نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين الأربعاء 14 أغسطس/آب 2024، أن احتمالات إضعاف حركة حماس في غزة تضاءلت بشكل كبير، رغم ما انتهجته إسرائيل من قصف مستمر وواسع خلال عمليتها العسكرية في القطاع، والذي لا يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر على المدنيين.
المسؤولون الأمريكيون شددوا على أن “إسرائيل قامت بإضعاف “حماس” بشكل جدي وفي كثير من النواحي، ألحقت العملية العسكرية الإسرائيلية أضرارا أكبر بكثير بحماس مما توقعه المسؤولون الأمريكيون عندما بدأت الحرب في أكتوبر، لكنها لن تستطيع القضاء على الحركة بشكل كامل”، مؤكدين أن إسرائيل حققت كل ما تستطيع تحقيقه على الصعيد العسكري في غزة.
ورغم ادعاء جيش الاحتلال أنه قضى على نصف قيادة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، لكن وفقًا لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين حاليين وسابقين، لم تتمكن تل أبيب من تحقيق أكبر الأهداف المتبقية وهي “إعادة نحو 115 أسيرا إسرائيليا حياً وميتاً” من قطاع غزة بعد أسرهم في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
الحل الدبلوماسي
المسؤولون الأمريكيون أوضحوا أنه “رغم ما حققته القوات الإسرائيلية من نجاحات في الصراع لكنها قالت إن الصراع لا يمكن أن ينتهي إلا دبلوماسياً، لأنه السبيل الوحيد لاستعادة الأسرى”.
ويأتي التقييم الأخير في الوقت الذي ينتشر فيه عدد من مسؤولي الإدارة الأمريكية في مختلف أنحاء المنطقة لمحاولة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وربما تجنب هجوم انتقامي من جانب إيران وحلفائها رداً على الاغتيالات الإسرائيلية الأخيرة لقادة كبار بالوكالة مدعومين من إيران، بحسب مسؤولين أمريكيين.
وسلطت الصحيفة الأمريكية الضوء على التوترات التي انفجرت داخل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى العلن مرة أخرى هذا الأسبوع بعد أن ذكرت وسائل الإعلام أن وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت شكك في هدف رئيس الوزراء المتمثل في “النصر الكامل” على حماس في اجتماع مغلق.
الصحيفة أوضحت أن “الإدارة الأمريكية تتفق مع وجهة نظر غالانت بأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي يعيد الرهائن هو في مصلحة إسرائيل”.
شبكة الأنفاق
في نظر المحللين الأمريكيين، كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة برفح أشبه باستراتيجية “ضرب آخر معقل لحماس”. ومع حصول إسرائيل على معلومات استخباراتية عن احتمال إعادة تجميع مقاتلي حماس، تحركت قوات الدفاع الإسرائيلية لملاحقتهم.
ولكن المسؤولين الأمريكيين يشككون في أن هذا النهج سوف يسفر عن نتائج حاسمة. فمن أجل منع استهداف مقاتليها، حثت حماس مقاتليها على الاختباء في شبكة الأنفاق الضخمة تحت غزة أو بين المدنيين. ومنذ بداية الحرب، كانت الاستراتيجية الأساسية لحماس هي البقاء، وهذا لم يتغير، كما قال المسؤولون الأمريكيون.
ورفض ياكوف أميدرور، وهو لواء متقاعد عمل مستشاراً للأمن القومي لدى نتنياهو، فكرة أن إسرائيل لم يعد لديها ما تكسبه في غزة من خلال القوة.
ورغم أن إسرائيل حاولت تدمير الأنفاق، إلا أنها لم تنجح في تدميرها، كما قال مسؤولون أميركيون للصحيفة مشيرين إلى أن بعض مجمعات الأنفاق الأكبر حجماً، التي استخدمتها حماس كمراكز قيادة، قد أصبحت غير صالحة للعمل. ولكن الشبكة أثبتت أنها أكبر كثيراً مما توقعت إسرائيل، ولا تزال تشكل وسيلة فعّالة لحماس لإخفاء قادتها ونقل مقاتليها.
وأوضحت الصحيفة أنه “رغم أن قوات الاحتلال استولت على أراضٍ وقتلت مقاتلي حماس من شمال القطاع إلى جنوبه، فإنها اضطرت مراراً وتكراراً إلى العودة إلى القطاع مع إعادة تنظيم مقاتلي حماس.”
على سبيل المثال، قالت الصحيفة: “نجحت إسرائيل في إضعاف قبضة حماس في مخيم جباليا في شمال غزة، ولكنها اضطرت إلى العودة إلى المنطقة في مايو/أيار بعد أن أعادت الكتائب تشكيل صفوفها”.
ووفقا للصحيفة، فإن المسؤولين الحاليين والسابقين في البنتاغون “يشكون من أن إسرائيل لم تثبت بعد قدرتها على تأمين كل المناطق التي سيطرت عليها في غزة، وخاصة بعد انسحاب قواتها، وحتى عندما تستخدم إسرائيل قنابل صغيرة القطر تزن 250 رطلاً لتدمير جيوب المقاومة، كما حثها المسؤولون الأمريكيون على القيام بذلك، فإن جيشها ينتهي به الأمر إلى قتل المدنيين، كما حدث في نهاية الأسبوع الماضي عندما تعرضت مدرسة تؤوي النازحين من غزة لغارة جوية.”
من جهته، قال رالف جوف، المسؤول الكبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والذي خدم في الشرق الأوسط: “حماس استُنزفت إلى حد كبير ولكنها لم تُقضَ عليها تماماً، وربما لا يتمكن الإسرائيليون أبداً من تحقيق الإبادة الكاملة لحماس”.
ولكن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن إسرائيل حققت انتصاراً عسكرياً ذا مغزى. ويزعمون أن حماس لم تعد قادرة على التخطيط أو تنفيذ هجوم بحجم هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأن قدرتها على شن هجمات إرهابية أصغر حجماً على إسرائيل أصبحت موضع شك.