الأخبار

ماذا يعني إعلان حالة “القوة القاهرة” على قطاع النفط في ليبيا؟ أزمة المصرف المركزي تتصاعد وأسعار المحروقات ترتفع

تصاعدت الأزمة الليبية المتعلقة بالمصرف الليبي بشكل كبير في الساعات الماضية حتى أعلنت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، والموجودة في شرق ليبيا، حالة “القوة القاهرة” على قطاع النفط بالكامل، وتوقف الإنتاج والتصدير، بسبب خلافات حادة حول إدارة البنك المركزي في البلاد.

الإجراء الجديد الذي أعلنه رئيس حكومة شرق ليبيا أسامة حماد، جاء رداً على “اقتحام” لجنة “تسليم واستلام” مكلفة من المجلس الرئاسي لمقر البنك المركزي في طرابلس، لتمكين إدارة جديدة للبنك بدلاً عن المحافظ الصديق الكبير وقال إن مقر البنك المركزي وموظفيه تعرضوا لاعتداءات متكررة من قبل مجموعة خارجة عن القانون، وبتحريض من المجلس الرئاسي منتحل الصفة، والذي يستهدف السيطرة غير القانونية على أهم مؤسسة مالية في البلاد.

حماد قال كذلك: “المجلس الرئاسي ضرب بعرض الحائط جميع القرارات الصادرة عن مجلسي النواب والدولة وجميع التشريعات المالية في الدولة، وتجاهل ما صدر عن القضاء من إيقاف لقراراته المعيبة لانعدامها”.

وأوضح حماد أن “محاولات اقتحام المصرف المركزي بالقوة، نتج عنها إيقاف جميع المعاملات المالية للدولة بالكامل، وأدت إلى الإضرار بالمواطنين وعرضت الاقتصاد الوطني للانهيار”. وزاد: “وبناء على كل ذلك.. أعلن حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات النفطية وإيقاف إنتاج وتصدير النفط إلى حين إشعار آخر”.

ما هي القوة القاهرة:

إعلان حالة “القوة القاهرة” هو إجراء يعفي طرفي التعاقد من أي التزامات قانونية أو مالية تترتب على عدم الوفاء بالتعاقدات النفطية الدولية بسبب حدوث ظروف طارئة خارجة عن إرادة الطرف المصدر.

حالياً توجد في ليبيا حكومتان: حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس، التي تدير منها كامل غرب البلاد، والثانية حكومة أسامة حماد كلفها مجلس النواب قبل ثلاثة أعوام ومقرها بنغازي وتدير كامل شرق البلاد ومدن الجنوب.

يذكر أن المشرع الليبي لم يُعرف “القوة القاهرة” من خلال القانون المدني، بل ترك المسألة للفقه القانوني، واكتفى بذكرها في مواد مختلفة تارة كسبب أجنبي وتارة كحادث مفاجئ.

حيث نصت المادة (168) من القانون المدني الليبي على أنه: “إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من المتضرر أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق على غير ذلك”.

كما نصت المادة (218) من القانون المدني الليبي على: “إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينًا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه فيكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه”.

وقد عرف الفقه القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ بأنها: “أمر غير متوقع الحصول وغير ممكن الدفع، يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً، دون أن يكون هناك خطأ من جانب المدين”.

ومن أمثلة القوة القاهرة الحرب والثورة والإضراب والحريق والزلازل، وصدور القوانين أو الأوامر الإدارية وعمومًا وبالنسبة إلى شرط استحالة التنفيذ فإن المشرع لم يتطلب أن تكون هذه الاستحالة مطلقة، وهي الحالة التي تدوم فيها القوة القاهرة، بل يمكن أن يحدث ما يعتبر من القوة القاهرة ويؤدي لا إلى استحالة التنفيذ وإنما التأخير فيه وفقًا للمادة (218) مدني ليبي وهو ما يعني الاستحالة النسبية.

وقد نصت المادة 360 على: “ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه”، أي أن العقد ينفسخ بقوة القانون ولا حاجة لتدخل القضاء فيه، إلا أن وجود القوة القاهرة والاحتجاج بها عبء إثباتها يقع على عاتق من يدعيها.

أين تصب إيرادات النفط

تصب جميع إيرادات بيع النفط في حسابات خاصة لدى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، وهو ما شكل محور الخلاف اليوم وأدى إلى إعلان قفل حقول النفط.

