يُصنف الملاكم الأمريكي مايك تايسون على أنه واحد من أفضل وأشهر الملاكمين في تاريخ اللعبة، غير أن إنجازاته العديدة وغير المسبوقة لم تشفع له بالمشاركة في دورات الألعاب الأولمبية.
وسبق للعديد من الملاكمين المعروفين أمثال الأسطورة محمد علي كلاي وجورج فورمان وأنتوني جوشوا وإيفاندر هوليفيلد ولينوكس لويس الظهور في الأولمبياد، بل والظفر بالميداليات، قبل أن ينتقلوا إلى المنافسة كملاكمين محترفين في بطولات العالم للوزن الثقيل.
لماذا لم يشارك تايسون في الألعاب الأولمبية؟
غير أن تايسون لم ينل هذا شرف تمثيل الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المحفل الكبير (الأولمبياد)، بسبب انتكاسة مفاجئة.
تايسون المولود يوم 30 يونيو/ حزيران 1966 قدّم أداء لافتاً في بداياته جعل الكثيرين يتنبؤون بأنه يسير في الطريق الصحيح كي يكون نجماً عالمياً، وكرّس هذا الاعتقاد بفوزه مرتين متتاليتين في الألعاب الأولمبية للناشئين 1981 و1982، كما تُوج ببطولة القفازات الذهبية الوطنية عام 1984.
في العام نفسه كان تايسون واثقاً من تمثيل بلاده في أولمبياد لوس أنجلوس، غير أن قراراً تحكيمياً “غير مفهوم” من وجهة نظره كان سبباً مباشراً في إجهاض حلمه.ما حدث؟
حجزت الولايات المتحدة لنفسها مكاناً واحداً للملاكمة في دورة ألعاب لوس أنجلوس، حيث انحسر التنافس على هذه البطاقة اليتيمة بين تايسون ومواطنه هنري تيلمان.
في الحقيقة لم يكن فوز تايسون على تيلمان سهلاً على الأول، على اعتبار أن الثاني كان أكبر سناً بست سنوات، كما أنه كان أطول ب10.16 سنتيمتراً.
وفي النزال تفوّق تيلمان على تايسون بقرار النقاط، غير أن الثاني حصل على فرصة أخرى للتعويض بعد شهر لكنه لم يتمكن من الاستفادة منها، حيث خسر “بقرار منقسم” وسط صيحات الاستهجان من الجمهور الغاضب، وهو قرار أنهى آماله بالظهور في الأولمبياد.
يقول تايسون عن تلك اللحظة: “عندما أعلن الحكام القرار لم أستطع أن أصدق أنهم منحوا الفوز لتيلمان، كان جميع المسؤولين عن لعبة الملاكمة للهواة يكرهونني”.
وأضاف: “على ما يبدو لم يعجبهم موقفي المغرور في براونزفيل (في أحد النزالات)، يومها كنت أتصرف على طبيعتي، ولكن لا يزال بإمكانكم رؤية الغرور والتبجح من قبل المسؤولين”.
تيلمان الذهبي
ربما لم يكن تيلمان بنفس مستوى وجودة تايسون، لكن مشاركته في أولمبياد 1984 كانت ناجحة للغاية، إذ تمكن في نهاية المطاف من الظفر بالمعدن النفيس.
وتغلّب تيلمان المولود في لوس أنجلوس (المدينة المضيفة للأولمبياد) في النهائي على الكندي ويلي ديويت مانحاً بلاده ذهبية الملاكمة.
وقال تيلمان: “كان الفوز بالميدالية الذهبية الأولمبية في مسقط رأسي أمراً مثيراً للإعجاب، لقد فعلت ذلك أمام والدتي ووالدي والكثير من أصدقائي، هذا جعل الأمر مميزًا حقاً، لم أتوقع أن أفعلها لكن والداي وثقا بي ودعموني بشدة”.
تايسون ينتقم من تيلمان
وبعد ست سنوات من ذلك منحت الحياة فرصة جديدة لـتايسون لرد اعتباره أمام تيلمان، حيث عاش الأول مشاعر مليئة بالحسرة والألم.
وفي يونيو/ حزيران 1990 وبعد لحظات من بداية النزال، وجّه تايسون الذي كان يعيش طوال هذه المدة مشحوناً بذلك القرار “الظالم”، عدة ضربات قوية لـتيلمان قبل أن يسحقه بالضربة القاضية، وكل ذلك في الجولة الأولى فقط.
إنجازات تايسون
لم يستسلم تايسون بعد عدم تمكنه من المنافسة في الأولمبياد، بل واصل العمل وتحقيق الإنجازات حيث أصبح أصغر بطل عالمي للوزن الثقيل في سن العشرين فقط، بعدما قهر الجامايكي تريفور بيربيك في نوفمبر/ تشرين الثاني 1986.
كما حقّق تايسون 37 فوزاً متتالياً وهو في سن الثالثة والعشرين فقط، قبل أن يخسر بطريقة مفاجئة أمام جيمس “باستر” دوغلاس وذلك في فبراير/ شباط 1990.
وفي المجمل حقق تايسون خلال مسيرته 50 انتصاراً، 44 منها جاءت بالضربة القاضية، مقابل 6 هزائم، كما أنه لم يخض أي نزال احترافي منذ عام 2005.
نزال تايسون المرتقب بسن 57 عاماً
ومن المقرر أن يعود تايسون البالغ من العمر (57 عاماً) إلى الحلبة قريباً، حيث يستعد الآن لمواجهة صانع المحتوى الأمريكي جيك بول في نزال رسمي وذلك في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري.
وكان من المقرر أن يُقام النزال يوم 20 يوليو/ تموز الماضي، غير أن المنظمين أعلنوا تأجيله بسبب معاناة تايسون من أعراض قرحة في المعدة.
حينها وجّه تايسون رسالة إلى بول قال فيها: “هذا التأجيل سيمنحك بعض الوقت كي تستعد جيداً، لكنك في النهاية ستهزم بالضربة القاضية وستترك الملاكمة إلى الأبد”.