تواجه المنطقة أسبوعاً دراماتيكياً فيما يتعلق بصفقة “تبادل الأسرى” بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، تشمل وقفاً لإطلاق النار في غزة، مع مخاوف أمريكية من تصعيد يتحول إلى حرب إقليمية مع تهديد إيران وحزب الله بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والقيادي بحزب الله فؤاد شكر.
حيث يمارس الأمريكيون ضغوطاً شديدة على دول المنطقة، لمنع الحرب الإقليمية، وسط حراك مكوكي لمسؤولين فيها للبدء بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
ورغم الدعوة الثلاثية من الدول الوسطاء، لاستئناف المفاوضات، وإعلان إسرائيل استعدادها لإرسال وفدها المفاوض للمشاركة في المحادثات، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصر على وضع العراقيل بشأنها، وسط تهديدات متجددة من حلفائه بحل الائتلاف الحكومي.
وقال مصدر إسرائيلي لهيئة البث الإسرائيلية، إن تل أبيب تعتبر لقاء الخميس المقبل، بمثابة آخر فرصة للتوصل إلى صفقة، لأن الأسرى الإسرائيليين “يموتون”.
ما موقف حركة حماس من البيان الثلاثي والعودة لمفاوضات صفقة “تبادل الأسرى”؟
ولم تصدر حركة حماس موقفاً رسمياً حتى الآن، على البيان الثلاثي لأمريكا وقطر ومصر بشأن العودة إلى المفاوضات في 15 أغسطس/آب الجاري.
مصدر في حركة حماس أوضح لـ”عربي بوست” أن الحركة تعاملت بإيجابية مع كل جولات المفاوضات، لكن نتنياهو وحكومته يضعون العراقيل ويماطلون، مشيراً إلى أن حركته معنية بوقف العدوان على غزة، وترحب بكل الجهود والمواقف التي تعمل لتحقيق ذلك.
المصدر أشار إلى أن نتنياهو وحكومته وضعوا شروطاً جديدة، ومطالب إضافية لم يتم تداولها أو التطرق إليها في كل الجولات السابقة، ما يمثل ذلك إلى جانب اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة، إمعاناً في قطع الطريق أمام التوصل إلى اتفاق.
وتطالب الحركة ، بحسب المصدر ، بالبدء في تنفيذ المقترح الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في أيار/مايو الماضي، وتضمن في قرار مجلس الأمن، والذي رحبت به حماس في حينه.
كما تطالب الحركة، من الوسطاء بالضغط على نتنياهو وإلزامه بقبول المقترح الذي تم عرضه، مشددة على أن المطلوب البناء على ما تم التوصل له، وليس البدء من جديد.
وتشير القناعات لدى حركة حماس، بأن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، ولا يريد التوصل لاتفاق، وأنه يحاول كسب مزيد من الوقت.
في الإطار، نوّه المصدر إلى أن ارتكاب جيش الاحتلال للمجزرة التي طالت مدرسة التابعين في غزة، بعد يوم واحد من البيان الثلاثي ، يؤكد النوايا الحقيقية لنتنياهو وحكومته بتصعيد عدوانهم وعرقلة التوصل إلى اتفاق.
إلى ذلك، فإن هناك اختلافات في المواقف بين حركة حماس والاحتلال تبعد إمكانية التوصل إلى صفقة، تتمثل في:
أولاً: محور فيلادلفيا ومعبر رفح:
حيث تطالب إسرائيل بسيطرة الجيش على محور فيلادلفيا، وفي تصريحات سابقة لنتنياهو أكد تمسكه بذلك.
في المقابل تطالب حركة حماس بالانسحاب الكامل من المحور، وفتح معبر رفح البري، رافضة أي أطروحات إسرائيلية بشأن السيطرة عليه سواء من أطراف عربية، أو أطراف فلسطينية دون توافق.
في الإطار، قال موقع “أكسيوس” الأمريكي، إنه من المتوقع أن يتوجه مستشار بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكجورك، إلى القاهرة لإجراء محادثات مع مسؤولين مصريين وإسرائيليين، في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وغزة، بحسب مسؤولين أمريكيين.
وقال مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن الترتيبات تركز على نظام مشترك لمنع تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة، والاتفاق على إعادة فتح معبر رفح.
ثانيا: عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله
من الشروط الجديدة، التي وضعها نتنياهو بشأن صفقة “تبادل الأسرى”، تتعلق بمنع عودة من سماهم “المسلحين الفلسطينيين” من جنوب القطاع إلى شماله.
حيث تريد حكومة الاحتلال تفتيش النازحين العائدين عند محور نتساريم الذي أقامه الجيش قرب مدينة غزة، ويفصل شمال القطاع عن جنوبه.