ومنذ وقت صدور قرار الرئيسي المتعلق بالبنك المركزي، في الشهر الجاري، تصاعدت الأزمة إلى أن وصلت إلى حد تحشيد كتائب مسلحة الخميس الماضي موالية للرئيسي لاقتحام البنك المركزي في ظل وجود كتائب أخرى تحمي المكان وهي مناصرة للمحافظ الصديق الكبير.

والجمعة، تم التوصل إلى اتفاق بانسحاب جميع الكتائب المسلحة، واستلام وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية تأمين جميع المقرات الحكومية، ومن بينها أيضًا مقر البنك المركزي، وهو ما تم فعلاً السبت.

والسبت أيضًا، تداول نشطاء صورًا للجنة التسليم والاستلام المكلفة من الرئيسي، برئاسة وزير المواصلات بحكومة الوحدة محمد الشهوبي أمام مقر البنك المركزي.

ونقل نشطاء وكذلك وسائل إعلام ليبية، أن الحراس الداخليين للبنك رفضوا فتح أبواب المصرف، وذلك قبل أن يتم اقتحام المكان، الأحد، ودخول اللجنة التي أصدرت من داخل مقر البنك بيانًا اليوم، قالت فيه إن مجلس الإدارة الجديد سيباشر مهامه، وذلك وسط اختفاء المحافظ الصديق الكبير واعتقال خمسة من الموظفين.

مجلس الإدارة الجديد باشر بالفعل أعماله وعقد أول اجتماع له اليوم، وفق بيان له قال فيه إنه “يؤكد استلامه مهامه بالمصرف بشكل كامل”. وأكد أيضا التزامه “بجميع الإجراءات المطلوبة لضمان عملية انتقال سلسة.. وتجاوز كافة محاولات التشويش المفتعلة من الإدارة السابقة”، متعهدًا “بمعالجة كل آثار الأزمات المفتعلة” وفق قوله.


أبرز حقول وموانئ النفط في ليبيا

تمتلك ليبيا مجموعة من الحقول والموانئ النفطية التي شهدت خلال السنوات الأخيرة وبسبب القتال والتوترات السياسية، إغلاقات على فترات مختلفة.

ونشرت المؤسسة الوطنية للنفط معلومات عن أبرز تلك الحقول والموانئ، وأبرزها حقل الشرارة النفطي جنوب غربي البلاد وهو الأكبر في ليبيا، وينتج 240 ألف برميل يوميًا وهو نحو 25 بالمئة من إجمالي الإنتاج في البلاد.

أما حقل الفيل فينتج 80 ألف برميل يوميًا، وبدأ الإنتاج منه في عام 2004 بعد فترة من اكتشافه عام 1991.

وهناك حقل زلطن في خليج سرت، وينتج نحو 40 ألف برميل يوميًا.

وبالنسبة للموانئ، فتملك ليبيا تسعة موانئ على رأسها السدرة، الذي يقع على بعد 190 كم شرق مدينة سرت شمالي البلاد، ويتسلم الميناء 280 ألف برميل نفط يوميًا، ويصدر 8 ملايين برميل شهريًا.

الميناء الثاني هو البريقة، أول ميناء نفطي في ليبيا حيث تم تصدير أول شحنة نفط منه في أكتوبر عام 1961، ويبعد على بعد 80 كم غرب مدينة بنغازي، ويتسلم 80 ألف برميل يوميًا ويصدر من خلاله 1.8 مليون برميل شهريًا.

ثالث أكبر الموانئ هو الزويتينة، ويقع على بعد 180 كم جنوب غرب بنغازي، وتم تصدير أول شحنة نفط منه في فبراير عام 1968، ويتسلم يوميًا 70 ألف برميل نفط، ويصدر من خلاله ما بين 2.6 و3.2 ملايين برميل شهريًا.


الداخلية الليبية لا علاقة لها بالأزمة

في سياق متصل، فقد نفى وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، الجمعة، أي علاقة للوزارة بالأزمة المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي، بعد إصدار المجلس الرئاسي قرارًا بتكليف محافظ ومجلس إدارة جديد للمصرف.

وأكد الطرابلسي في مؤتمر صحفي عقده بمقر الوزارة بطرابلس أن الأنباء حول وجود تحرك عسكري ضد البنك المركزي غير صحيحة، مشددًا على أن الوزارة لا تدخل في هذا الملف وأن القرار إداري يخص المجلس الرئاسي.

