صحة

كبار السن هم الأكثر عرضة.. دراسة حديثة تكشف العلاقة بين الإمساك وخطر الإصابة بنوبة قلبية

هناك الكثير من الأسباب الشائعة التي يمكن أن تؤدي للإصابة بالنوبات القلبية، أو الأمراض التي لها علاقة بالقلب، مثل كثرة التدخين، أو النظام الغذائي غير الصحي، إلا أن أبحاثًا جديدة، قادها باحثون أستراليون، كشفت أن الإمساك قد يكون من بين الأسباب كذلك.

ولعل النجم العالمي إلفيس بريسلي يُعتبر من بين أشهر الأشخاص الذين ربطت إصابتهم بالإمساك بالتعرض لنوبة قلبية، بعد أن كان يجهد بشدة في التبرز، مما أدى بعد ذلك إلى تعرضه لنوبة قلبية أنهت حياته.

وبالرغم من أن أسباب الوفاة كانت مرتبطة بعدة أسباب أخرى، إلا أن الإمساك كان من بين المسببات، حسب ما كشفت عنه العديد من التقارير الإعلامية، بعد وفاته.

وبعد هذه الحالة الشهيرة، اهتم الباحثون بشدة بالرابط بين الإمساك وخطر الإصابة بنوبة قلبية، أو أمراض القلب بشكل عام، وهو ما تم التوصل إليه من خلال هذه الدراسة الحديثة.

تفاصيل الدراسة.. العلاقة بين الإمساك والنوبات القلبية

وجدت الدراسة الحديثة التي قادها باحثون من جامعة موناش في استراليا وجود صلة بين الإمساك وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وقصور القلب.

وقد حلل الباحثون بيانات من البنك الحيوي البريطاني، وهي قاعدة بيانات للمعلومات المتعلقة بالصحة من حوالي نصف مليون شخص في المملكة المتحدة.

إذ حدد الباحثون أكثر من 23 ألف حالة إمساك ودرسوا تأثير الأدوية لعلاج ارتفاع ضغط الدم، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإمساك.


وقد كان الأشخاص الذين يعانون من الامساك (الذين تم تحديدهم من خلال السجلات الطبية أو من خلال استبيان) أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية أو قصور في القلب بمقدار الضعف مقارنة بأولئك الذين لا يعانون من هذا المشكلة.

ومن هنا وجد الباحثون ارتباطًا قويًا بين ارتفاع ضغط الدم والإمساك، وذلك لأنه كان لدى الأفراد المصابين بارتفاع ضغط الدم والذين يعانون أيضًا من الإمساك خطر متزايد بنسبة ٣٤٪ للإصابة بحدث قلبي رئيسي مقارنة بأولئك الذين يعانون فقط من ارتفاع ضغط الدم.

نظرت الدراسة فقط في البيانات من الأشخاص من أصل أوروبي. ومع ذلك، هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الارتباط بين الإمساك والنوبات القلبية ينطبق على السكان في جميع أنحاء العالم.

دراسات أخرى بنفس النتائج

حسب دراسة أسترالية سابقة، تمت دراسة حالة أكثر من 540 ألف شخص فوق سن الستين المتواجدين في المستشفيات بسبب مجموعة من الحالات الصحية المختلفة.

وجدت النتائج أن مرضى الإمساك لديهم خطر أعلى للإصابة بارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والسكتات الدماغية مقارنة بالمرضى غير المصابين بالإمساك من نفس العمر.

كما وجدت دراسة دنماركية سابقة أجريت على أكثر من 900 ألف شخص من المستشفيات والعيادات، أن الأشخاص الذين يعانون من الإمساك لديهم خطر متزايد للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

ومع ذلك، لم يكن من الواضح ما إذا كانت هذه العلاقة بين الإمساك وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية تنطبق على الأشخاص الأصحاء.

كما لم تأخذ هذه الدراسات الأسترالية والدنماركية في الاعتبار تأثيرات الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم، والتي يمكن أن تجعلك تعاني من الإمساك.


كيف يمكن أن يسبب الإمساك نوبة قلبية؟

يمكن أن يؤدي الإمساك المزمن إلى الإجهاد عند تمرير البراز، الأمر الذي قد يؤدي إلى صعوبة التنفس وارتفاع ضغط الدم.

في إحدى الدراسات اليابانية التي شملت عشرة أشخاص من كبار السن، كان ضغط الدم مرتفعًا قبل التبرز واستمر في الارتفاع أثناء التبرز، واستمر هذا الارتفاع في ضغط الدم لمدة ساعة بعد ذلك.

تقول إحدى النظريات إن كبار السن لديهم أوعية دموية أكثر تصلبًا بسبب تصلب الشرايين والتغيرات الأخرى المرتبطة بالعمر.

لذا فإن ارتفاع ضغط الدم لديهم قد يستمر لبعض الوقت بعد الإجهاد، لكن ضغط الدم لدى الشباب يعود بسرعة إلى طبيعته لأن أوعيتهم الدموية أكثر مرونة.

لكن مع ارتفاع ضغط الدم، يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب، إذ يتضاعف الخطر عندما يرتفع ضغط الدم الانقباضي بشكل دائم بمقدار 20 ملم زئبق، وهو مقياس قياسي لضغط الدم.

وقد تم الإبلاغ عن أن ارتفاع ضغط الدم الانقباضي مع بذل الجهد أثناء إخراج البراز يصل إلى 70 ملم زئبق، وهذا الارتفاع مؤقت فقط.

ولكن مع بذل الجهد المستمر في الإمساك المزمن، فقد يؤدي هذا إلى زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية.

لذلك قد يعاني بعض الأشخاص المصابين بالإمساك المزمن من ضعف في وظيفة العصب المبهم، الذي يُتحكم في وظائف الجسم المختلفة، بما في ذلك الهضم ومعدل ضربات القلب والتنفس.

وقد يؤدي هذا الضعف في الوظيفة إلى حدوث خلل في معدل ضربات القلب وفرط نشاط الاستجابة الحسية، وقد يؤدي هذا بدوره إلى ارتفاع ضغط الدم.

خلل بكتيريا الأمعاء

هناك طريق آخر مثير للاهتمام للبحث، وهو فحص اختلال التوازن في بكتيريا الأمعاء لدى الأشخاص المصابين بالإمساك.

يمكن أن يؤدي هذا الخلل، المعروف باسم خلل التوازن الجرثومي، إلى تسرب الميكروبات والمواد الأخرى عبر حاجز الأمعاء إلى مجرى الدم وتحفيز استجابة مناعية.

وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى التهاب منخفض الدرجة في الدورة الدموية وتصلب الشرايين أكثر، مما يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية.


استكشفت هذه الدراسة الأخيرة أيضًا الروابط الجينية والعوامل الوراثية المشتركة بين الإمساك وأمراض القلب.

كيف يمكن تسهيل حركة الأمعاء؟

يؤثر الإمساك على حوالي 19٪ من سكان العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 60 عامًا وما فوق.

وهذا يعني أن هناك جزءًا كبيرًا من السكان معرضون لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب بسبب صحة أمعائهم.

ومن أجل إدارة الإمساك المزمن، يمكن اللجوء إلى التغييرات الغذائية، خاصة زيادة الألياف الغذائية، وزيادة النشاط البدني، وضمان الترطيب الكافي واستخدام الأدوية، إذا لزم الأمر.

وهذه كلها طرق مهمة للمساعدة في تحسين وظيفة الأمعاء والحد من خطر الإصابة بأمراض القلب.