين وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح.
وقال مصدر قيادي في كتائب القسام للجزيرة إن “ما نفذه المجاهدون بحي الدمج رسالة للعدو بأن عدوانه على جنين ستكون له تبعات قاسية”. وأضاف: “كتائب القسام وفصائل المقاومة في جنين أعدت نفسها لأيام طويلة من المواجهة والاشتباك”.
كما قال: “المجاهدون أعادوا توزيع وحداتهم في شمال الضفة بما يُفشل العملية العسكرية، ونطمئن شعبنا بأن المقاومة بكل تشكيلاتها بالضفة في أفضل مراحل التنسيق والتكامل بينها”.
من جهة أخرى قال موقع “يسرائيل هيوم” الإسرائيلي إن: “القيادة الوسطى الإسرائيلية تحذر من أن اتساع القتال في الضفة سيضع عبئًا على قوات الجيش وأن الضفة الغربية على وشك الانفجار”.
وقد اندلعت صباح السبت اشتباكات في أجزاء من مدينة جنين ومخيمها بين مقاومين والجيش الإسرائيلي وسط دوي انفجارات واشتباكات وتحليق للمروحيات.
ووصف مراسل الجزيرة الاشتباكات في مخيم جنين بالضارية، وأشار إلى سماع أصوات انفجارات ضخمة في حي الدمج، كما أفاد بأن مسيرة إسرائيلية ألقت قنابل على موقع داخل المخيم.
واندلعت الاشتباكات بعد أن اقتحمت قوات إسرائيلية كبيرة مناطق بالمدينة ومخيمها، وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بإصابة شخص برصاص جنود الاحتلال.
وفي بيانات منفصلة، أعلنت كتائب القسام وكتائب الأقصى وسرايا القدس أن مقاتليهم يتصدّون للقوات المتوغلة.
وقد دفعت القوات الإسرائيلية بتعزيزات متلاحقة إلى جنين ومخيمها، وحاصرت المستشفى الرئيسي بالمدينة، وقامت بعمليات تجريف للمدخل الرئيسي المؤدي إلى الحي الشرقي، كما هدمت جدار وبوابة المقبرة الوحيدة في الحي نفسه.
كذلك فجرت منازل مواطنين فلسطينيين في حي الجابريات الملاصق للمخيم، ونفذت حملة مداهمات لمنازل أخرى.
وأظهرت مقاطع مصورة الدمار الكبير الذي أحدثته قوات الاحتلال في الحي الشرقي بجنين. كما نشر ناشطون مقاطع مصورة لانتهاكات إسرائيلية شملت تدنيس مسجد بالحي الشرقي وتحويله إلى موقع عسكري.
واضطر فلسطينيون من سكان المنطقة الشرقية بجنين إلى النزوح بسبب الهجوم الإسرائيلي.
وفي المحافظة نفسها، حاصر جنود الاحتلال منزلاً في بلدة كفر دان في محاولة لاعتقال من بداخله، بينما قالت كتائب القسام وكتائب الأقصى إن مقاتليهما يخوضون اشتباكات عنيفة مع القوات المتوغلة في البلدة.
في سياق مواز، قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تقرير نشرته يوم السبت 31 أغسطس/ آب 2024، إن التحقيق في الاعتداءات التي وقعت (السبت) في غوش عتصيون، كشف أن مصدر العبوتين اللتين انفجرتا في المركبات عند مفترق غوش وفي مستوطنة كرمي تسور، موجود في نفس معمل المتفجرات في الخليل. وهي عبارة عن شحنات مرتجلة تم ربط المسامير والبراغي بها.
ونتيجة لذلك، تم فرض طوق على المدينة وعلى حلحول المجاورة، وتم اعتقال ستة مشتبه بهم واستبعد الجيش الاشتباه باحتمال خروج مركبة ثالثة تم الاستيلاء عليها من مدينة الخليل الليلة الماضية. وخلال العملية في الخليل قامت قوات الهندسة بتدمير معمل المتفجرات.
وتشير التقديرات إلى وجود خلية تعمل في مدينة الخليل، تعتزم تنفيذ عمليات إضافية على نفس النمط. وتربط المؤسسة الأمنية بين السيارتين الليلة وبين انفجار سيارة في الخليل قبل نحو ثلاثة أسابيع ولم يسفر عن سقوط ضحايا.
وما زال الجيش الإسرائيلي يحقق في مصدر الخلية وما إذا كانت جزءًا من بنية تحتية مسلحة. ووقعت الهجمات على خلفية محاولات “إيقاظ” الضفة الغربية من جانب المحور الشيعي بأكمله.
اعتقال العشرات
في سياق موازٍ اعتقل الجيش الإسرائيلي سبعين فلسطينيًا خلال حملته التي ينفذها منذ الأربعاء الماضي، شمال الضفة الغربية المحتلة.
وفجر الأربعاء، أطلق الجيش الإسرائيلي “عملية عسكرية” شمال الضفة تُعد “الأوسع” منذ عام 2002، حيث اقتحمت قوات كبيرة مدينتي جنين وطولكرم ومخيماتهما، ومخيم الفارعة قرب طوباس، قبل أن تنسحب فجر الخميس من مخيم الفارعة، ومساء اليوم نفسه من طولكرم.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين (حكومية) ونادي الأسير (أهلي)، في بيان مشترك السبت، إن “عدد المعتقلين منذ بدء العملية العسكرية التي أعلن عنها الاحتلال في الضفة صباح الأربعاء بلغ نحو سبعين”.
وأضاف البيان: “اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم أمس (الجمعة) واليوم السبت اثنين وعشرين مواطنًا على الأقل من الضفة، بينهم صحفي وسيدة، إضافة إلى أطفال وأسرى سابقين”.
وأشارت الهيئة والنادي إلى أن هذه البيانات “تشمل الحالات التي تم التأكد منها، مع استمرار العملية العسكرية في محافظة جنين، واقتحام مناطق مختلفة أخرى في الضفة”.
ووفق بيان المؤسستين، فإن الجيش الإسرائيلي “اعتقل أكثر من عشرة آلاف وثلاثمئة مواطن من الضفة بما فيها القدس، منذ بدء حرب الإبادة المستمرة والعدوان الشامل على أبناء شعبنا” في غزة.
ومساء الجمعة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية “ارتفاع عدد الشهداء في شمالي الضفة منذ فجر الأربعاء إلى عشرين بعد مقتل مسن فلسطيني في الحي الشرقي من جنين”.
وبالتزامن مع حربه المدمرة على غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته بالضفة، فيما صعّد المستوطنون اعتداءاتهم، ما أسفر عن مقتل ستمئة وأربعة وسبعين فلسطينيًا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إضافة إلى أكثر من خمسة آلاف وستمئة جريح، وفق بيان لوزارة الصحة الفلسطينية مساء الجمعة.
وبدعم أمريكي مطلق، تشن إسرائيل حربًا على غزة أسفرت عن أكثر من مئة وأربعة وثلاثين ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة العشرات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.