وفي سياق متصل، علق الطرابلسي على التأخر في إخلاء العاصمة، طرابلس، من التنظيمات المسلحة، مؤكدًا أن ذلك ليس ضعفًا ولكن هدفه حقن الدماء، على حسب وصفه.

وأوضح الطرابلسي أن هناك أجهزة أمنية رسمية في طرابلس مثل جهاز الردع وجهاز دعم الاستقرار وجهاز الأمن العام، والتي تعمل على الحفاظ على الأمن، على الرغم من بعض الأخطاء التي ارتُكبت. وأضاف أن التريث في استخدام القوة ضروري لضمان استقرار المدينة دون إراقة الدماء.


ارتفاع أسعار النفط

في المقابل ونتيجة لتصاعد الأوضاع في الغرب، فقد ارتفعت أسعار النفط الخام بعد إعلان الحكومة الليبية في شرق البلاد إغلاق جميع حقول النفط، وتوقف الإنتاج والصادرات.

وأوضح موقع CNBC المتخصص في الاقتصاد والطاقة، ارتفاع أسعار النفط بمقدار 3% متأثرًا بتقارير عن وقف “شبه كامل” لإنتاج النفط في ليبيا، والتي زادت من المخاوف السابقة من أن يؤدي تصعيد الوضع في الشرق الأوسط إلى اضطراب إمدادات النفط من المنطقة.

وأعلنت الحكومة الليبية الموازية والتي يرأسها أسامة حماد، إيقاف إنتاج النفط وتصديره في جميع حقول البلاد وفرض حالة القوة القاهرة اعتبارًا من اليوم الاثنين وحتى إشعار آخر، فيما لم تؤكد المؤسسة الوطنية للنفط والتي تشرف على موارد النفط ونشاطات القطاع، ذلك.

ولم تُعلق حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة حتى الآن، كما لم تصدر المؤسسة الوطنية للنفط ومقرها العاصمة طرابلس أي تصريحات حتى الآن.

وتشهد ليبيا التي تعتبر واحدة من أبرز منتجي النفط في العالم، أزمة نقص وقود منذ أيّام. وبثت وسائل إعلام محلية بيانًا مصورًا لمجموعة أطلقت على نفسها “شباب المناطق النفطية والفعاليات الاجتماعية في مدن الواحات”، أعلنت فيه إغلاق الحقول النفطية بالكامل لحين التوصل لاتفاق عادل لاقتسام الموارد بين الأقاليم وإعطاء كل ذي حق حقه.

وتعتبر منطقة الواحات، جنوب شرق ليبيا مركزًا أساسيًّا لعدد من الحقول النفطية الليبية، والتي تقوم شركات ليبية وأجنبية بتشغيلها، ومنها: حقل الواحة، وحقل جالو 59، وحقل السماح، وحقل آمال، وحقل النافورة، وحقل أجخرة، وحقل أبو الطفل.

صلاح البكوش المستشار السابق للمجلس الأعلى للدولة الليبي قال في تصريحات خاصة لـ”عربي بوست” إن أزمة الخلاف حول محافظ المصرف الليبي الجديد، لن يتم حلها إلا بصفقة بين

أطراف

الصراع في ليبيا.


وقال إن طرفي الصراع في ليبيا هما “حكومة الدبيبة” وجبهة خليفة حفتر، سوف يتوصلان إلى “صفقة” قريباً لإنهاء الأزمة الحالية، متوقعًا أن تنتهي خلال أيام قليلة.


خلفيات الأزمة الحالية

في البحث عن جذور أزمة المصرف المركزي الليبي، وما ترتب عليها من “القوة القاهرة”، فقد وجدنا أنه وبعد فشل خليفة حفتر الجنرال الليبي المتقاعد، والذي يتخذ من منطقة شرق ليبيا مقرًا لحكم المنطقة هو وأبناؤه، في دخول العاصمة الليبية طرابلس، في يونيو/ حزيران 2020 تم توقيع اتفاق عام 2021 في جنيف برعاية الأمم المتحدة.

تأسست على إثره هيئات مؤقتة لإدارة شؤون البلاد. وتضمن اتفاق جنيف تولي سلطة تنفيذية وهي حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر/ كانون الأول 2021، لكنها تأجلت لأجل غير مسمى بسبب تجدد الخلاف السياسي وتوترات أمنية.

