أشارت تقديرات أممية إلى أن عدد حالات التهاب الكبد الوبائي (أ) في غزة بلغ نحو 40 ألف حالة منذ بدء الحرب، مقارنة بنحو 85 حالة فقط في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2022 إلى يوليو/تموز 2023 بسبب لجوء سكان القطاع إلى شرب المياه الملوثة، بحسب تقرير نشره موقع إن بي سي نيوز الأمريكي، الإثنين 11 أغسطس/آب 2024.
هذا بالإضافة إلى أكثر من مليون حالة إصابة جديدة بالالتهاب التنفسي الحاد، وأكثر من نصف مليون حالة إسهال حاد وأكثر من 100 ألف حالة يرقان (الصفار الأبيض). وفي الفترة من أكتوبر/تشرين الأول إلى أواخر يونيو/حزيران، سجلت منظمة الصحة العالمية أيضا نحو 65 ألف حالة طفح جلدي.
ورصد تقرير الموقع الأمريكي حالات لأطفال أصيبوا بالطفح الجلدي في قطاع غزة ومن بينهم حالة الطفلة صبحية البالغة من العمر سبعة أشهر، والتي أخبر الأطباء والدتها أنَّ الطفح الجلدي الذي يظهر على جلدها هو نتيجة لبكتيريا من المياه الملوثة.
والطفلة التي ولدت بعد أشهر قليلة من شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، هي واحدة من العديد من الأطفال الصغار في غزة الذين أصيبوا بأمراض مرتبطة بشرب أو الاستحمام في مياه ملوثة، وفقاً لأسر وأطباء ومنظمات إنسانية في المنطقة. وتشمل المشاكل الشائعة التهاب الكبد والتهابات الجلد.
وفي مقابلة أجريت الشهر الماضي، نقل موقع إن بي سي نيوز عن سمر حمودة، والدة صبحية، قولها إنَّ أسرتها اضطرت إلى الفرار من شمال غزة وكانت تقيم في منطقة إخلاء في مدينة خان يونس الجنوبية التي أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء المناطق الشرقية بها يوم الجمعة.
وقالت حمودة: “لقد جئنا إلى هنا لنواجه ظروفاً أسوأ، فلا يوجد مكان نظيف للإقامة، ولم نجد مياهًا صالحة للشرب حتى يتمكن أطفالنا من الاستحمام”.
وأضافت حمودة أن صبحية حصلت على أدوية وصفها لها الأطباء، لكن الأسرة لم تتمكن من العثور عليها.
بنية تحتية مدمرة
ووفقاً للموقع الأمريكي، تعتمد منظومة المياه في غزة بشكل كبير على الآبار ومحطات تحلية المياه، ولكن الكثير من هذه البنية الأساسية قد دُمرت. وفي الشهر الماضي، قدرت منظمة أوكسفام الدولية أن جميع محطات تحلية المياه في غزة و88% من آبار المياه قد دمرت أو تضررت.
وبحسب منظمة أوكسفام، فإن جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي في غزة و70% من مضخات الصرف الصحي قد اختفت أيضاً. ونتيجة لهذا، انخفضت كمية المياه المتاحة في غزة بنسبة 94% منذ بدء الحرب، إلى أقل من 5 لترات يومياً للفرد، حسب تقديرات المنظمة.
وتقول الأمم المتحدة إنَّ الناس في حالات الطوارئ يحتاجون إلى 15 لتراً على الأقل يومياً.
كما حاولت المنظمات الإنسانية المساعدة في إصلاح البنية التحتية وتركيب خزانات الصرف الصحي وتوزيع المياه النظيفة وأقراص الكلور، لكن وصولها إلى القطاع المحاصر محدود للغاية. لذا تُرك السكان للشرب والاستحمام في مياه البحر غير المعالجة الملوثة بمياه الصرف الصحي، دون صابون أو مطهرات.
ونقل موقع إن بي سي عن ستيف موريسون، نائب الرئيس الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث غير ربحي، قوله: “ليس لديك تدفق كبير من المياه الصالحة للشرب القادمة عن طريق شاحنات الصهاريج التي تعبر الحدود، ولم تنجح جهود تحلية المياه، وليس لديك معالجة لمياه الصرف الصحي تعمل على خفض التلوث البرازي”.
ويمكن أن يؤدي تناول الطعام أو الماء الملوث بالبراز إلى الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي أ، وهو مرض يصيب الكبد ويمكن أن يشفى من تلقاء نفسه – ولكن سوء التغذية والصرف الصحي يمكن أن يزيد من خطر حدوث مضاعفات.
وقال الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال بمستشفى ناصر بخان يونس، في يونيو/حزيران الماضي: “إن مرض التهاب الكبد الوبائي (أ) منتشر على نطاق واسع في قطاع غزة هذه الأيام بسبب سوء الصرف الصحي وسوء نوعية الغذاء وتلوث المياه”.
وقال علاء البطة، رئيس بلدية خانيونس، إن 30 بئر مياه على الأقل جنوب قطاع غزة تمَّ تدميرها الشهر الماضي.
وأضاف أن “جزءاً كبيراً من الآبار الأخرى يقع في مناطق الإخلاء ونخشى أن يتم تدميرها، ونحن نعاني من أزمة مياه حادة”.
وتقول نسرين القرا، التي نزحت مع عائلتها وتقيم في خانيونس منذ الأسبوع الماضي، إنها واجهت طوابير طويلة للحصول على مياه الاستحمام.
وأضافت القرا: “نشرب الماء المالح مرات عديدة، ولا نفكر فيما سيحدث لنا لاحقاً، المهم هو أن أشرب عندما أشعر بالعطش، وهذا كل شيء”.
فيروس شلل الأطفال
فيما قالت الأمم المتحدة إن جهوداً تجري لاستعادة الكهرباء في محطة تحلية المياه في جنوب غزة، والتي يمكن أن توفر المياه النظيفة لنحو مليون شخص.
ولكن في الوقت نفسه، تتزايد التهديدات الصحية المرتبطة بالمياه القذرة.
فقد كشفت وزارة الصحة بقطاع غزة عن “كارثة صحية جديدة” مع رصد الفيروس المسبب لشلل الأطفال في مياه الصرف الصحي.
وأشارت في بيان إلى “إجراء فحوصات لعينات من الصرف الصحي بالتنسيق مع (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) اليونيسيف، وأظهرت النتائج وجود الفيروس المسبب لشلل الأطفال”.
وتخطط منظمة الصحة العالمية لتوزيع 1.2 مليون لقاح شلل الأطفال في غزة في الأسابيع المقبلة.
لكن موريسون قال إن جهود التطعيم تواجه تحديات كبيرة. إذ يجب تخزين الجرعات في درجات حرارة باردة حتى لا تفسد، ومن غير الواضح ما إذا كان هناك عدد كافٍ من مقدمي الرعاية الصحية لإدارتها.