لكن حركة حماس، ترفض ذلك، وتطالب أيضاً بانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم .
ثالثا: “تبادل الأسرى” بين الجانبين
بحسب القناة
12
الإسرائيلية، فإن إسرائيل تطالب باستلام قوائم بأسماء المفرج عنهم مسبقاً من الأسرى الإسرائيليين.
لكن مصادر لعربي بوست أشارت إلى أن حكومة الاحتلال أعادت شرطها المتمثل، بتحديد عدد وأسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء، الأمر الذي ترفضه حركة حماس.
إلى ذلك، تضع إسرائيل “فيتو” على إطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين، وتشير المصادر إلى أن العدد يتمثل ب”150 أسير”، وافق الاحتلال الإفراج عن عدد منهم مقابل إبعادهم خارج الأراضي الفلسطينية.
وفي 4 أغسطس/آب 2024,كشفت القناة 13 الإسرائيلية، أن نتنياهو وضع شرطاً يتضمن إبعاد 150 أسير فلسطيني من المتهمين بقتل إسرائيليين إلى تركيا وقطر.
لكن حركة حماس، تطالب بأن يتم الإفراج عن هؤلاء الأسرى إلى أماكن سكنهم، وفي ذات الوقت تريد أن يكون لها الحق في تحديد هوية الأسرى الأمنيين خلال تنفيذ الصفقة.
رابعا: وقف الحرب على غزة
وتطالب إسرائيل بأن تكون قادرة على العودة إلى القتال في نهاية المرحلة الأولى من الاتفاق، إذا لم يتم التوافق بشأن المرحلة الثانية.
وفي 5 أغسطس/آب 2024,كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت“، أن نتنياهو ينتظر رسالة ضمانات أمريكية، بـاستنئاف الحرب إن تعثرت الصفقة في مرحلتها الثانية.
بحسب الصحيفة، فإن الرسالة الأمريكية تتعلق بإمكانية استمرار الحرب بين المرحلتين الأولى والثانية من صفقة “تبادل الأسرى”، إذا لم تسر الاتصالات على ما يرام.
كما لفتت إلى أن نتنياهو ينوي المطالبة، من بين أمور عدة، بنزع سلاح حركة حماس، وإبعاد قادتها، كشرط للانتقال للمرحلة الثانية من الصفقة.
من جانبها، تطالب حماس بحل الإشكاليات التي قد تنشأ خلال تنفيذ الصفقة، دون استمرار القتال، كما تشدد على أن الصفقة تنتهي بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة.
وبينما أعرب الاحتلال الإسرائيلي عن رفضه للبند 14 والمتعلق بوقف الحرب، فإن حركة حماس تطالب بإزالة نص “بذل كل جهد”، بحيث يتضمن النص أن “يضمن الوسطاء الأمريكي والقطري والمصري وقف إطلاق النار الدائم مع انتهاء الصفقة”.
عقبة سموتريتش وبن غفير
ورغم الخلافات التفصيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى، إلا أن هناك مهدداً آخر يعيق إمكانية التوصل للاتفاق، وهو معارضة وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير للصفقة.
وفي أحدث اعتراض، قال سموتريتش يوم الجمعة الماضي، إنه “لم يحن الوقت لفخ خطير يملي فيه الوسطاء علينا صيغة ويفرضون علينا اتفاق استسلام” في إشارة إلى البيان الثلاثي بشأن استئناف المفاوضات.
سموتريتش في تصريحاته اعتبر أنه “حان وقت إطلاق سراح المختطفين منذ زمن طويل. ولم يحن الوقت حقا لإطلاق سراح البغيضين الذين قتلوا اليهود”، وفق تعبيره
وقال: “وفوق كل شيء، لم يحن الوقت حقا لصفقة استسلام من شأنها أن توقف الحرب قبل تدمير النازيين من حماس وتسمح لهم بإعادة التأهيل والعودة إلى قتل اليهود مرة أخرى”، على حد زعمه.
كما أضاف سموتريتش: أدعو رئيس الوزراء إلى عدم الوقوع في هذا الفخ وعدم الموافقة حتى على أدنى انحراف عن الخطوط الحمراء التي وضعها، وهي أيضا إشكالية جداً.”
أما بن غفير، فقد أعرب عن استيائه، عن فكرة إجراء المفاوضات مع حركة حماس، واصفا ذلك بـ”الخطأ الفادح”، منتقداً نتنياهو بشدة قائلاً: “ما هذا الهراء”.
وأضاف في تصريحات صحفية: “ينبغي الاستمرار في سحق حماس، وليس التراجع إلى صفقة غير شرعية” على حد تعبيره.