ظهور الأزمة إلى السطح، جاء بعد خطوات قام بها برلمان طبرق، وهي إعادة تفعيل قرار إقالة محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، الذي كان قد سبق أن أصدره في عام 2018 في فترة حكومة فايز السراج ولكن لم يتم تنفيذه في وقتها، بالإضافة إلى سحبه الثقة من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وإعادة صلاحيات القائد الأعلى للجيش إلى رئيس المجلس عقيلة صالح. وقام مجلس النواب الليبي في طبرق بخطوة سحب الثقة على الرغم من أن هذا المجلس ذاته لا يعترف بحكومة الدبيبة ويراها منتهية الولاية ولذلك كلف حكومة أسامة حماد بدلاً منها.


موقف الدبيبة

حكومة الدبيبة من جانبها ردت على خطوة برلمان طبرق الأخيرة بأنها تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي، “وتلتزم بمخرجاته التي نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتنهي المرحلة الانتقالية”، في إشارة إلى اتفاق جنيف.

لكن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب طالب بضرورة إعادة النظر في اتفاق جنيف للمرحلة التمهيدية، قائلا إنه “لم يُضمَّن في الإعلان الدستوري الذي يُعدُّ السند لكل السلطات”، وهو الأمر الذي اعتبره المراقبون تهديداً لاتفاق جنيف نفسه الذي كان يتحاور الليبيون بشأن تنفيذ ما تضمنه.


الاشتباكات العسكرية

ومع قرار برلمان طبرق بإقالة الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي من منصبه، حاصر مسلحون في الحادي عشر من أغسطس/آب 2024 مبنى تابعًا لمصرف ليبيا المركزي في طرابلس لطرد محافظ البنك، الصديق الكبير، حسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية، قبل أن يتم تفريقهم.


ويتعرض محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير لانتقادات من أنصار حكومة الدبيبة بسبب إدارته للميزانية والثروة النفطية في هذا البلد الغني بالنفط.

ومؤخرًا اتفق المصرف المركزي مع البرلمان على اعتماد ميزانية قيمتها 160 مليار دينار ليبي نصفها لحكومة الدبيبة ونصفها لحكومة حماد وهو ما يعترض عليه الدبيبة ويرى أن حكومته هي الشرعية الوحيدة بالبلاد.


الموقف الأمريكي من الحصار

حصار المصرف المركزي دفع المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، للإعلان في بيان أن “محاولة استبدال قيادة مصرف ليبيا المركزي بالقوة يمكن أن تؤدي إلى فقدان ليبيا القدرة على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية”.

وأضاف نورلاند أن “ظهور مجموعة أخرى من المواجهات بين الجماعات المسلحة في الأيام الأخيرة يسلط الضوء على المخاطر المستمرة التي يفرضها الجمود السياسي في ليبيا”.


ما هو موقف المحافظ الجديد للمصرف الليبي؟

في المقابل وفي خضم هذه الأزمة الكبيرة التي يعيشها المصرف الليبي، جاء رد محمد الشكري المُكلف بالمنصب بدلاً من الصديق الكبير، في بيان رسمي على صفحته في “فيسبوك” يوم الجمعة ٢٣ أغسطس/آب 2024، تضمن الحديث عن قرار تعيينه محافظاً للمصرف الليبي المركزي وموقفه من ذلك.

وقال الشكري في بيانه: “بسم الله الرحمن الرحيم.. صدر قرار مجلس النواب رقم 3 في 2018 بتكليفي بمهام محافظ مصرف ليبيا المركزي وأديت القسم القانوني تبعاً لذلك. ومنذ ذلك الحين تجري تجاذبات ومماحكات سياسية ما بين الجهتين المختصتين بذلك (مجلسي النواب والدولة) والتي تشترط الاتفاقات السياسية توافقهما بهذا الشأن”.


أضاف: “وحفاظاً على المؤسسة النقدية من التشظي وتأثر سمعتها أمام المؤسسات النقدية المناظرة في العالم، الأمر الذي قد يؤثر بشكل مباشر على حريتنا في إدارة أموالنا في الخارج وتمكين شعبنا من الاستفادة منها في تدبير أحواله المعيشية وتوظيفها لخلق تنمية مستدامة منشودة”.

أضاف: “لذلك تركت الجمل بما حمل رغم اتصالات كثيرة للتمكين بطرق لا تتوافق مع مبادئي وعقيدتي. اشترطت على الجميع لتفعيل القرار بأن يكون هناك توافق من الجهتين التشريعيتين المختصتين (مجلسي النواب والدولة)”.

كما قال: “لن أبخل على وطني بجهدي وعملي وخبرتي مستعيناً بكفاءات ليبيا وخبراتها لوضع حد لأزمات تنهك أهلنا (سعر الصرف، السيولة، محاربة التضخم وتفعيل أداء القطاع المصرفي ليقوم بدوره المنشود) على أن يكون ذلك وفقاً للتشريعات النافذة والقوانين السارية والاتفاقات الموقعة”.

أوضح: “تاريخي المهني والوظيفي وأخلاقي لا تسمح لي بالمطلق أن أكون جزءًا من هذا العبث، والله إن قطرة دم واحدة من دم أبنائنا لأعز علي من كل مغانم الدنيا ووظائف الدولة الليبية، اللهم إنني بريء مما يفعل الظالمون”.


محكمة ليبية تدخل في صراع منصب المحافظ

وفي ظل تمسك الصديق الكبير بمنصبه، قضت محكمة ليبية، الأربعاء، بوقف قرارات المجلس الرئاسي المتعلقة بإقالة محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، وتشكيل مجلس إدارة جديد، وذلك استجابةً لطلب الحكومة المكلفة من البرلمان.

يأتي هذا في ضوء الخلاف حول قراري المجلس الرئاسي، رقم ١٩ لسنة ٢٠٢٤ بشأن تكليف محمد الشكري قائمًا بأعمال محافظ المصرف، والثاني رقم ٢٠ لسنة ٢٠٢٤ بشأن تشكيل مجلس إدارة المصرف.

ونصّ الأمر القضائي الذي أصدرته محكمة جالو الابتدائية، على انعدام قراري المجلس الرئاسي الصادرين برقمي ١٩ و٢٠ لسنة ٢٠٢٤، واعتبارهما “هما والعدم سواء”.

أتى ذلك بعدما كان المجلس الرئاسي المدعوم من حكومة الوحدة الوطنية، قد قرر إقالة محافظ المصرف الصديق الكبير وتعيين محمد شكري عبد السلام بدلاً منه وتشكيل مجلس إدارة جديد، وهي الخطوة التي أثارت توترات سياسية بين الأطراف الفاعلة وقلقًا حول مستقبل أكبر مؤسسة سيادية في ليبيا، كما جددت الخلاف بشأن الصلاحيات.

فيما رفض الكبير تسليم منصبه إلى النائب المعيّن، ولم يعترف بمجلس الإدارة الجديد.


برلمان طبرق يرفض إقالة الكبير

كذلك عارض مجلسا النواب والدولة، قرار الرئاسي، وأعلنا دعمهما لاستمرار الكبير في منصبه إلى حين البت في المناصب السيادية، معتبرين أن تعيين أو إعفاء محافظ المصرف المركزي ليس من اختصاصات المجلس الرئاسي، حسب الاتفاق السياسي الموقع في جنيف عام ٢٠٢١.

في حين قال رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، في شرق ليبيا، أسامة حماد، إن هناك “محاولات مشبوهة” للسيطرة على المصرف المركزي من أجل تحقيق “مآرب شخصية”. وأكد أن حكومته “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الممارسات”.


وفي يوم الثلاثاء، أرسل المجلس الرئاسي وفداً من المسؤولين، بما في ذلك أحد أفراد الميليشيات، إلى البنك لإبلاغ السيد الكبير بالتنحي. ورد الكبير في بيان بأنه ليس مسؤولاً أمام حلفائه القدامى في غرب ليبيا، بل أمام البرلمان في شرق ليبيا. وأيد السيد دبيبة إقالة السيد الكبير، وأصدر تعليماته للسفارات الليبية في جميع أنحاء العالم بإبلاغ المسؤولين الأجانب بأن فترة ولاية السيد الكبير قد انتهت.

في سياق مواز هدد رئيس مجلس النواب “برلمان طبرق”، عقيلة صالح، بإغلاق الحقول النفطية لمنع تحويل الإيرادات إلى مصرف ليبيا المركزي في حال مضي المجلس الرئاسي في إنفاذ قراراته بتغيير محافظ المصرف.

واتهم صالح المجلس الرئاسي بالسعي لنهب المال العام من خلال تغيير إدارة المصرف ومحافظه، وقال “لن نسمح باستمرار ضخ أموال الثروة الليبية وإيصالها إلى أيديِ أشخاص جاءوا إلى السلطة بطريقة مشبوهة”، محذرا من أن المساس بالمصرف ومحافظه في الوقت الحالي قد يهدد استقرار المؤسسة النقدية في ليبيا.